كورزويل: في طريقنا للتغلب على الأمراض والشيخوخة

كورزويل: في طريقنا للتغلب على الأمراض والشيخوخة

يجب أن يبقى موقع شقة راي كورزويل في سان فرانسيسكو سريا، كما يحذر مساعدوه، "لأسباب أمنية مهمة". لكن يمكنني الكشف عن تفاصيل الإفطار الذي سيعده الكاتب والمخترع ومختص المستقبل الذي يتناول الحبوب، وفقا لتعاليمه في كتابه الصادر عام 2009 بعنوان "السمو: تسع خطوات للعيش بحال جيدة".
كورزويل، الذي اخترع أول آلة قراءة للمكفوفين تحوِّل النص المطبوع إلى كلام، والماسح الضوئي المسطح، وجهاز مزج الموسيقى القادر على استنساخ صوت بيانو كبير، يواصل التفكير في الذكاء الاصطناعي منذ 50 عاما. في كتابه "عصر الآلات الذكية" (1990)، تنبأ بالانتشار الكلي للإنترنت وظهور الأجهزة المحمولة. وفي كتاب "التفرد أصبح قريبا"، أكثر كتبه مبيعا عام 2005، ركز على الذكاء الاصطناعي ومستقبل البشرية. في عام 2012 انضم إلى "جوجل" مديرا للشؤون الهندسية لتطوير ذكاء الآلة.
أنصار كورزويل يشيدون به على أنه "آلة تفكير قصوى" و"الوريث الشرعي لتوماس أديسون". ووصفه مؤسس "مايكروسوفت"، بيل جيتس، بأنه "أفضل شخص أعرفه في التنبؤ بمستقبل الذكاء الاصطناعي". وبالنسبة لمنتقديه هو "واحد من أعظم المروجين في هذا العصر" و"نرجسي غريب الأطوار مهووس بطول العمر".
يستقبلني كورزويل على باب شقته. هو رجل نحيل قصير القامة له أسلوب مدهش ولطيف. يرتدي ملابس غير رسمية، عبارة عن قميص من الكتان الأزرق مع أكمام مكفية لأعلى، يصافحني بيد ناعمة تغطيها خواتم من الذهب (أحدها من معهد ماساتشيوستس للتكنولوجيا، وخاتم آخر ظننْتُ خطأ أنه خاتم سوبرمان، لكنه العلامة المميزة لجامعة Singularity التي شارك في تأسيسها). شعره أغمق مما كان عليه في الصور السابقة، ويبدو وكأنه شقيق وودي ألن الأكثر هوسا بالدراسة.
ولدى سيرنا عبرنا بجوار آلة كورزويل لمزج الموسيقى، وصورة للأرنب الأبيض في قصة "أليس في بلاد العجائب"، قبل الوصول إلى غرفة معيشته التي توجد أمامها لوحات مقلقة إلى حد ما لمونيه وفان جوخ – يقول إنها "نسخ ثلاثية الأبعاد واقعية للغاية، أنجزت بجهاز كمبيوتر ليزر".
تأملت طاولة صغيرة مجهزة بالمناديل الورقية البيضاء الصينية. هناك وعاء من التوت. وطبق من سمك السلمون المدخن وسمك الماكريل. ست قطع من الشوكولاته الداكنة. علبة من حليب الفانيليا ويست صوي، وكومة من أكياس ستيفيا، وعاء من عصيدة فاترة وكثيفة ـ ستبقى غير مأكولة إلى حد كبير بالنسبة لي.
يقول، مشيرا إلى كل نوع موجود من الطعام "الكاكاو مضاد للالتهابات وهو جيد جدا بالنسبة لك. لذلك هذه شوكولاته داكنة جدا مع بعض الإسبرسو الموجود فيها. التوت، وحليب الصويا، غير المحلى. والسمك والشاي الأخضر". لا يأكل اللحوم تقريبا، إنه نباتي يأكل الأسماك ويفضل "الكربوهيدرات الصحية والدهون الصحية. لذلك الكربوهيدرات الصحية تتمثل في قليل من التوت ودقيق الشوفان والخضراوات".
