لندن .. عيادة في الحي المالي لعلاج الحالات النفسية والعقلية
مجموعة برايوري، التي تشتهر بجهودها في وضع المشاهير الضالين مرة أخرى على طريق السلوك السليم والأخلاق، قررت فتح مركز للعلاج النفسي في الحي المالي في لندن، حيث أصبحت اضطرابات التوتر والقلق أكثر شيوعا.
وستوظف العيادة 15 اختصاصيا من النفسيين والمستشارين الذين يستهدفون معالجة العلل الصحة العقلية الخفيفة نسبيا ــ مثل الوسواس القهري، والإجهاد، والقلق، والاكتئاب ــ التي يمكن السيطرة عليها بأمان في العيادات الخارجية. وفي حال نجاح التجربة، يمكن فتح مزيد من العيادات التي تحمل العلامة التجارية للمجموعة في جميع أنحاء البلاد.
ووفقا لمكتب الإحصاءات الوطنية، فإن عدد أيام العمل التي تضيع بسبب المشكلات الصحية العقلية الخطيرة ارتفع من نصف مليون في عام 2009 إلى مليون يوم في عام 2013. ويضيع نحو 15.2 مليون يوم في السنة بسبب الإجهاد والاكتئاب والقلق، وهو ما يشكل تسعة أضعاف الأيام الضائعة بسبب الصداع النصفي والصداع.
وقال توم ريال، الرئيس التنفيذي المجموعة برايوري، إن هناك سبباً واحداً وراء هذه الزيادة: "لكن الروايات المتناقلة هي أننا نعيش بشكل أكثر انشغالا، وحياة أكثر تطلبا مما كنا عليه". وأضاف: "لقد وضعتنا التكنولوجيا أيضا تحت مزيد من الضغط مما يجعل أداءنا مرئيا وأكثر وضوحا".
وأضاف أن هناك إدراكا بأن العلاجات مثل العلاج السلوكي المعرفي يمكن أن تعمل بشكل أفضل من العقاقير. وقال ريال: "نحن نحاول اكتشاف المرض العقلي في مرحلة مبكرة ووقفه من التفاقم ومنع تدهور الحالة".
والمرضى في عيادة برايوري في الحي المالي، التي من المقرر افتتاحها قبل عيد الميلاد، سوف يدفعون ثمن علاجهم الذي يشمل عادة جلسات تدوم من ساعة إلى ساعتين خلال فترة تمتد من ثلاثة إلى ستة أشهر. وسيتوافر العلاج الجماعي في العيادة الواقعة على شارع فنتشيرتش.
وأصبحت الصحة العقلية قضية سياسية. فقد تعهد نيك كليج، زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي، في الشهر الماضي بتقديم أهداف فترة الانتظار للعلاج، معطيا إياها الأولوية نفسها مثل الصحة الجسدية، بعد أن أظهرت أرقام أن أربعة من أصل خمسة أشخاص لديهم مشكلات تتعلق بالصحة العقلية لم يتلقوا أية مساعدة. وفي خطوة تهدف إلى تشجيع زيادة الوعي بين رجال الأعمال، شكل بنك جولدمان ساكس وKPMG ولينك ليترز "تحالف الصحة العقلية للحي المالي" العام الماضي. وتستشهد المجموعة بأرقام من "مايند" ــ الجمعية الخيرية للصحة النفسية، تبين أن 50 في المائة من الموظفين أقل عرضة لأخذ إجازة وهم أكثر إنتاجية بنسبة 56 في المائة، إذا شعروا بأن أرباب عملهم سيدعمون الصحة النفسية لديهم.
وقال بيتر روجرز، رئيس التحالف والشريك في KPMG، إنه على الرغم من أن الزيادة في عدد الموظفين الذين يبلغون عن وجود مشكلات في الصحة العقلية ترجع في جزء منها إلى وجود رغبة أكبر في الكشف عن متاعبهم، إلا أن الركود زاد أيضا من الضغط. وقال: "يعمل كثير من الأشخاص في الحي المالي لأنه منطقة قادرة على المنافسة، لكن تكثيف العمل والتهديد بفقدان الوظائف يزيد الضغط على أي مستوى كان". ولدى موظفي الحي المالي أيضا خصائص تجعلهم عرضة للمرض العقلي، مثل "النزعة إلى الكمال". وأضاف: "وهناك أيضا الاعتراف بأننا انتقلنا من العصر الصناعي إلى عصر المعلومات، وعقلك هو أفضل أداة لديك. حتى الإجهاد على المدى القصير يمكن أن يؤثر في ما لديك من القدرة المعرفية".
ويهدف "تحالف الصحة العقلية للحي المالي" إلى جعل مجالس الإدارة في الشركات تأخذ هذا الموضوع بجدية، حتى يتسنى تثقيف مديري القطاعات داخل الشركة للكشف عن المشكلات في وقت مبكر. وقال روجرز: "يجد كثيرون أن عدم العمل يعد بحد ذاته مسبباً للإجهاد، لذلك في الغالب من الأفضل إبقاؤهم مشغولين. لكن بالنسبة للذين يحتاجون فعلاً إلى أخذ راحة من العمل، فإن الغالبية العظمى تستطيع العودة إلى العمل وهي في صحة جيدة، أو حتى أفضل مما كانت عليه، وسيكونون أكثر إداركاً لذاتهم وأكثر تعاطفاً".
وتعتبر برايوري أكبر مزود لخدمات الرعاية الصحية العقلية في بريطانيا، وتأتي بعدها "شركاء في الرعاية" في سانت أندروز. ونحو 8 في المائة من سوق الرعاية الصحية، التي تبلغ قيمتها 14.4 مليار جنيه في السنة ــ بما في ذلك مخصصات خدمة الصحة الوطنية ــ يتم تقديمها من القطاع المستقل، وتشكل برايوري 2 في المائة من الحصة السوقية، وفقاً لبيانات من لينج وبويسون.