الطريق إلى إنشاء منظمة الدول المصدرة للغاز (4)

تجدد الحديث حول إنشاء منظمة دولية للغاز بعد انعقاد اجتماع منتدى الدول المصدرة للغاز في الدوحة، عاصمة قطر، يوم الإثنين 9/4/2007، حيث تناقلت وسائل الإعلام تصريحا لوزير الطاقة الجزائري خليل شكيب قال فيه إن فكرة تأسيس تكتل لمنتجي الغاز على غرار "أوبك" لم تنشأ من الدول المنتجة للغاز بل نتجت عن مخاوف الدول المستهلكة. وأضاف خليل "إن المستهلكين هم حقيقة من يرغب لا شعوريا في ظهور الوحش". غير أنه أضاف أن منتدى الدول المصدرة للغاز قد يدرس المسألة وقال ستانيسلاف تسيجنا كوف مدير العلاقات الخارجية في شركة غاز بروم الروسية "نحن نعتقد أن أي أداة يمكنها القيام بدور في السوق وحماية مصالح المنتجين ستكون مفيدة. ونحن كمنتجين يجب أن تتاح لنا الفرصة لتأسيس هيئة تعمل بشكل جديد)". ومن ناحية أخرى فقد أكد وزير الصناعة والطاقة الروسي فيكتور خريستنكو أن الدول التي شاركت في اجتماع الدوحة لمنتدى الدول المصدرة للغاز لن توقع على اتفاق لإنشاء (أوبك للغاز). وأكد الوزير الروسي أن أهداف اجتماع الدوحة تتلخص في رفع مستوى التنسيق وتقوية العلاقة بين منتجي الغاز وفتح حوار بناء بين المنتجين والمستهلكين من جهة، وبين الحكومة وشركات الطاقة من جهة أخرى، وتعزيز استقرار السوق، فضلا عن التعاون التقني بين الدول والشركات في مجال التنقيب واستخراج الغاز ونقله. وأضاف "إن عولمة سوق الغاز تتحقق في حال مضاعفة حصة الغاز المسال التي لا تتجاوز اليوم 27 في المائة من سوق الغاز العالمية". وأكد أن أسواق الغاز "منفصلة وموزعة وتؤثر أسعار النفط في تحديد أسعار الغاز في هذه الأسواق". واستهجن الوزير الروسي رد فعل بعض الحكومات الغربية، داعيا إياها إلى البحث في طبيعة سياستها وعدم تضخيم أهداف اجتماع المنتدى والتهويل بها واستخدامها لأغراض سياسية.
وعلى هامش اجتماع الدوحة، تضاربت تصريحات بعض وزراء دول المنتدى حول إنشاء منظمة دولية للغاز، فالوزير الجزائري خليل شكيب تراجع عن تصريحاته السابقة باستبعاد إنشاء هذه المنظمة وأعلن ترحيبه بفكرة إنشاء منظمة للدول المصدرة للغاز، وقال إنها انبثقت من مسؤولين سياسيين في العديد من الدول مثل روسيا والجزائر وقطر، موضحا أنه ليس بوسع وزراء دول المنتدى رفض مثل هذه الرؤية السياسية لكنهم سيبحثون في سبل تطبيقها وإيجاد طريقة توحد رؤية هذه الدول، ودعا الوزير الجزائري إلى تشكيل فريق عمل من الدول المصدرة للغاز للتفكير في أسس المنظمة الجديدة بعمق، ويحدد التنسيق في مجالات الأسعار. مشيرا إلى أن أسعار الغاز مرتبطة الآن بالنفط وتساءل لماذا يستمر هذا الارتباط؟ ومضى يقول ليس بالضرورة أن تستمر أسعار الغاز مرتبطة بالنفط وأنه يمكن أن ترتبط بأسعار الطاقة النووية أو البيوأثينول. وقال إن التنافس الذي ظل موجودا بين الغاز الطبيعي والبترول قد يغير الظروف المو ضوعية المحيطة به. ولا بد من التفكير في صيغة جديدة للأسعار، فأسعار الغاز الحالية غير مناسبة، داعيا إلى التنسيق في هذا الجانب وإلى تبادل الرأي بين الدول المنتجة للغاز في كثير من المجالات المتعلقة بصناعة الغاز، كما تفعل الدول المستهلكة التي لديها منظمات ومنتديات ينسقون فيها فيما بينهم. وأعلن كاظم هامانة وزير البترول الإيراني، دعم بلاده لفكرة إنشاء تكتل للدول المصدرة للغاز، مؤكدا أن مثل هذا التكتل ينطوي على فوائد جمة لهذه الدول ويحقق إمكانية أعلى للتنسيق والتعاون فيما بينها لمواجهة متطلبات السوق العالمية المتزايدة من الغاز.
وقال أيضا إن هناك فهما خاطئا قوبل به المقترح الإيراني في هذا الشأن لافتا إلى أنه يهدف في الدرجة الأولى لتحقيق مصالح المصدرين وإزالة هواجس المستهلكين.
