6.7 مليار ريال حجم سوق الطباعة في الخليج .. والسعودية الأكبر بـ 44%
6.7 مليار ريال حجم سوق الطباعة في الخليج .. والسعودية الأكبر بـ 44%
لا يزال الحوار دائرا حول مستقبل الطباعة الورقية في ظل نمو القراءة الإلكترونية، وهي جدلية يتجاذبها تيارا المكانة الراسخة لعادة قراءة الكتب والصحف والمجلات الورقية بين ملايين من القراء المنتشرين عبر مختلف الدول العربية، وتنامي تأثير التقنية الحديثة، من الانتشار النسبي للإنترنت وأجهزة الكمبيوتر في إيجاد أساليب نوعية حديثة تخاطب الوعي الجديد الذي يمثله جيل الشباب، الشريحة الأوسع في وعي مجتمعاتنا العربية الحديث، ولكن يبقى السؤال المطروح: إلى أي مدى استطعنا في الدول العربية بناء القاعدة المعلوماتية القادرة على مجاراة هذا النمو التقني الكبير في العالم، خصوصا مع قاعدة صناعة الطباعة المترسخة على مدى تاريخ الثقافة العربي الحديث، وبالتالي إلى أي مدى تأثرت سلوكيات القراءة لتتحول من مفهوم القراءة الورقية إلى الإلكترونية؟
والإجابة عن هذا السؤال تقودنا نحو مفارقة حقيقية تتشكل في انتعاش قطاع الطباعة التي تعكسها معدلات نمو طباعة الصحف والكتب والمجلات العربية، وواقع قطاع المعلوماتية في الوطن العربي، حيث لا تزال نسبة انتشار الإنترنت في الدول العربية نحو 12.5 في المائة من إجمالي السكان، فيما تبلغ نسبة مستخدمي الإنترنت في الدول العربية إلى عدد المستخدمين في العالم نحو 7 في المائة، حيث تشير البيانات المتاحة إلى أن معدل انتشار استخدام الإنترنت بين السكان العرب لا يزيد على 6 في المائة، وهو بذلك من أدنى المعدلات العالمية، ومن بين 320 مليون نسمة يملك فقط 14 مليون فرد حاسبا آليا.
وفي الطرف الآخر من المعادلة يقدر حجم سوق الطباعة في دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2006 نحو 6.7 مليار ريال مسجلا نموا سنويا متراكما بلغ 8.3 في المائة خلال الفترة من 2004 إلى 2006، فيما تعتبر سوق الطباعة في السعودية الأكبر في المنطقة بتمثيلها لـ 44 في المائة من حجم سوق الطباعة في منطقة الخليج، حيث بلغ حجم السوق في المملكة نحو 2.9 مليار ريال في نهاية عام 2006، بمعدل نمو سنوي متراكم بلغ نحو 7.5 في المائة بين عامي 2004 و2006، تليها حجما سوق الطباعة في الإمارات بما يعادل 2.5 مليار ريال للفترة نفسها وهو ما يمثل 38 في المائة من إجمالي السوق في المنطقة، بحيث تشكل سوقا السعودية والإمارات مجتمعتين نحو 82 في المائة من حجم السوق الكلي للطباعة في بلدان الخليج.
وعلى الرغم من وجود بعض المبادرات لرفع الوعي التكنولوجي في المجتمعات العربية، ما زالت هناك صعوبة في الحصول على أجهزة الحاسب الشخصي لمعظم السكان، وبينما يوجد تطور معتدل في الوصول إلى الإنترنت في بعض الدول العربية، فإن غالبية المجتمعات العربية تعانى نقص الخدمة وتدهورها، وهناك فجوة بين الدول العربية وبعضها البعض، ففي حين لا تتعدى نسبة الحاسبات الشخصية في سورية 1.6 في المائة بالنسبة لكل 100 ساكن أو 36 مستعملا للإنترنت من بين كل عشرة آلاف مواطن، تتصدر الإمارات من حيث نسبة مستخدمي الإنترنت من بين سكانها، حيث بلغت لديها 29،9 في المائة، لتتبعها البحرين بنسبة 17 في المائة ، ثم قطر بنسبة12.81 في المائة، فالكويت بنسبة 11،29 في المائة، وعلى الرغم من ارتفاع مستوى المعيشة في السعودية، إلى أنها تأتي في المرتبة التاسعة بعد تونس وقبل فلسطين، حيث لا تتجاوز النسبة لديها 2.68 في المائة من مجموع السكان، وعلى الرغم من أن هناك 300 مليون عربي يتحدثون العربية بما يجعل العربية اللغة السادسة في العالم من حيث عدد المتحدثين بها، إلا أن عدد مواقع الشبكة الدولية للمعلومات باللغة العربية لا يزيد على 5 في المائة فقط من كل مواقع الشبكة، وربما تحسن الوضع قليلا في السنوات التالية.
