فروقات جوهرية بين "التكافل العائلي" والمنتج الغربي لـ "التأمين على الحياة"

فروقات جوهرية بين "التكافل العائلي" والمنتج الغربي لـ "التأمين على الحياة"

رغم أن "التكافل العائلي" هو المقابل الإسلامي للتأمين على الحياة، إلا أن هناك فروقاً أساسية تفصل بين النظامين. وحتى نتمكن من زيادة تغلغل النظام الإسلامي في السوق، لا بد أن نفهم بصورة أفضل المبادئ التي يقوم عليها التكافل، إلى جانب البسط والتوضيح لقواعد وضع "البوليصة التأمينية" وتحديد الدور الذي يقوم به الوكلاء والوسطاء الماليون.
إن التكافل الإسلامي لا يعني التأمين على الحياة. وإنما هو نوع من التعاملات المالية التي تتعهد بحماية أفراد عائلة المؤَمِّن ضد المخاطر المالية المستقبلية غير المتوقعة.
بعد أن يدفع المشارك كل دفعة، تقسم هذه الدفعة وتقيدها شركة التكافل لصالحه في حسابين منفصلين: الأول هو حساب المشارك، والآخر هو الحساب الخاص بالمشارك، حيث تقيد نسبة لا يستهان بها من الدفعة المذكورة في حساب المشارك فقط لأغراض مدخراته واستثماراته. ويقيد المبلغ المتبقي من الدفعة في الحساب الخاص للمشارك على أنه تبرع، بهدف المساعدة المشتركة.
تلخيص المبادئ الأساسية التي تحكم عمل التكافل العائلي:
1ـ قبل أن يدخل المؤَمِّن في اتفاقية للتأمين على الحياة، يجب أن تكون لديه "نية صادقة" بأن البوليصة لن تؤدي إلى مكسب مالي، وإنما تهدف إلى تقديم الحماية لذريته وزوجه وغيرهم ممن يعول لتأمينهم من المخاطر المالية المستقبلية غير المتوقعة.
2ـ يجب ألا تشتمل بوليصة التأمين على عنصر الربا. بل يجب أن تستند إلى مبدأ المرابحة، حيث يقتسم المؤَمِّن مع المؤَمَّن عليه أو المستفيدين منه الأرباح والزيادات والعوائد كل حسب نصيبه. وفي حالة الخسارة أو الغرم يجب كذلك اقتسامها وتوزيعها حسب نظام التوزيع بين الجماعة.
3ـ في حالة وفاة المؤَمِّن في أي وقت خلال مدة البوليصة لا يستطيع المستفيدون من البوليصة المطالبة بكامل المبلغ، وإنما فقط بالمبالغ المدفوعة، وبحصة في الأرباح المتحققة على المبالغ المدفوعة وفي الزيادات والعوائد، إضافة إلى تبرع من صندوق التبرعات في الشركة وفقاً للوضع المالي للمؤَمِّن.

4ـ إذا كان المؤَمِّن حياً عند انتهاء مدة البوليصة فإن بإمكانه فقط مطالبة الشركة بالمبالغ المدفوعة، وبحصة في الأرباح المتحققة على المبالغ المدفوعة وفي الزيادات والعوائد وفقاً لأحكام البوليصة.
الفروق بين "التأمين على الحياة" في النظام الحديث و "التكافل العائلي":
1ـ بموجب بوليصة التأمين على الحياة في النظام التقليدي يكون الشخص الذي وضعت البوليصة باسمه هو المستفيد المطلق. أما في بوليصة التكافل العائلي فإنه لا يزيد على كونه أميناً على الحساب مفوضاً بتلقي العوائد على البوليصة بالنيابة عن المستفيدين الذين حددهم المؤَمّن، وبتوزيعها بينهم وفقاً لمبادئ الميراث والوصية.
2ـ بموجب النظام التقليدي يتلقى الوكلاء دخلهم من المبالغ التي يدفعها المؤَمّن، في حين أنه في نظام التكافل يتلقى الوكلاء رواتبهم وتعويضاتهم من شركة التكافل.
3ـ في ظل النظام التقليدي تقيد الفائدة القابلة للتأمين في العادة لصالح حامل البوليصة نفسه، إذا كان حياً عند نهاية مدة البوليصة. وفي حالة وفاته قبل نهاية مدة البوليصة فإن الفائدة القابلة للتأمين تقيد لصالح الزوج أو الزوجة أو الوالدين أو الأبناء أو المحسن أو المستفيد. وفي المقابل فإن الفائدة القابلة للتأمين في نظام التكافل ستكون لصالح المؤَمِّن نفسه، وفي حالة وفاته تكون لصالح المستفيدين منه وفقاً لنظام المواريث والوصية.