ومن ناحية أخرى رأى كارلوس بيجس وزير الطاقة البوليفي، أنه من المبكر للغاية الحديث عن تأسيس تجمع يضمن الدول المنتجة للغاز على غرار منظمة أوبك، لكنه طالب بدراسة الفكرة بتأن والتعرف على جميع وجهات النظر في هذا الشأن، مشيرا إلى أهمية منتدى الدول المصدرة للغاز الذي يوفر عبر اجتماعاته السنوية إمكانية واسعة للتنسيق وتحقيق نوع من التكامل فيما بين الدول المصدرة للغاز، خاصة على صعيد المشاريع المستقبلية للغاز الطبيعي، ووصف المنتدى بأنه يمثل فرصة حقيقية لحشد جهود المصدرين والمستهلكين معا لتكريس التقاء مصالح الجانبين.
وقال وزير الطاقة الفنزويلي رافايل راميريز عند وصوله إلى الدوحة "نحن هنا لدعم أوبك للغاز. إنها فكرة جيدة"، كما أعلن وزيرا الطاقة البوليفي والفنزويلي أن بلديهما يسعيان لإقامة منظمة جديدة للدول المنتجة والمصدرة للغاز في أمريكا الجنوبية.
ووصف المهندس سامح فهمي وزير البترول والثروة المعدنية المصرية فكرة تكوين منظمة للدول المصدرة للغاز على غرار "أوبك" بأنها ليست فكرة جيدة وأن الوقت مبكر جدا للنظر في هذه الفكرة، مرجعا ذلك إلى ارتباط عقود تصدير الغاز بفترات زمنية طويلة وعدم إفصاح الدول المصدرة للغاز عن أسعار تعاقداتها إلا في إطار إعلان متوسطات هذه الأسعار، وأكد الوزير المصري على أهمية وجود شفافية كاملة بين الدول المصدرة للغاز قبل بحث فكرة إنشاء تجمع خاص بها. وقال إن احتمالات نجاح هذه الفكرة ضئيلة للغاية.
وأسفر اجتماع منتدى الدول المصدرة للغاز في الدوحة يوم 9/4/2007 عن تكوين لجنة رفيعة المستوى برئاسة روسيا بوصفها الدولة المضيفة للاجتماع المقبل. وستقوم هذه اللجنة بوضع خطة شاملة لدعم وظائف المنتدى وتحديد كيفية تحقيق التطور المستقبلي للمنتدى. وأكد البيان الصحافي الصادر في ختام اجتماع الدوحة أهمية تعميق التعاون بين الدول المصدرة للغاز وتعزيز تأمين وسائل امدادات الغاز، وتعزيز استقرار السوق على نحو يصب في مصلحة المنتجين والمستهلكين. وأعلن عبد الله بن حمد العطية وزير الطاقة والصناعة القطري أن اللجنة تهدف إلى إجراء تقويم لمدى النجاح الذي تحقق منذ إطلاق المنتدى قبل أكثر من خمس سنوات، موضحا أن هذه اللجنة ستقوم ببلورة خطة شاملة من أجل تعزيز أداء المنتدى، وتحديد الأساليب التي تؤدي إلى تطويره في المستقبل. وردا على سؤال حول ما إذا كانت هذه اللجنة تعد بديلا عن إنشاء منظمة تجمع الدول المصدرة للغاز على غرار "أوبك" نفى العطية ذلك بشدة وقال: "إن هذه اللجنة تتسم بطبيعة مؤقتة ولفترة زمنية محددة، لكنه أوضح أن هذه اللجنة مكلفة بدراسة كل الاحتمالات".
ورأى بعض الخبراء أن إنشاء اللجنة المذكورة يعد خطوة نحو تحويل منتدى الدول المصدرة للغاز إلى منظمة على غرار "أوبك"، وقال وزير الطاقة الجزائري شكيب خليل صراحة إن منتدى الدول المصدرة للغاز تحرك باتجاه التحول إلى منظمة على غرار "أوبك"، لكنه أضاف أن ذلك يحتاج إلى وقت. وقال أيضا "إن الأمر سيتطلب ما بين عشرة أعوام و15 عاما قبل أن تكون هناك سوق عالمية للغاز. وفي الوقت الراهن توجد أساليب مختلفة للتسعير في المناطق المختلفة، ونحتاج حاليا إلى بحث ما إذا كانت الأسعار التي تستخدمها محددة بالشكل الصحيح وإذا لم تكن كذلك نحتاج إلى تصحيحها لتكون في المكان الصحيح بعد عشرة أعوام أو 15 عاما. لا يمكننا الاكتفاء بالجلوس والانتظار".
واتفق العديد من وزراء الدول المصدرة للغاز مع هذا الرأي إذ يرون أن أسعار الغاز رخيصة للغاية مقارنة بأسعار النفط خاصة في ضوء ارتفاع تكاليف استخراج الغاز الجديد وهو أحد العوامل التي تشير إلى أن الوقت قد حان لتعزيز التعاون بين الدول المصدرة للغاز.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي