5 آلاف مواطن يتنفسون يوميا غازات سامة في الليث

5 آلاف مواطن يتنفسون يوميا غازات سامة في الليث

يتنفس أكثر من خمسة آلاف مواطن في القرى المحيطة بمحافظة الليث هواءً مشبعاً بالرماد الكربوني إثر تحلل غازات خطرة من مدافن لرماد كربوني يدفن حول قرية الليث وينقل من مخلفات إحدى الشركات.
ووقفت "الاقتصادية" على مدافن الشركة في محافظة الليث في جنوب منطقة مكة المكرمة، وقال مواطنون التقتهم "الاقتصادية" إن غازات خطرة تنبع من المدافن أثرت بشكل كبير في صحتهم، مشيرين إلى أنهم حاولوا منع الشركة من دفن تلك النفايات دون جدوى.
وكان الدكتور صدقة فاضل عضو مجلس الشورى قد حذر من خطورة تلك المدافن على الصحة العامة في مجلس الشورى قبل فترة قائلا "إن الشركة السعودية للكهرباء تستخدم في معظم محطاتها في المنطقة الغربية خاصة, الآن وقود HFO، الذي يخلف رماداً خطيراً على صحة البشر والنبات والحيوان، وقد صنف هذا الرماد دوليا ومحليا بأنه يشكل خطرا بالغا على البشر إذا لم يعالج بشكل سليم.