فقدت شجاعتي بسبب هذه الوجبة السريالية، وأجد نفسي أحدق في اثنتين من الأواني على شكل قط للملح والفلفل، وأسأل "هل لديك كثير من الأشياء المتعلقة بالقطط"؟ هذا ليس السؤال الأول الذي كنت قد خططت لطرحه على عبقري، لكن في الوقت الذي كان يصب لي بعض الشاي الأخضر، يجيب باقتناع "نعم، لدي بالفعل 400 تمثال للقطط. توجد فقط حفنة هنا. هذا بالنسبة لي نوع من النزوة. أحب القطط. إنها مخلوقات ذكية جدا". كان لديه قطتان لمدة 18 عاما. يقول عنهما "كانتا تنامان على ذراعي بعضهما بعضا. كانت إحداهما والدة الأخرى، لكن لا أعتقد أنهما أدركتا تلك العلاقة. لذلك، كانتا مثل زوجين بشريين عجوزين متزوجين، عندما توفي أحدهما تبعه الآخر بعد بضعة أسابيع. عندما توفيت القطط، ذهبت عني الحساسية. لذلك، ولكوني شخصا ذكيا جدا أدركت أنني: لدي حساسية من القطط. لذلك أنا لم أستبدل بهما أخريين. كما أنني كثير السفر".
فقط بعد دقائق من بدء تناول وجبتينا، يغادر لجلب DVD حول حياته (الرجل المتسامي) وخمسة مجلدات كتبها - بما فيها كتاب "التفرد أصبح قريبا" – ويفتحه قائلا "كتابي الأكثر تأثيرا. وتستند جامعة Singularity إلى ذلك". ويضيف "لذلك هذا هو المجال الذي أتحدث فيه عن القشرة المخية الحديثة، الذي يفسر سبب وجودي في "جوجل" لأنني قدمت نسخة ما قبل النشر إلى لاري بيج (المؤسس المشارك لجوجل)، الذي أحبها حقا. كان ذلك قبل عامين من الآن وسألته عن الاستثمار في شركة أود أن أبدأ بها على أساس هذه الأفكار، وقال: بالتأكيد، سنقوم بالاستثمار، لكن اسمح لي أن أقنعك بأن تفعل ذلك هنا لأن لدينا موارد على نطاق "جوجل" - والبيانات وأجهزة الكمبيوتر والمواهب".
بالكاد مرت دقائق على بدئنا الإفطار حتى غطى حديثنا الذكاء الاصطناعي وكيفية الحصول على وظيفة في "جوجل". وفي الوقت الذي تحوم فيه يده فوق التوت، قلتُ له "إنني أشعر بخيبة أمل لأنني لم أشاهد حقيبة الحبوب لديه". اعتاد تناول ما يصل إلى 250 حبة في اليوم؛ الآن وصل العدد إلى 100 حبة. يقول "لقد وجدت أشكالا حيوية متاحة أكثر. وبذلك بدلا من أخذ عشر حبات يمكن أن آخذ حبتين". تناول من قبل جرعته الصباحية المكونة من 30 حبة (أظهر لي في وقت لاحق حقيبة أنموذجية لهذه الحبوب)، بما في ذلك تلك الحبوب الخاصة بـ "صحة القلب وصحة العين والصحة الجنسية والصحة الدماغية".
سألته كم تبلغ تكاليف هذا النظام الغذائي. قال "إنها بضعة آلاف من الدولارات يوميا. لكنها ليست ذات شكل واحد يناسب الجميع. الشخص الذي يتمتع بصحة جيدة ويبلغ من العمر 30 عاما يحتاج فقط إلى المكملات الأساسية".
زوجته سونيا، وهي طبيبة نفسانية، وابناه، إيثان (34 عاما) وإيمي (27 عاما) يتبعون أيضا الأنظمة المكملة نفسها. تناولتُ قليلا من سمك ماكريل غير الفاتح للشهية، وأتمسك بالتوت. كورزويل أيضا لا يأكل كثيرا. أسأله ما إذا كان يحب الطعام؟ "أنا أستمتع فعلا بجميع المواد الغذائية". ثم يعود إلى وضع العِلم "هذا الطعام يعطيك في الواقع عددا أقل من السعرات الحرارية".
اهتمامه بالصحة يعود إلى وقت كان عمره 15 عاما وأصيب حينها والده، فريدريك، بنوبة قلبية. "توفي عندما كان عمري 22 عاما. وكان هو في عمر 58 عاما". أدرك كورزويل أنه يمكن أن يرث تصرفات والده. في الثلاثينات من عمره، كان قد تم تشخيص حالته بأنه يعاني النوع الثاني من مرض السكري. أحبطته العلاجات التقليدية، لكنه "عالج السكرى باعتباره مخترعا". ولم يعد إليه بعدها. ويقول "يمكنك التغلب على الاستعداد الوراثي الموجود لديك. الحكمة الشائعة هي أنه يعود بنسبة 80 في المائة إلى الجينات، و20 في المائة إلى نمط حياة. إذا كنت مجتهدا، تصبح المعادلة 90 في المائة تدخلاتك و10 في المائة جينات".