إعادة التكافل
إن إعادة التأمين Re-insurance على أعمال التكافل حسب أحكام الشريعة موضوع يخضع لجدل واسع. والمشكلة في هذا الموضوع عدم وجود شركات لإعادة التكافل في السوق. وبذلك كانت شركات التكافل تجد نفسها في مأزق وهو اضطرارها إلى إعادة التأمين على أسس تقليدية، وهو ما يخالف رغبة العميل في السعي لتحقيق تغطية تأمينية وفقاً لأحكام الشريعة. وقد أفتى الفقهاء بجواز قيام مشغلي التكافل بإعادة التأمين على أسس تقليدية إذا لم يتوافر بديل جاهز لإعادة التكافل. ولذلك فإن شركات التكافل تروج بحماس لمفهوم التأمين المشترك. ويلجأ عدد كبير من شركات إعادة التأمين التقليدية في البلدان الإسلامية إلى إعادة تأمين شركات إعادة التأمين Retrocession. ومع ذلك لا يزال هناك نقص في الطاقة الاستيعابية ضمن صناعة التكافل العالمية. ويوضع قدر معين من المخاطر لدى شركات إعادة التأمين الدولية التي تعمل على الأسس التقليدية.

الخلاصة
إن هدف التكافل العائلي واضح، وهو ليس فقط تقديم حماية مادية مستقبلية لعائلة المؤَمِّن، وإنما كذلك لضمان مساندة الأطراف الأخرى في التكافل، بما يضمن دخول أعضاء الجماعة الإسلامية كافة واجتذابهم للدخول في التزامات مشتركة وتعاون مالي مشترك. وحتى ينمو نظام التكافل ويبلغ مرحلة النضج لا بد من إحداث تغييرات عديدة، إذ إن هناك حاجة إلى زيادة رسملة شركات التكافل. ولا بد من التسويق لهذا المفهوم وتشجيع إعادة التكافل. ثم إن هناك حاجة للاتفاق على الحد الأدنى من السن الذي يستطيع فيه أي شخص أن يكون طرفاً في التعاقد، والسن المتعارف عليها الآن لذلك هي سن الرشد تقريباً، وهي مسألة لا تزال خلافية بين الفقهاء. أخيراً لا بد من إنشاء شبكة من الوكلاء والوسطاء المرخصين لترويج وتطوير منتجات التكافل وتشغيلها ضمن المجتمع الإسلامي.

إن التأمين، خصوصاً التأمين على الحياة، هو جزء أساسي من الحماية الاجتماعية اللازمة لأي مجتمع، ويمكن أن يكون له أيضاً موقعه المناسب في المجتمعات الإسلامية. ولكن نتيجة لسنين طويلة من سوء الفهم والتصورات الخاطئة فقد خُلِقت عقبات عقلية أمام التأمين في الثقافة الإسلامية. ويعتقد أن التكافل أو التأمين التعاوني هو الخطوة السليمة إلى الأمام نحو تفكيك وإزالة العقبات التي من هذا القبيل. فحين يُطرح نظام التكافل على الوجه الصحيح ويُفهم على النحو السليم فإن من الممكن أن يؤدي إلى زيادة مضاعفة في شراء منتجات التأمين في البلدان الإسلامية وبين المسلمين أنفسهم في البلدان الأخرى.

* الكاتب أحد كبار التنفيذيين في شركة القانون B.J. Macfarlane البريطانية المتخصصة في تقديم الاستشارات حول أنشطة التأمين.

الأكثر قراءة