نايف عوض.. "الجمعة" عندما تكون في وسط الأسبوع!
في يوم من الأيام قال الشاعر الكبير فهد عافت إن الشاعر الحقيقي هو من يكتب بغض النظر عما سيؤول إليه نصه وأين سيصل ومن سيقرؤه. كان فهد عافت يتحدث عن شعراء لا ينشرون وشعراء يكتبون لتنشر نصوصهم، والشاعر نايف عوض شاعر لا يهتم كثيراً بمسألة النشر ليس لأنه لا يود الوصول لأكبر قدر ممكن من القرّاء، ولكن لأنه ملتهٍ عن نشر نص جديد بهاجس النص الذي يليه، هو شاعر اختار أن يشاركه الشعر في كل لحظات حياته بدءاً من تدوين اللحظة وانتهاءً باقتسام الهواء بين رئته ورئة الشعر.
وبالمناسبة كان الظهور الأول لهذا الشاعر في صفحات مجلة "قطوف" التي يرأس تحريرها فهد عافت نفسه، وعن تلك الفترة يقول نايف عوض: "كنت أشعر براحة كبيرة في التعامل مع فهد عافت فلم يكن يتوجب علي بعد كتابة النص سوى الذهاب إلى مكتب البريد وإرسال النص"، وبعد أن توقفت "قطوف" توقف نايف عوض عن النشر ولم يتوقف عن الكتابة إلى أن عاد للنشر مرة أخرى عن طريق أكثر من مجلة ثم توقف مرة أخرى ولم يتوقف عن الكتابة.
إن خنتني مرّه.. فأنا أقول: "ذنبك"
وإن خنت مرّه.. ثانيه صار "ذنبي"!
طريقة عكسية عجيبة لتحمل وزر الخيانة ، فكرة من المفترض ألا تمر في مخيلة الشعراء فمثل هذه الفلسفة هي شيء من تنبؤات الحكماء.
وبنتٍ جت كأن الشارع اللي تحتها مخمور
كأن إقدامها أكواب السهر للصبح والساقي
تعدت من خلال الشاعر المتناثر المهجور
تناديها الدروب الفارهة عن شمس خفاقي
وأنا للحب ما أقدم عذر لو كنت أنا معذور
ولا الحل الوسط ... عمره يحلّ معقّد وثاقي
كل شيء يتحول إلى شعر في ذهن هذا الشاعر وكل شيء من الممكن صياغته على هيئة شعر يحيل الشعور واللحظة إلى مشهد تخيلي يربط الحقيقة بالخيال لدرجة يصعب معها التفريق بين ما هو حقيقة وما هو خيال.
تصبح على خير تدري .. قبل لا اقفل
بقول لك كلمةٍ فالبال من مبطي:
محتاج تفرق عن ليا قلت متطفل
بس انت تخلط عشانك ما تبي تعطي!
من المعروف عن نايف عوض أنه من أجمل الشعراء الذين يجيدون التصوير والتشبيه، وفي هذين البيتين يؤكد نايف عوض أنه يجيد أيضاً صياغة الفكرة الخالية من أي تشبيه أو صورة ويحيلها إلى حكمة يتداولها الكثير من العشاق.
في غصنها قطرة الميعاد مرتعشة
ويوم أخلفت طاحت القطرة على ظلّـي
طفلٍ يحسب إن موتي في ثمنطعشه
يعطيه حق إنّه يدوّر على ذلّـي!
لم تسقط القطرة بعيداً ولكن المحب يريدها أن تسقط على روحه تماما كما تفعل قطرات الشعر في سماء نايف عوض حين تسقط على أرواحنا.
أسبوعها في نصّـه تمر جمعه
كل ما بغيت أسافر اسبوع .. تحلوّ
كيف للجمعة أن تكون في منتصف الأسبوع إلا أن يكون هناك من الشعراء من يجيد اللعب باللحظة في مخيلته.
لا تمتحن شخصٍ تحبّه وتغليه
الغالب إنك لا امتحنته خسرته!
وهنا يعيد كتابة الوصايا بروح تحمل في داخلها تاريخاً وتجاب عديدة وكأنه في التسعين من عمر الشعر والصبابة.
وأخيراً أحبة "بالمحكي" لم نقدم لكم هنا من سلة الحلوى سوى ما يكفي لتغيير طعم المرارة في فم الذائقة ولنا ولكم مع نايف عوض حكايات شعرٍ باقية نعدكم بها.