وعلى الرغم من أن كورزويل البالغ من العمر 67 عاما يبدو بوجه منتعش (يستخدم كريما للبشرة من مضادات الأكسدة يوميا)، إلا أنه يشيخ، حتى لو كان له "عمر بيولوجي يظهره وكأنه في أواخر الأربعينات".
لكن هذا لا يعتبر شيئا بالمقارنة مع هدف كورزويل النهائي: البقاء بصحة جيدة بما فيه الكفاية للوصول إلى ما يصفه بـ "الجسر الثاني؛ عندما تعيد ثورة التكنولوجيا الأحيائية برمجة علم الأحياء الموروثة لدينا"، و"الجسر الثالث، تقنية النانو الجزيئية التي تمكننا من إعادة بناء أجسامنا".
لقد كانت عملية إطالة العمر الجذرية في عقل كورزويل منذ عقود. اليوم بطولات الخيال العلمي هذه يجري تبنيها من قبل نخبة التكنولوجيا في وادي السليكون. أصحاب المليارات مثل بيتر تيل، المؤسس المشارك لباي بال، يصفون الموت بأنه "العدو الكبير". وأنشأت "جوجل" مشروعا منفصلا، هو كاليكو، لمكافحة الشيخوخة. "كان لي نقاش قبل عامين مع رئيس مشاريع "جوجل" حول طول العمر. ونتج عنه مشروع كاليكو. أنا مستشار".
"أعتقد أن كل موت يعتبر مأساويا. لقد تعلمنا أن نتقبله، ونتقبل دورة الحياة وجميع ذلك (...) كان متوسط العمر المتوقع 19 عاما قبل ألف سنة. وكان 37 عاما في 1800 (...) شخص ما يخرج بعلاج لمرض ما، إنه أمر مشهور. أليس كذلك".
سخر باحث في مجلة "نيوزويك" في عام 2009 من كورزويل، قائلا إن أزمته "كانت أزمة منتصف العمر الأكثر شيوعا" من أي وقت مضى. ويجيب عن ذلك "تعتبر هذه هجمات إعلانية منافسة. هناك ما أسميه خبراء الموت" فلسفة أشخاص يحتفلون بالموت.
يدعي كورزويل أن الخطأ الأساسي الذي يرتكبه منتقدوه هو الاعتقاد بأن التقدم يعتبر خطيا. هذه هي أطروحته الرئيسية: "إن واقع تكنولوجيا المعلومات يتمثل في أنه يتقدم باطراد (...) 30 خطوة خطية تحملك إلى النقطة رقم 30. واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خطوة 30 فإنك عند الخطوة 30. مع النمو الهائل، إنها واحدة، اثنان، أربعة، ثمانية. خطوة 30، فإنك تصبح عند النقطة مليار".
إذا كان التقدم الطبي في الماضي عبارة عن تجارب يمكن أن تصيب أو تخيب، فهو يجادل بأننا نبدأ الآن نفهم "برنامج الحياة". البيانات من مشروع الجينوم البشري ستمكن التقدم المتسارع، وليس التدريجي. "على مدى الـ 20 والـ 25 عاما المقبلة، نحن في طريقنا للتغلب تقريبا على كل الأمراض والشيخوخة".
حين تجلس مع كورزويل، لا يظهر عليه أنه مخبول. لهجته اللطيفة والمسلية هي نفسها، سواء كان يقدم تنبؤات جريئة، أم يناقش موضوع القطط. ينظر إليك في عينيك، ويبدو أنه خال من الشك. لديّ فضول لمعرفة الطريقة التي أصبح فيها بهذه الشخصية. يحكي لي كورزويل عن نشأته في منزل من الطبقة الوسطى في جزء من ضواحي كوينز، في نيويورك، مع والده، وهو عازف بيانو في الحفلات ومايسترو، وأمه، هانا، فنانة.
أحد الأشياء التي لها تأثير في حياته ليصبح مخترعا كانت سلسلة كتب توم سويفت الابن، التي قرأها وهو في عمر سبع سنوات، وكان وقتها في مخيم. أحد كتبه، الصادر عام 1914، يحمل اسم "توم سويفت وهاتفه الصورة". وقال "عادة ما كان الجنس البشري في ورطة معه، وقد يختفي في الدور الأرضي من منزله ويأتي مع بعض الاختراعات التي تنقذ الوضع".