وتعتبر السعودية من الدول الرائدة في منطقة الخليج في استخدام آلات الطباعة الحديثة، خصوصا بعد دخول الشركات الأجنبية للصناعة ونمو الطلب على الطباعة التجارية في فترة التسعينيات من القرن الماضي، وأصبحت سوق الطباعة في المملكة من أكبر أسواق المنطقة من حيث الحجم نظرا لوجود أكبر تعداد سكاني، وأكبر عدد من الناشرين، حيث بلغ حجم النسخ المباعة من الصحف يوميا في المملكة نحو 1.5 مليون نسخة ومليوني نسخة من المجلات شهرياً، حيث تشكل الصحف والمجلات معا نحو 24.4 في المائة من سوق الطباعة في السعودية، بحجم يقدر بنحو 722.6 مليون ريال خلال 2006.
وتشير دراسات متخصصة إلى أن حجم الطلب على سوق الطباعة المتعلق بالصحف في المملكة يقدر بنحو 328.9 مليون ريال في نهاية عام 2006، بنسبة نمو بلغت 8.1 في المائة، وتعد المملكة أكبر سوق لطباعة الصحف بين دول مجلس التعاون الخليجي بحجم يقدر بنحو 44 في المائة من إجمالي سوق الطباعة في منطقة الخليج.
وبشكل عام، هناك العديد من المبادرات التي شهدها العالم العربي في السنوات الخمس الماضية، فهناك تقدم يمكن قياسه في أعمال الشبكات والكثافة الهاتفية والاتصالات الداخلية والخارجية، وخير مثال على ذلك برامج تسهيلات الحكومة الإلكترونية، وانتشار مزودي خدمات الشبكة الدولية للمعلومات ISP ودخول القطاع الخاص مشاركا أساسيا في نطاقها، وهو ما يوفر بيئة ملائمة لتطوير المعلوماتية والأنشطة الاقتصادية والتجارية المرتبطة بها، وتتميز دول الخليج بعدد سكان قليل واستثمارات ضخمة تستخدم لتحسين شبكات الاتصال القومية بحيث يمكنها مسايرة نظرائها على المستوى العالمي. ولكن الفقر في الوعي التكنولوجي والرفض الطبيعي لأي وسط أو سياق تحكمه اللغة الإنجليزية، تعد من الأسباب الكبرى وراء بطء انتشار المعلوماتية في أنحاء عديدة من العالم العربي، في الوقت الذي تحاول فيه بعض الدول مثل السعودية تجاوز تحفظاتها بخصوص استعمال الشبكة الدولية للمعلومات بشكل معقول ومقبول، وذلك من خلال خطط ربط كل المدارس السعودية بالشبكة ضمن ما يعرف بالمشروع الوطني السعودي، نجد أن دولا عربية أخرى ما زالت تفرض قيودا شتى على استعمال الشبكة لدى مواطنيها، وتحظر عليهم استخدام أو الوصول إلى قائمة طويلة جدا من المواقع البحثية والإعلامية والسياسية، من هذا كله تبقى القراءة الورقية هي السائدة في عالمنا العربي على الرغم من تيار التطوير المستمر داخل هيكل قطاع المعلوماتية، مما يبقي الجدلية ما بين قوة صمود عادة قراءة المطبوعات الورقية من صحف ومجلات وكتب أمام حتمية تزايد انتشار عادة القراءة من مصادر متاحة على شبكة الإنترنت في المستقبل المنظور.