دراسة: النظام منح لجنة فصل منازعات الأوراق المالية صلاحيات تتجاوز مهام القضاء المتخصص
بينت دراسة حول تسوية المنازعات في قضايا الخدمات المالية أن لجنة "الفصل في منازعات الأوراق المالية" ذات اختصاص واسع يشمل قضاء إداريا وشرعيا ومدنيا وقضاء تعويض، كما أن اسمها لا يعبر عن اختصاصها وقاصر عن التعبير عما أنيط بها من مهام وصلاحيات منحها إياها نظام سوق المال.
ويرى معد البحث المحامي الدكتور ماجد قاروب أنه إذا كانت غاية النظام أن يعطي أقصى الصلاحيات للجنة التي تنظر المنازعات فهذا أمر محمود، غير أننا نرى ألا تصل هذه الصلاحيات إلى هذا الحد الذي يتجاوز حدود القضاء المتخصص، في حين أنها لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي.
لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية
أكدت الدراسة أن اختصاص اللجنة يتمثل في الفصل في جميع المنازعات التي تقع في نطاق أحكامه ولوائحه ولوائح الهيئة والسوق وقواعدهما في الحقين العام والخاص، كما يحق لها النظر في التظلم من القرارات والإجراءات الصادرة عن الهيئة أو السوق. واعتبرت الدراسة أن اختصاص اللجنة بهذا الشكل اختصاص واسع ورحب لم يسبق للأنظمة الأخرى أن منحته لجانها ذات الاختصاص القضائي، فقد منح بذلك نظام سوق المال هذه اللجنة اختصاصات قضاء وقضاء شرعي ومدني وقضاء تعويض.
واعتبرت الدراسة أن اللجنة منحت جميع الصلاحيات الضرورية للتحقيق والفصل في الشكوى بما في ذلك سلطة استدعاء الشهود وإصدار القرارات، وفرض العقوبات والأمر بتقديم الأدلة والوثائق، وحق إصدار قرار التعويض، وطلب إعادة الحال كما كانت عليه أو إصدار قرار آخر يكون مناسبا ويضمن حق المتضرر.
وأوضحت أن نظام السوق المالية عهد إلى الهيئة إنشاء هذه اللجنة وتكونها من مستشارين قانونيين لم يحدد عددهم متخصصين في فقه المعاملات والأسواق المالية يتمتعون بخبرة وليس لهم مصالح مالية أو تجارية مباشرة أو غير مباشرة أو صلة قرابة حتى الدرجة الرابعة بأصحاب الشكوى المرفوعة أمام اللجنة. ويرى الباحث أن النظام ترك تحديد عدد الأعضاء اللجنة للائحة التنفيذية، ومما يحمد لهذا النظام أنه اهتم خلافا للأنظمة الأخرى بألا يحدد اختصاص المستشارين القانونيين على وجه الدقة بقدر الإمكان، وأهتم بإتخاذ الحيطة تجاه أعضاء اللجنة على ألا تكون لهم مصلحة أو صلة قرابة بأصحاب الشكوى.
وبينت أن النظام حظر إيداع أي شكوى أو صحيفة دعوى لدى اللجنة إلا إذا تم إيداعها أولا لدى هيئة سوق المال وقبل مضي 90 يوما من تاريخ إيداعها، واستثنى من ذلك الإيداع لدى اللجنة إذا أجازت الهيئة الإيداع قبل انقضاء المدة. كما أناط النظام باللجنة النظر مباشرة في الشكوى خلال مدة لا تزيد على 14 يوما من تاريخ إيداع الشكوى لدى اللجنة.
وقد نص النظام على جواز استئناف القرارات الصادرة من اللجنة أمام لجنة الاستئناف خلال 30 يوما من تاريخ إبلاغها، حيث يرى الباحث أنها تحتاج تعديل مؤاده جواز الاستئناف أمام لجنة الاستئناف خلال 30 يوما من تاريخ إبلاغ المخالف أو الخصوم بالقرار الصادر في الشكوى أو الدعوى من لجنة الفصل في الأوراق المالية.
وحول تشكيل اللجنة فإنه يتم بقرار من مجلس الوزراء مكون من ثلاثة أعضاء يمثلون وزارة المالية ووزارة التجارة والصناعة وهيئة الخبراء في مجلس الوزراء لفترة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، وبينت أن صلاحيات لجنة الاستئناف وفقا لتقديرها رفض النظر في القرارات التي تصدرها لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية أو تأكيد تلك القرارات أو إعادة النظر في الشكوى أو الدعوى من جديد استنادا إلى المعلومات الثابتة في ملف الدعوى أمام لجنة الفصل وإصدار القرار الذي تراه مناسبا في موضوع الشكوى أو الدعوى، وتعد قرارات لجنة الاستئناف نهائية.
وأشار البحث إلى أن الخدمات المالية في المملكة تخضع للأنظمة المالية العامة المطبقة، ومنها أنظمة جباية أموال الدولة، ضريبة الدخل، جباية الزكاة، الجمارك، مؤسسة النقد العربي السعودي، مراقبة البنوك، ديوان المراقبة العامة وغيرها من الجهات الرسمية، وكذلك فإن الخدمات المالية ترتبط بأنظمة التجارة والاقتصاد والاستثمار التي تزيد على 26 نظاما وكذلك أنظمة العقار، إلى جانب نظام السوق المالية ونظام التمويل العقاري.
