زعامات الخليج .. بحارة هادئون في محيط متقلب

زعامات الخليج .. بحارة هادئون في محيط متقلب

هي قمة استثنائية تعقد في ظروف غير اعتيادية، هكذا يمكن أن يقال عن كل القمم السابقة، لكن قمة الدوحة لعام 2014 هي استثناء الاستثناء، تنطق بلغة جديدة، تستحضر الماضي بأدوات المستقبل، في وجه افتتاحها شابان خليجيان لم يعرفهما أحد، لكنهما تحدثا بلغة يعرفها الجميع تحمل آمال شبان الخليج وعقلائهم.
قمة الاستثناء لقمم الاستثناء السابقة تأتي بعد مرحلة عاصفة في تاريخ الخليج الحديث كادت أن تعصف فيه تجاوزات المسيئين بمكتسبات أربعة عقود من التعاون فضلا عن حلم الاتحاد الذي يراود محبي هذا الخليج بدءا بالزعيم الأكبر في هذا الإقليم الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي أطلق فكرة الاتحاد قبل ثلاثة أعوام وحمى المجلس هذا العام من هواجس الانقسام عبر اتفاق تكميلي رعاه في عاصمة العرب مع أشقائه الخليجيين خصوصا الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت ليغلق فصلا صعبا في تاريخ المنطقة راهن فيه كثير من "تجار الخلافات" على مزيد منها ليلطمهم الزعماء الخليجيون بعودة الوئام. كثيرة هي طموحات الخليجيين بحسب لسان حال كثير من نخبهم المعتدلة تتوزع بين الطموح الاقتصادي والتنموي لكنها هذا العام تفضل الحسم في ملف القلاقل الأمنية المحيطة بالجوار وتميل إلى تأسيس كيان اتحادي لا يتزعزع بفعل المنتفعين أو تخريب المخربين – كما يقول خالد الحربي- وهو المهندس الذي يتمنى أن يؤسس الخليجيون جسور بناء دائمة لا تزعزعها الرياح العاصفة ولا تحركها المياه الهائجة في محيط مليء بالتقلبات هو محيطنا الإقليمي، يضيف الحربي، يشير كثير من المراقبين للشأن الخليجي إلى أن زعماء الخليج اختاروا في قمة الرياض الأخيرة التي رعاها العاهل السعودي الانحياز للغة العقل والهدوء والرصانة في تحكيم خلافاتهم بعيدا عن الانفعال العاطفي كي يحفظوا الود الباقي لشعوب الخليج ويكرسوا المكتسبات القائمة بعد أن كادت رحلة الغضب تأخذ الجميع إلى غياهب المجهول، بشّر فيها "مرتزقو الفتن" كما يسميهم خالد الحربي بانعدام الفرصة لعقد قمة خليجية في الدوحة وانفراط العقد الخليجي لكن حكمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز وجهود الشيخ صباح الأحمد وثقافة الاحترام المتبادل عند زعماء الخليج المتوارثة في هذا الإقليم المتشابه والمتآخي حققت المستحيل ولطمت وجوه المنافقين كما يصفهم داهم القحطاني إعلامي وناشط كويتي مل حملات التحريض المتبادلة طوال الأشهر الماضية في منطقة لا تحتمل الانقسام.
ويلفت القحطاني إلى الحكمة والرصانة التي تميز حكومات دول مجلس التعاون مقارنة بالدول المحيطة، مشيرا إلى كلمة الزعماء الخليجيين في افتتاح قمة الدوحة التي تنظر إلى القضايا بشكل يمزج الرغبة في إحقاق الحقوق مع واقع من الصعب تعديله.
ويبقى الأكثر لفتا لانتباه مراقب محايد هو حالة الاعتدال الحاصلة في اختيارات الزعماء الخليجيين وانحيازهم لمبادئ عاشت معهم ومع أسلافهم فيما مواقفهم من الأحداث الأمنية المحيطة تذكر السكان المحليين بأجدادهم المولعين بالغوص المضني قديما في البحر بحثا عن الرزق فيما قادة الخليج اليوم هم بحارة هادئون في محيط من التقلبات وما أليق الهدوء والرصانة بهم.

الأكثر قراءة