الهزيمة تهدد المتشائمين بمستقبل أسواق الأسهم
تسود حالة من التوتر سوق الأسهم الأمريكية. فالشكوك التي كانت تحيط بحالة الصعود التي استمرت منذ تشرين الأول ( أكتوبر ) عام 2002 ابتدأت في التلاشي. وقد يكتسب التحرك نحو الأمام في القريب العاجل قبولا أكبر مما كان عليه في السابق خصوصا إذا نجح مؤشر (ستاندرد آند بورز 500 ) في تجاوز الرقم القياسي الذي سبق له أن سجله عام 2000عند 1527 نقطة.
هذا هو ملخص تحليلات الخبراء الفنيين الذين يصفون ما يجري حاليا بأنه ليس أكثر من آخر معارك المراهنين على هبوط أسعار الأسهم في الأسواق المالية. إلا أنهم في الوقت نفسه يحذرون المستثمرين من احتمال أن يعقب ذلك وقوع انفجار في الأسعار في وول ستريت يمكن أن يكون، إذا وقع، بمثابة آخر حالات الصعود في السوق لفترة طويلة. وتلخص مؤسسة لومبارد ستريت ريسيرتش للأبحاث في لندن الوضع القائم في نصيحة مفادها: عندما يستسلم آخر الذين يراهنون على هبوط أسعار الأسهم ، يكون قد آن الأوان للشروع في عمليات البيع.
إن العديد من المحللين الفنيين، ومن بينهم بشكل خاص ماري آن بارتيلز، من بنك ميريل لينتش , يشيرون منذ عدة أشهر لآثار مواقف صناديق التحوط الاستثمارية المشوبة بالتشاؤم في الصفقات التي تعقدها على مؤشرات البورصات الأمريكية. إذ كلما ارتفعت هذه المؤشرات، ازدادت الخسائر الناجمة عن هذه المواقف بحيث قد تجد هذه الصناديق نفسها في نهاية المطاف مضطرة لتغطية التزاماتها على نطاق واسع. وقد تكون هذه مصدرا مهما من مصادر الربح. أما المصدر الآخر، وهو المصدر الأكثر أهمية، فيقبع خلف مواقف المستثمرين من جميع الفئات الذين ينطلقون من فرضية الركود في كل بورصة من البورصات الأمريكية على حدة. من المعروف أن الالتزامات التي تتم وفقا لذلك تكلف أموالا طائلة على شكل فوائد، في حالة عدم تغير أسعار الأسهم, إذ إن على من يبيع بناء على توقع الهبوط أن يشتري ما ينوي بيعه بالقروض، التي لا بد من استمرار دفع الفوائد المستحقة عليها إلى أن تتم إعادة شرائها وبيعها ثانية ثم سداد قيمة القرض الذي استخدم أصلا في شرائها. ويرى الفنيون أن القدرات الشرائية المتوافرة لدى طرفي معادلة توقع الهبوط سالفة الذكر يمكن أن تؤدي إلى تفجر الأسعار نتيجة للهلع. إن التسليم بواقع حالة الصعود الراهنة قد اتسعت رقعته خلال الأسابيع القليلة الماضية خصوصا بعد انتشار نبأ تسليم ريتشارد راسل، أحد أبرز ممثلي نظرية داو ، وانضمامه إلى معسكر المتفائلين باستمرار حالة الصعود في الأسواق المالية، وذلك في ضوء الارتفاع الأخير الذي سجله مؤشر داو جونز ، وقد أصبح حاليا يتوقع بدء المرحلة الثالثة من مراحل التحرك طويل المدى نحو الأمام.
وعلى هذا يعلق جيفري ساوت أحد الخبراء الاستراتيجيين لدى مؤسسة ريموند جيمز بأن مثل هذه الأنباء يمكن أن تدفع بأسعار الأسهم في الأسواق المالية على المدى القصير نحو الأعلى. ولكن راسل يعرف جيدا أن نظرية داو تستند في النهاية إلى تقييم الأسهم. فنقاط الانعطاف الحاسمة للأسواق تحدث عندما يكون ثمة تقدير للأسهم يقل كثيرا عن قيمتها الفعلية هذا من ناحية ، وعندما يكون ثمة تقدير للأسهم يزيد كثيرا على قيمتها الحقيقية من ناحية أخرى. وعلى أية حال فليس واردا القول رهنا بأن هناك في ظل حالة صعود السوق تقليلاًَ من قيمة الأسهم. يضاف إلى ذلك أن ثمة أنباء وردت أخيرا حول انضمام روبرت بريشتر أحد أبرز أنصار نظرية إيليوت – ويللن إلى معسكر المتفائلين على ضوء الصعود الأخير في وول ستريت. ومن الجدير بالذكر أن بريشتر كان حتى نهاية آذار ( مارس ) الماضي يتنبأ بحدوث انهيار في السوق يجعل انهيارات عام 1987 و عام 1929 تتضاءل أمامه.
وتقول إحدى الحجج إن استمرار ارتفاع أسعار الأسهم هو نتيجة حتمية لصفقات الاندماج والاستحواذ ولكن أيضا لإعادة تخصيص عدد متزايد من الشركات المساهمة المهمة، وهو ما من شأنه أن يطلق قوى دافعة جديدة. وفي هذا يقول إدوارد يارديني، الذي كان يعمل كخبير استراتيجي لدى بعض البنوك الاستثمارية في نيويورك، ويعمل حاليا لحسابه الخاص، بأنه ليس ثمة سبب للخوف سوى جشع المستثمرين. أما الهوس الناجم عن صفقات الاندماج والاستحواذ فهو ليس سوى ظاهرة غالبا ما تطفو على السطح في نهاية مواسم صعود البورصة.