ندرة الكوادر المؤهلة في الوساطة والاستثمار ترفع مؤشر الطلب على موظفي المصارف
كشف اقتصاديون ومصرفيون أن قطاع الخدمات المالية والاستثمار يواجه ندرة في الكوادر المؤهلة والمدربة في هذا المجال الواعد بالفرص الوظيفية للشباب السعودي، وعزت هذه الندرة إلى قلة البرامج التأهيلية والتدريبية للعاملين في القطاع ولخريجي الجامعات في التخصصات ذات العلاقة.
ونبهت تلك المصادر إلى أهمية تدريب الشباب السعودي بهدف سد حاجة القطاع المتزايدة باضطراد خلال السنوات الماضية والتي يتوقع أن تزيد نسبة الطلب على الكم الهائل من الشواغر في شركات الخدمات المالية والبنوك الاستثمارية سواء المحلية أو الأجنبية والمتوقع أن يتضاعف عددها خلال السنوات المقبلة.
ويتوقع أن تسهم توجهات هيئة السوق المالية في زيادة عدد تراخيص شركات الخدمات المالية والاستثمارية بشكل مباشر في زيادة الطلب على الكوادر الوطنية القيادية التي تطلب إعدادها وتدريبها سنوات طويلة من العمل المصرفي والاستثماري، ما يجعل كل شركة جديدة في هذا القطاع الجديد على السوق تسعى لاستقطاب هذه الكوادر بهدف تنظيم عملياته المؤسساتية وتقديم خدمات ذات كفاءة عالية.
ويرى اقتصاديون أن دعم برامج التدريب والابتعاث الداخلي والخارجي للطلبة والتركيز على التخصصات التي تخدم قطاعات الاقتصاد بشكل عام، مهمة ويجب أن تؤخذ في حسبان الجهات ذات العلاقة، لتغطية المعروض من الفرص الوظيفية المتاحة في القطاع. مشيرين إلى أن الشركات الجديدة ستسعى لاستقطاب الكوادر المؤهلة العاملة في القطاع المصرفي بدلا من استقطاب الخريجين الجدد، وذلك لعدم توافر الإمكانات والتجهيزات التي تملكها البنوك مقارنة بها في مجال تدريب وتطوير كوادرها البشرية.
وأكدوا أنه على الرغم من الجهود التي تبذلها مؤسسة النقد العربي السعودي بالتعاون مع البنوك المحلية، من خلال المعهد المصرفي التابع للمؤسسة، في تأهيل العاملين في المصارف إلا إنها مازالت لا تلبي الحاجة الفعلية لتغطية الطلب الحالي والمستقبلي في قطاع الخدمات المالية والمصارف.
ويرى مصرفيون أن تأسيس شركات خدمات مالية ووساطة ودخول شركاء أجانب في السوق سيثري السوق بخبرات متخصصة لإدارة الأوراق المالية وإدارة الاستثمار، كما إنها ستسهم مستقبلا في وضع برامج واستراتيجيات مستقبلية للتدريب وتأهيل موظفيها عبر إنشاء كليات أو دعم برامج أكاديمية في الجامعات السعودية أو الدولية. كما أشاروا إلى أن الكفاءات العلمية التي تدير الشركة مهمة خصوصاً لصغار المستثمرين وهي التي يجب أن تكون خيارها وألا يقتصر دوره بالاهتمام بعوائد الأرباح، محذرين من ذلك لأنه سيقترن بالمخاطرة العالية، وأن الاستعانة بالخبراء سواء أفراد أو مؤسسات تعد شيئا مهما وأساسيا لنجاح هذه الشركات.
وتوقعت هذه المصادر أن تحقق البنوك السعودية خسائر من سحب أعمال الوساطة منها، إلا أنهم ألمحوا إلى إنها ستتمكن على المدى القصير من تعويض هذه الخسائر بشكل سريع، لقدرتها العالية على خلق فرص استثمارية إضافية عبر الكوادر والإمكانات والخبرات الواسعة التي تمتلكها، إلى جانب أن معظمها يسعى في الوقت الحالي لإنشاء شركات وساطة مالية مستقلة.
وأكدت المصادر ذاتها أنه في حال نجحت البنوك في إنشاء هذه الشركات فبمقدورها أن تكون منافسا لشركات الوساطة التي يمتلكها الأفراد، حيث تتميز الأولى بقدرتها على تحمل المخاطر التي تفتقدها شركات الوساطة الأخرى في بداية مشوارها.
وتوضح المصادر نفسها أن شركات الوساطة الخاصة التي تم الترخيص لها تتفاوت قدراتها وحجم استثماراتها وخبراتها بين شركة وأخرى، ونقص الكوادر المؤهلة في هذا المجال، والتي توزع أغلبها بين الشركات الكبرى بحيث لم يبق الكثير من هذه الكفاءات التي يمكن أن تذهب للشركات الجديدة في السوق أو التأهيل الذي يستغرق وقتا وجهدا يستمر لما بين خمس إلى عشر سنوات للوصول للكفاءة المطلوبة في مجال إدارة الاستثمار وأعمال الوساطة.
وقال عبد الرحمن العتيبي موظف في شركة للوساطة إن استحداث شركات وساطة في السوق فتح المجال أمام عدد كبير من العاملين في البنوك إلى فرص وظيفية أفضل ومزايا مادية أعلى عما تقدمه بعض البنوك. ويؤكد العتيبي أن المنافسة بين هذه الشركات في الحصول على الشباب المؤهل ترفع من بورصة الطلب على مثل هذه الوظائف، وهذا يعود في النهاية لمصلحة العاملين والعملاء والاقتصاد بشكل عام. فيما وصف عدد من المسؤولين في شركات الوساطة أن القطاع يعاني من ندرة أو قلة المؤهلين في مجال مهنة الوساطة المالية من الكوادر السعودية خاصة في المناصب القيادية التي تشترط مؤهلات علمية عالية ودرجة كافية من الخبرة والممارسة العملية، في ظل شدة المنافسة بين الشركات على هذه الفئة من العاملين، والتي تعد من أهم التحديات في وجه شركات الوساطة المرخص لها محدودية العناصر البشرية المؤهلة ليست في السعودية فحسب بل في المنطقة ككل.