التفوق السعودي في الحوسبة فائقة الأداء...دلائله وأبعاده
حملني المتصفح مصادفة وعبر جوجل إلى موقع أفضل 500 حاسب في العالم من حيث قوة الأداء، والذي تصدرت فيه المملكة العربية السعودية قائمة الدول الشرق أوسطية في عدد الحاسبات فائقة الأداء، متفوقة كماً على دول ذات باع طويل في التقنية كإسرائيل وسنغافورة ومتفوقة على دول آسيوية وأوروبية متقدمة علمياً كماليزيا وتركيا وتايوان والدول الأسكندنافية.
ويُعقَد لإعلان قائمة الـ500 هذه مؤتمر نصف سنوي، وتُستقى معلومات القائمة من مصنعي الحاسبات ومن المستخدمين، وليس من المستغرب أن تتصدر الولايات المتحدة هذه القائمة حيث إن 309 سوبر كمبيوتر من القائمة مملوكة لأمريكا، تمثل ما نسبته 62 في المائة من الإجمالي لعام 2006م.
إن ما حملني على كتابة هذا المقال هو أن هذا التفوق السعودي ليس تفوقاً حديثاً، بل إن ذلك يعود إلى عام 1996م والذي يمثل أول ظهور للمملكة في هذه القائمة، وللعلم فإن كل الأجهزة السعودية فائقة الأداء التي ظهرت في القائمة منذ عام 1996م تعود لشركة البترول الوطنية أرامكو السعودية. وقد أسعدني هذا التفوق كثيراً وإن كنت أتمنى أن أجد بعض الحاسبات السعودية في هذه القائمة لتطبيقات علمية غير التطبيقات المتعلقة بالاستكشافات البترولية. إني على يقين بوجود حاسبات فائقة السرعة في المملكة يمكن أن تدخل القائمة ولكن المسؤولين عنها لم يشاركوا لدواع تتعلق بأمننا الوطني وهذا أمر مبرر، ولكني تمنيت أن أشاهد سوبر كمبيوتر عائد إلى شركة سابك مثلاً للأبحاث البتروكيميائية، أو لإحدى الجامعات السعودية لأبحاث علوم الأرض أو الأحياء أو مصلحة الأرصاد. إن هذه الحاسبات غالباً ما توجد لدى مراكز البحث العلمي لأن هناك بعض الفرضيات العلمية تتطلب حسابات رياضية صعبة التنفيذ على الحاسبات العادية، ويرغب الباحثون في مثل هذه الحالات إلى الاستعانة بحاسبات فائقة السرعة لإجراء بحوثهم، وإني أجدها فرصة للطلب من القائمين على إدارة المعلومات بأرامكو السعودية إفادتنا بمدى إمكانية استعانة الباحثين بحاسباتهم فائقة السرعة لإجراء البحوث التي تتطلب ذلك.
ويمكن الاستفادة من تحليل القائمة لدراسة اتجاه الدول في الأبحاث، ومدى تقدم هذه الدول فيها، ففي الجدول المرفق يتضح النمو المتسارع في امتلاك الهند لهذا النوع من الحاسبات والذي وصل ذروته بعشرة حاسبات في عام 2006م، مما قد ينبئ عن التقدم السريع لها في عالم الأبحاث. ومن هذه الحاسبات العشرة فإن هناك أربعة تعمل في أبحاث أشباه الموصلات، وخمسة تتعلق بعلوم الأرض والمناخ، وواحد في علوم الأحياء. وتفوقت إسرائيل في عام 2005 م بتسعة حاسبات كلها في أبحاث أشباه الموصلات، وهذا ما يفسر لنا حقيقة أن منتج شركة إنتل الشهير بنتيوم-3 و بنتيوم-4 قد طُورت في مصانع الشركة في إسرائيل، وتخطط إنتل حالياً لبناء مصنع في إسرائيل تبلغ تكلفته ما يقارب 16 مليار ريال. وتحتل إسرائيل المركز الثالث بعد أمريكا وتايوان في هذا الحقل الحساس، وتمثل الصادرات من الصناعات الإلكترونية ما يقارب 80 في المائة من صادرات إسرائيل. وظهرت دولة الإمارات العربية المتحدة في هذه القائمة لأول مرة عام 2006م بحاسب تجاري يعمل في مجال الأبحاث العلمية في الكلية العليا للتقنية. وفي قائمة 2005م ظهرت مصر لأول مرة بحاسب يعمل في مجال علوم الأرض وعمان بحاسب يعمل في البترول. وفي قائمة 2004م ظهرت قطر وعمان بحاسبين يعملان في مجال البترول. وتحليل هذه القوائم بشكل أكثر تفصيلاً يعد أمراً حيوياً للعاملين في مجال التخطيط الاستراتيجي المعلوماتي. ويمكن للقراء الكرام الوصول للقائمة عبر هذا الرابط www.top500.org.