التأثير المهم الآخر كان لجدته، ليليان بادر، التي كتبت مذكراتها "حياة واحدة لا تكفي" (شيء يعتبر نوعا من الحقيقة بالنسبة لحفيدها)، عن حياتها في النمسا. هربت العائلة اليهودية في عام 1938. وعندما كان كورزويل في الخامسة من العمر، عام 1953، أظهرت له ليليان آلتها الكاتبة الميكانيكية. "وكان لها تأثير عميق فيّ، لأن هذا الجهاز السحري كان هنا. كان يمكنك أن تأخذ ورقة بيضاء وتحولها إلى شيء، بدا وكأنه جاء من كتاب. بطبيعة الحال لم يكن مثلما يفعله الساحرون على المسرح. مع التكنولوجيا، إذا كنت ترى كيف تعمل، فإنها لا تزال سحرية".
في المدرسة الثانوية، كان أول اختراع رئيسي له هو برمجة كمبيوتر لتحليل ألحان الملحنين وكتابة الموسيقى الأصلية بالنمط نفسه. وقال عنه "فزت بتلك المسابقات الوطنية. تمكنت من لقاء الرئيس جونسون وأخذت الاختراع إلى برنامج تلفزيوني" هو برنامج "لدي سر".
في عام 1979 تخرج في معهد ماساتشيوستس للتكنولوجيا مع إجازة في علوم الكمبيوتر والأدب. وتبع ذلك مزيد من الاختراعات. أصبح المغني وكاتب الأغاني الكفيف، ستيفي وندر، أول شخص يمتلك آلة القراءة التي اخترعها كورزويل. "وكان معظم ما يثلج الصدر آلة القراءة للمكفوفين. لقد بدأت العمل عليها في عام 1973 وواصلت العمل عليها بشكل مستمر. التشويق في الاختراع هو القفزة من صيغ جافة موجودة على السبورة إلى تغييرات إيجابية في حياة الناس".
قد ينظر كورزويل في المستقبل، لكنه يعتبر أيضا مهووسا بماضيه. يسحب رسالة الدكتوراه الخاصة بوالده، حول برامز عام 1938، ويتحدث عن حفل موسيقي لبرامز أحياه فريدريك في فيينا في عام 1937. وكانت امرأة من فيلادلفيا غنية من بين الحضور كثيرة الحركة، قالت لفريدريك "إذا كنت في حاجة إلى أي شيء في أي وقت، فقط أعلمني بذلك". وبعد توحيد النمسا وألمانيا في آذار (مارس) 1938، كانت راعية انتقاله إلى أمريكا. "يمكنك القول إن برامز أنقذ حياته".
ولا يزال كورزويل مفتونا بوالده الراحل. ويقول "كان عموما خجولا وهادئا بشكل مؤلم، لكن حين كان يدير الفرقة الموسيقية، كان المايسترو. عندما تكون هناك حفلة بعد يقول الجميع: مايسترو! ويرفع قبعته لهم علامة الشكر (...) لقد كان بارعا جدا".
ولديه مئات من الصناديق المليئة بوثائق والده. "لدي كل رسائله، وحتى فواتير الكهرباء. هناك أفلام 8 مليمتر وصور، وكثير من أسطوانات الفينيل لموسيقاه. لذلك الطموح هو خلق الرمزية على أساس كل تلك المعلومات التي من شأنها أن تعكس شخصية والدي. وقد لا يمكن تمييزه عن فريدريك كورزويل الحقيقي بالنسبة للأشخاص الذين يذكرونه. هذه الصورة الرمزية ستكون أشبه بوالدي الذي لو كان قد عاش إلى الآن لكان عمره 102 سنة".
ومن الواضح أن ذلك يعتبر نسخة خاصة جدا من والده. ذلك الشخص كان عمره 58 عاما. "نعم"، كما يعترف. "علاقتي به تعمقت في وقت لاحق في حياته. كان مشغولا جدا عندما كنت طفلا صغيرا. (لكن) في سنوات مراهقتي كان مريضا وكان يلازم المنزل كثيرا، وكانت لدينا الفرصة للحديث عن الموسيقى، والذكاء الاصطناعي".
ماذا يمكن أن أسأله، أتردد، وأشعر بعدم الارتياح لاستخدام كلمة "له"؟ وقال "أود مواصلة الحديث حول الموسيقى وعلاقة الموسيقى بالحياة والفلسفة والرياضيات".
