الاتحاد الأوروبي يتفوق على أمريكا في محاربة البطالة

الاتحاد الأوروبي يتفوق على أمريكا في محاربة البطالة

"الاقتصاد في منطقة اليورو يحقق منذ أعوام، المزيد من فرص العمل في المنطقة الاقتصادية الكبيرة بالمقارنة بالولايات المتحدة", هذه الكلمة التي ألقاها رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه كانت كفيلة برسم بسمة الارتياح والسعادة على الوجوه بشكل دوري. وفي الحقيقة قامت بناءً على المعطيات والتقديرات في الأعوام الثمانية الأولى للاتحاد النقدي وفي الدول الاثنتي عشرة حتى نهاية عام 2006، التابعة لمنطقة اليورو نحو 13.148 مليون فرصة عمل. وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية يشير مكتب الإحصاءات للفترة الزمنية من عام 1999 حتى عام 2006 إلى نمو يعادل نحو 12.964 مليون فرصة عمل جديدة، ونحو 184 ألفا أقل مما في منطقة اليورو. ويُعتبر ارتياح الفرنسي تريشيه مبرراً، خاصةً أن الاقتصاد الأمريكي نما بقوة في الفترة ما بين عام 1999 و2006 بمعدل سنوي يبلغ نحو 2.9 في المائة أكثر من الاقتصاد في منطقة اليورو، الذي يعادل 2.1 في المائة. وقد كان النمو الاقتصادي هنا محلياً خلال الأعوام الماضية مكثفا من ناحية وظيفية أكثر مما هو وراء الأطلنطي.
ويبدو رئيس البنك المركزي الأوروبي متحفظاً خاصةً عندما يدور الأمر حول أسباب تعزيز فرص العمل في منطقة اليورو. وبالفعل وبرغم هذا يتناول مقارنة ثانية ففي فترة الأعوام الثمانية من عام 1991 حتى عام 1998 تمكن اقتصاد اليورو والذي لم يلتحم حينها تحت سقف اليورو من إيجاد نحو 2.1 مليون فرصة عمل جديدة، حسب ما ورد عن التقرير الشهري للبنك المركزي الأوروبي في نيسان (أبريل). ولكن في الأعوام الثمانية الأولى لليورو كان بنحو 12.9 مليون فرصة عمل أكثر، نحو ست مرات أكثر. ويعمل تريشيه في الوقت الراهن غالباً على عرض هذه الأرقام على العامة، ويقترح بصورة غير مباشرة، بأن اليورو يحظى بتأثير إيجابي واضح للاتحاد النقدي على نمو حجم التوظيف. ولكن مباشرةً، لا يود أن يؤكد هذا بناءً على الطلب. وتعتمد معطيات البنك المركزي الأوروبي على تقديرات الربع المعدّلة موسمياً؛ وهذا يوضّح الفجوة مع معطيات العام.
تعزيز التوظيف القوي في أعوام اليورو موزع بين الدول الأعضاء للنادي النقدي على نحوٍ غير متساو البتة، كما جاء عن بيانات الدائرة الإحصائية الأوروبية. ونحو 38 في المائة أو 4.6 مليون فرصة جديدة قامت منذ عام 1999 في إسبانيا الشيء الذي سجل ضمن الحجم الإنتاجي الاقتصادي المشترك أخيرا نحو 11 في المائة. في المقابل ساهمت ألمانيا، التي تُعتبر مسؤولة عن نحو 28 في المائة من القوة الاقتصادية لمنطقة اليورو، بنحو 8.5 في المائة أو 1.1 مليون فرصة جديدة في زيادة حجم التوظيف. وهذا يُعتبر أقل مما في إيطاليا الصغيرة اقتصادياً، وفيها حيث أوجدت خلال الأعوام الثماني لليورو نحو 2.7 مليون فرصة عمل جديدة.
ويُعتبر تعزيز التوظيف موزعاً على نحوٍ غير متساو كذلك بين القطاعات الاقتصادية. وبناءً على التحليل الإحصائي للبنك المركزي الأوروبي أوجدت خلال أعوام الاتحاد النقدي فرص عمل جديدة بالأخص في قطاعات مثل الخدمات الإنتاجية، وفي المهن الإنشائية. وهنا تعزز النمو الوظيفي بالمقارنة بالأعوام ما قبل اليورو. وبهذا كسد التوظيف في الاقتصاد الإنشائي في هذه الفترة، بينما ارتفع في الأعوام ما بين 1999 وعام 2005 (لم يُعرض بعد بيانات مفصلة حول هذا الأمر) نحو 1.7 في المائة. وهنا يتراجع الازدهار في الإنشاءات في دول مثل إسبانيا، وأيرلندا، ولكن كذلك الخسائر في التوظيف دوماً أقل مع مرور الوقت في المهن الإنشائية الألمانية.
وحققت قطاعات الخدمات الإنتاجية منذ عام 1999 في منطقة اليورو فرص عمل أكثر بنسبة 1.9 في المائة، في الأعوام قبل اليورو كانت نحو 1.3 في المائة إضافية. والمزيد من الناس وجدوا عملاً بالأخص في سوق العقارات، ولدى الخدمات الإنتاجية المتقاربة مع الشركات، وكذلك في قطاعات الصحة، التجارة، والفنادق، المطاعم. وإضافة إلى ذلك تشير أعوام اليورو إلى تراجع التوظيف المتقلص في الصناعة، وبالأخص في المهن المعالجة، وفي القطاع الزراعي.
ويترك خبراء البنك المركزي الأوروبي الأمر مفتوحاً، فيما إذا كان التطور الجيد لسوق العمل هو النتيجة المباشرة لليورو. وهم يشيرون إلى سياسة التعليم وسوق العمل، التي سهلت التحول في فرص العمل بين القطاعات الاقتصادية، وهم يتحدثون عن المزيد من خطط إعادة الهيكلة لتحسين المرونة في أسواق العمل. وهذا النداء يعود إلى ذخيرة تريشيه بغض النظر عن تأثير اليورو في الحجم الوظيفي.

الأكثر قراءة