اعتادت الشركة (عبر مقاول) دفن مخلفات هذا الوقود (الرماد) بطرق عشوائية وخاصة في مناطق الشعيبة ورابغ. والآن هناك نية من الشركة لدفن هذا الرماد (ربما مؤقتا) في جدة وفي منطقة آهلة بالسكان وهي منطقة كيلو 14، وهي تقع في جنوب جدة ويحيط بها العمران من كل جانب، بل إن هناك مخطط أرض قيد البيع بالقرب من المكان الذي أعد للدفن.
أهالي رابغ سبق أن اشتكوا رسميا من خطر ذلك الرماد الذي يدفن بالقرب من أماكن سكناهم، وقدموا أدلة على أمراض لحقت ببعض الأهالي.
وهناك طرق تقنية للتعامل مع هذه المخلفات لم تأخذ بها الشركة, ومنها إعادة معالجة الرماد وإعادة استخدامه مع استعمال الطرق الآمنة للتعامل مع الرماد القاتل الذي يخلفه.
وطالب صدقة بوقف هذه الكارثة البيئية بأسرع ما يمكن حفاظا على صحة الناس والأمل كبير في المسؤولين في الشركة وهم من خيرة المواطنين الحريصين على المصلحة العامة أن يتخذوا الإجراء اللازم لحماية صحة الأهالي.
وتقع المدافن التي وقفت عليها "الاقتصادية" بالقرب من ميقات الجحفة، مما أسهم في تضرر العديد من المواطنين الذين أبدوا تذمرهم الشديد وقلقهم من تمدد سحب الدخان المشبعة بالكربون إلى مناطقهم، بل حتى إلى داخل منازلهم منذرين بخطر شديد قد يحدق بهم ويعرضهم لكارثة صحية كبيرة.
والتقت "الاقتصادية" أحد سائقي تلك الشاحنات، حيث كشف أن عدد مرات تفريغ هذه الشاحنات التي تكون محملة بالرماد الكربوني يصل ما بين خمس إلى سبع شاحنات يوميا، أي بمعدل 30 شاحنة تقريبا تفرغ حمولتها من الرماد الكربوني أسبوعيا متحفظا على ذكر وزن وكمية الرماد الذي يتم رميه في هذه المنطقة.
وقال عطية الجحدلي الذي اصطحب "الاقتصادية" إلى موقع دفن النفايات إنهم يعيشون منذ عدة أشهر تحت سحب من الدخان الكربوني كريهة الرائحة، التي لم يكونوا يعرفونون مصدرها في البدء وسط رواج شائعات بين الأهالي حول مصدر هذا الدخان، مشيراً إلى أنه في البدء لم يكن يمثل غير سحب من الدخان تعلو سماء المنطقة قبل أن تقتحم في الآونة الأخيرة منازلهم وسط تضرر عدد كبير من المصابين بأمراض رئوية طالت معظم السكان، ومهددة في الوقت نفسه بخطر شديد قد يلحق جميع أهالي المنطقة ما لم تتوقف تلك الشركة عن دفن وحرق نفاياتها بالقرب من ميقات الجحفة.
وطالب الجحدلي الشركة بسرعة إنشاء مركز صحي للأمراض الصدرية ليتابع الحالة الصحية، ومدى تأثير هذه الغازات على المواطنين، خصوصا مع تزايد الدخان الكثيف المنبعث من باطن تلك المدافن.
من جانبه أكد أسامة قربان مدير عام إدارة المراقبة والاستجابة والتوقعات بالرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، أن مثل هذه المخالفات تعد تعديا واضحاً على البيئة وأنه لابد من الامتثال لضوابط القوانين البيئية، والنظر بعين الاعتبار إليها فهذه المخالفات قد تكون عبئا وهما ثقيلا على هذه الأراضي، التي ستتحول بالطبع إلى أرض جرداء ومعالجتها قد تحتاج إلى أموال كبيرة، نظرا لتشبع الأرض بالزيوت التي تعد من أكثر الملوثات خطورة على التربة.
فيما رأى نايف بن صالح الشلهوب خبير التوعية البيئة، أن هذا لا يمثل منطق التعامل مع البيئة كليا لما يسببه من تلوث للمياه الجوفية، وإسقاط حق هذه الأراضي من أن تكون مثل مثيلاتها صالحة للزراعة، أو حتى العمران، لأن العناصر الكيماوية السامة في التربة قد تؤثر سلبا في جودة المنتجات لهذه المناطق، ويعد مثل هذا العمل جريمة في حق البيئة يعاقب عليها النظام العام للبيئة.
من جهته طالب الدكتور فهد تركستاني خبير بيئي وأستاذ مشارك في جامعة أم القرى بالتدخل ومحاسبة هذه الشركات التي تعبث بصحة المواطن في الرمي العشوائي دون التقيد بالأنظمة أو الاستفادة منه كمنتج استثماري.
وبيّن الدكتور التركستاني أن الرماد الكربوني إذا ترك عشوائيا فهو خطر جدا، وقد يكون أحد مسببات مرض السرطان القاتل، وذلك لسهولة استنشاقه كرماد متطاير في الجو.
وأضاف أن الرماد الكربوني يعد مادة متطايرة مثل الغبار، حيث يطلق عليه في بعض المسميات بالغبار الكربوني، وهذا في حالة استنشاقه، حيث يسبب التهاب الجهاز التنفسي، مما ينجم عنه - لا قدر الله - أمراض سرطانية, لاحتوائه بعض المواد الخام من عنصر الكبريت والنيكل والفناديوم.
وأبان التركستاني أن معاهدة بازل صنفت الرماد الكربوني مادة غير خطرة في حالة استخدامه استخداما آمنا.
ووصف التركستاني المرامي المخصصة لهذا الغرض بأنها غير جيدة، ولا بد من عمل دراسة جيولوجية وفروملوجية للتأكد من عدم وجود عروق لروافد مائية تحت المرمى أو يكون المرمي أيضا بعيدا عن الأحياء السكانية، وكذلك بعيدا عن أي مورد مائي سواء بئر أو خزانات جوفية.
واقترح التركستاني في الوقت ذاته الاستفادة من الرماد الكربوني كاستثمار لما له من فوائد كبيرة بدل التخلص منه.
وتساءل التركستاني بقوله "لماذا لا تستفيد محطات الكهرباء أو محطات التحلية من هذا الرماد الكربوني في إنتاج بلكات خرسانية كربونية، حيث قام أحد الخبراء بإنتاج بلك كربوني عالي الجودة، وقد عمل تحاليل تؤكد سلامة المنتج الكربوني من أي سميات، كما عمل له قياسات أثبتت قوة ومتانة المنتج ومدى ملاءمته للاستخدام العمراني، حيث أثبت خفة الوزن والقساوة العالية, ومن الميزات المهمة أيضا استخدام هذه المادة في صناعة الطوب والخرسانة المسلحة، حيث تم تصنيع طوب للبناء ثبت أنه أجود من الطوب المشابه العادي من حيث القوة والمتانة ومقدرته على العزل الحراري والصوتي لتماسك جزئياته وقلة الفراغات الهوائية فيه".

الأكثر قراءة