واستعرضت الدراسة تسوية المنازعات في السوق المالية والبنوك والتأمين والتمويل العقاري. وبحثت الدراسة منازعات الأوراق المالية في السوق المالية السعودية حيث ذكرت الدراسة بصدور نظام الأوراق المالية واللوائح التنفيذية عن سلوكيات السوق وكيفية طرح الأوراق المالية وقواعد تسجيلها وإدراجها، واعتبرت الدراسة أن نظام السوق المالية جديد في مفهومه ومضمونه فقد حفل بالعديد من الأحكام التي ستأخذ الكثير من الجهدد لإحلالها محل التطبيق وستحتاج إلى الوقت لاستيعابها فهما وعملا.
لجنة تسوية المنازعات المصرفية
وصفت الدراسة لجنة تسوية المنازعات المصرفية بأنها ذات طبيعة خاصة لا يمكن اعتبارها محكمة مختصة للنظر في المنازعات المصرفية، ولا يجوز لها النظر في القضايا المرفوعة أمامها بمجرد عرضها عليها. وقد أفادت الدراسة أن الأمر السامي تضمن أمرا صريحا للجنة برفع كافة ما يقدم لها من قضايا إلى ديوان رئاسة مجلس الوزراء قبل معالجتها من قبلها، مما يعني – حسب رأي الدراسة - وجوب موافقة ديوان مجلس الوزراء المسبقة على قيام اللجنة بالنظر في أية قضية تعرض عليها، فضلا عن أن الأمر السامي تضمن صراحة إحالة النزاع إلى المحكمة المختصة إذا قررت اللجنة عدم توصلها إلى تسوية مرضية، مما يعني أنها ليست محكمة مختصة بإصدار أحكام نهائية.
وقالت الدراسة إن لجنة تسوية المنازعات المصرفية في مؤسسة النقد العربي السعودي مكونة من ثلاثة أعضاء من ذوي الاختصاص لدراسة القضايا بين البنوك وعملائها من أجل تسوية الخلافات وإيجاد الحلول المناسبة للطرفين وفق الاتفاقيات الموقعة.
وذكرت الدراسة أن اختصاص اللجنة مقتصر على القضايا المصرفية فقط ولا تنظر في قضايا بنوك التسليف وغيرها من البنوك التنموية الأخرى، مشيرة إلى أن اللجنة تقرر الإجراءات الخاصة لضمان تسوية القضايا بما في ذلك الجهات الحكومية بحجز ما لديها من مستحقات للمدين لتسديد المطالب، ويجوز لها أن توصي بالحجز على أموال المدين ومنعه من السفر، كما يجوز للجنة في حال عدم تعاون المدين مع اللجنة في التسوية مع البنك أن تمنعه من التعامل مع الأجهزة الحكومية أو البنوك. كما أنها تنظر في أي مطالبة يتقدم بها دائنو الأشخاص المدينين للبنوك وذلك فيما قد يكون للمدينين من مستحقات لدى الجهات الحكومية بحيث تكون البنوك أسوة بالغرماء، على أنه عند عدم توصل اللجنة إلى قرار تسوية مرضية للطرفين يحال النزاع إلى المحكمة المختصة للبت فيه.
عوائق التمويل العقاري
أوضحت الدراسة أن طلب السعوديين على التمويل العقاري القائم على الالتزام بالشريعة الإسلامية ارتفع، ولما كانت هناك عوائق تواجه التمويل العقاري تتمثل في عدم وجود نظام للتمويل العقاري، ألمحت الدراسة عن قرب إقرار نظام جديد للتمويل العقاري حسبما أوردته الصحف - يحدد القواعد التي تحكم نشاط شركات التمويل العقاري بما في ذلك متطلبات التراخيص والأنشطة المسموح بها وإدارة الشركات والإشراف عليها وتسوية المنازعات، إضافة إلى نظام التأجير التمويلي ونظام التنفيذ ونظام الرهن العقاري. وأشارت الدراسة إلى أن الأنظمة المرتبطة وتحكم العقار في الوقت الراهن هي: نظام التصرف في العقارات البلدية، نظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، نظام صندوق التنمية العقارية، نظام تملك غير السعوديين العقار واستثمارات، نظام تملك مواطني مجلس التعاون العقار في الدول الأعضاء، نظام ملكية الوحدات العقارية وفرزها، نظام التسجيل العيني للعقار، ولائحة صناديق الاستثمار العقاري.
لجنة الفصل في منازعات التأمين
استعرضت الدراسة المنازعات في التأمين التعاوني حيث لخصت أهداف نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني واللائحة في حماية حقوق المؤمن لهم والمستثمرين وتشجيع المنافسة العادلة والفاعلة وتوفير خدمات تأمينية أفضل بأسعار وتغطيات منافسة، وتوطيد استقرار سوق التأمين وتطوير القطاع بما في ذلك التدريب وتوطين الوظائف.
وأضافت أن لجنة الفصل في منازعات التأمين تتشكل من لجنة أو أكثر بقرار من مجلس الوزراء بناء على توصية من وزير المالية من ثلاثة أعضاء من ذوي الاختصاص تتولى الفصل في المنازعات التي تقع بين شركات التأمين وعملائها أو بين هذه الشركات في حالة حلولها محل المؤمن عليه، والفصل في مخالفة التعليمات الرقابية لشركات التأمين وإعادة التأمين، ومخالفات مزاولي المهن الحرة.
وطالب الباحث بتعديل نظام الإدعاء أمام ديوان المظالم فيما يخص نظام الفصل في منازعات شركات التأمين في فقرة مهمة الادعاء العام أمام ديوان المظالم تمثله هيئة الادعاء العام وليس الموظفون الذين يصدر تعيينهم بقرار من وزير المالية لحضور الادعاء أمام لجنة الفصل وأمام ديوان المظالم.