ويتوقع أنه بحلول عام 2029 سيصل الكمبيوتر إلى مستويات الإنسان من الذكاء. إحراز تقدم في هذا الجانب يمكن أن يعتمد على عمله في "جوجل" حول فهم اللغة الطبيعية. والهدف من ذلك هو تمكين شخص ما من إجراء "حوار مع الحاسوب؛ بحيث يمكن إعطاؤه شخصية وقاعدة معرفة".
ومع ذلك، في عام 2012 تساءلت مقالة في مجلة "نيويوركر" بعنوان "نظرية كورزويل الجديدة المشكوك فيها عن العقل"، بقلم جاري ماركوس، أستاذ علم النفس في جامعة نيويورك، عما إذا كان العقل هو مُدرِك هرمي النمط. وجادل أيضا بأن كورزويل تجاهل كثيرا من علم النفس والسلوك البشري غير العقلاني. ويهدف عمل كورزويل في "جوجل" إلى البحث وراء الكلمات الرئيسية نحو مزيد من الأفكار المعقدة. ويعرض هذا المثال. "التقيت هذه الفتاة في حفلة الليلة الماضية. تحدثنا فقط بضع كلمات، لكن شعرت برابط فوري معها. هل هذا واقعي؟ ماذا يمكن لأدب علم النفس أن يقول عن هذا؟ في نهاية المطاف، يعتبر هذا مشروعا طويل الأجل، وسيكون كمن يسأل الشخص الذي استعرض الأدبيات ذات الصلة وسيعطي بذكاء لك الاستشهادات الصحيحة ويلخصها لك".
يواجه الذكاء الاصطناعي معركة من التكنولوجيين، أيضا مثل إيلون ماسك الذي ادعى أن الذكاء الاصطناعي "أكبر تهديد وجودي لدينا". وكورزويل متنبه لمخاطره ويشعر بالإحباط من الكيفية التي يتم بها إساءة تصوير الذكاء الاصطناعي في الأفلام باعتباره قوة خطيرة منفصلة عن البشر، فهو كما يقول "ليس غزو كائنات فضائية من الآلات الذكية". وبدلا من ذلك يرى في الذكاء الاصطناعي أداة من شأنها أن تتيح لمليارات منا "تعزيز قدراتنا. وأن تنتقل تلك القدرات من كونها موجودة في جيوبنا إلى داخل أجسادنا وعقولنا". وتظل عبارته المرحة حاضرة عندما يتخيل المستقبل، مثل حالات التطور والاكتشاف في الواقع الافتراضي. ويقول "يمكننا أن نتناول هذا الغداء في تاج محل، أو على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، ويمكنك أن تشعر بالهواء الرطب الدافئ في وجهك وسيكون ذلك واقعيا للغاية. هذا ما سيحدث خلال العقدين المقبلين". ويستشهد بمؤتمر تيد لعام 2001 الذي استخدم فيه أجهزة استشعار لرسم صورة رمزية لمغنية روك، ويقول "رامونا. تحول صوتي إلى صوتها. غنيت أغنية الأرنب الأبيض. اعتبرت أغنية للمخدرات، لكن المخدرات تعتبر إحدى التكنولوجيات التي تغير الواقع". يضع كورزويل بعض الشوكولاتة في فمه قبل المتابعة. "لقد كنتُ شخصا مختلفا، امرأة شابة. إن ذلك يشعرك حقا بالتحرر بشدة. وبعد ذلك، من الواضح أنه يمكنك أن تكون أي شخص. زوجان يمكن أن يصبحا بعضهما بعضا".
يبدو أنه يشعر بالإثارة بالقدر نفسه حين يستخدم التكنولوجيا القديمة، ويكتب رواية عن شخصية تنطق بأفكاره الخاصة بصورة تفتقر إلى التواضع. "اسمها دانييل، وهي تتبع هذه الفتاة الصغيرة من الصفر إلى 22 سنة. هنا نجدها في زامبيا. إنها صورتي الخيالية عن نفسي. إنها ناضجة عقليا في سن مبكرة للغاية". أثناء مغادرتي، أسير بجانب لوحة العزف الكهربائية، وأسأل إن كان يستطيع العزف. يعترف بقوله "مخزوني من المعزوفات محدود. لقد وصلت إلى الذورة". وأقول له ضاحكة "إنه إن كان سيعيش عمرا طويلا، فمن الممكن أن يصبح خبيرا في عزف البيانو، ثم ناحِت ثلح ومتحدثا باللغة الفرنسية". يجيب "هناك أشياء كثيرة نستطيع أن نُسَخِّر عقلنا لها. هذا هو في الواقع هدف الذكاء الاصطناعي؛ تعزيز قدراتنا".

الأكثر قراءة