موجة بيع في أسواق النفط والحبوب تشكل قوة ضغط أعلى
مرت على أسواق الحبوب ودول النفط الأسبوع الماضي موجة بيع، كما لم يسبق أن شوهدت منذ فترة بعيدة. وقد بدت المؤشرات قوية على نحوٍ مميز في البورصة الآجلة في شيكاجو للذرة بسبب احتمالية أن يرزح فيض الذرة القائم تحت الضغوط، ولكن كذلك الأسعار فيما يتعلق بالقمح، وفول الصويا، فقدت جزءا كبيرا على الساحة.
والسبب وراء الانهيار التحصيلي كان تقريرين لوزارة الزراعة في واشنطن - USDA ، والتي لم تأخذ بعين الاعتبار في دراستها سوى العلاقات في أسواق الزراعة الأمريكية. وبفعل أهميتها المذهلة بالنسبة لتزويد باقي العالم، أشارت على نحوٍ غير مباشر إلى تأثير متجاوز لحدود الدولة. وقد أظهر أحد التقارير بعض المعلومات عن مخزون الحبوب ودول النفط في الأول من آذار (مارس) الماضي. أما الثاني، بدا أكثر أهمية بصورة جذرية، وقد تضمّن التقدير الأول المسطحات للمحاصيل الأمريكية لعام 2007. وهو يعتمد على الدراسات الإحصائية بين المزارعين، الذين يحظون بأهمية كبيرة في الدولة ككل. وتصدر البيانات الفعلية لوزارة الزراعة الأمريكية المعتمدة على تقرير المسطحات في نهاية حزيران (يونيو) الماضي.
وما كان متوقعاً بصورة عامة في الطليعة، بأن ارتفاعات الأسعار المشهودة منذ خريف 2006 في محاصيل الذرة من الممكن أن تعمل على زيادة المسطحات لعام 2007. وبما أن الذرة وفول الصويا بالأخص في الوسط الغربي الأمريكي، منطقة الإنتاج الأهم لكلا المحصولين الحقليين في العالم، يتنافسان على المسطحات المتاحة، كان من الواضح، أنه لا بد أن تعمل زراعة الذرة المرتفعة على فرض عبء على مسطحات فول الصويا. وبالفعل ما أعلنه تقرير المسطحات التابع للوزارة في الثلاثين من آذار (مارس)، أصاب جميع التوقعات الخاصة، وبالتالي أدى إلى انهيار حاد في الأسعار. ومن المفترض توسعة مسطحات الذرة في 2007 الجاري مقابل العام الماضي بنحو 15 في المائة إلى أعلى معدل لها منذ عام 1944. وعملت التوقعات الخاصة المتناقلة على توقّع زيادة تعادل نحو 10 في المائة. وبالإضافة إلى هذا، تجاوز مخزون الذرة الأمريكي في الأول من آذار (مارس) التنبؤات. والحاجة إلى الذرة الأمريكية بدت خلال الأشهر الثلاثة حتى ذلك التاريخ أقل مما كان معتاداً عليه بصورة عامة.
وتتزايد مسطحات فول الصويا حسب معلومات وزارة الزراعة الأمريكية - USDA مقابل العام الماضي نحو 11 في المائة، وبالتالي تنخفض إلى أدنى مستوى لها منذ 11 عاماً. ورغم أنه في الوقت ذاته تحت الإشارة إلى الأعداد على أنها حاملة للازدهار بصورة استثنائية، رزحت أهم دولة للنفط في دوامة للمبيعات. ويتم توضيح هذا مع عملية آلية انقضت تقريباً: بما أن سعر الذرة أخيراً خلال الأسبوع الماضي هبط نحو أدنى قدر يومي ممكن، تمكن أغلب المالكين لمراكز الشراء في خلال تلك الأيام من فضّ التزاماتهم التجارية تلك. وبهدف الحدّ من خسائرهم الدراماتيكية الفعلية، باعوا التزاماتهم التجارية فيما يتعلق بفول الصويا، ولكن كذلك فيما يتعلق بالقمح والشوفان.
وبكثير من التوتر، ينتظر الآن متداولو السوق وبخاصةً في شيكاجو، ما سيتبقى، عندما تفرض العاصفة نفسها. ومن غير المختلف عليه أنه عقب وضع الشروط التقنية سوف تبرز زيادة وإفراط إلى الأسفل أو بالأحرى برزت أصلاً. والمحللون الموجهون بصورة جذرية يتحفّظون تجاه التوقعات فيما يتعلق بمصداقية أو إصابة تقديرات المسطحات، وفيما يتعلق بمزيد من الأحداث في بعض الأسواق الفردية بصورة واضحة. وهم يشيرون بالأخص إلى أن أعمال الزراعة المتخصصة في الذرة وفول الصويا لا تزال في بداياتها. ولهذا من الممكن أن تكون جيدة جداً، بأن جزءا معتبرا من المزارعين يعيدون التفكير من جديد بمخططات الإنتاج، نظراً لتغيّرات الأسعار الأخيرة. ولكن من الممكن أن تكون الشروط للتعديلات الكبيرة، بأنها تملك بذورا كافية، لتتمكن من التحويل من الذرة إلى فول الصويا بعد.
ولاحقاً سيصل الأمر إلى أن تسير أمور زراعة الذرة ضمن شروط مواتية إلى حدٍ ما. وإذا كانت لا بد أن تؤجل على سبيل المثال بسبب الحقول المشبعة بالماء، حتى أيار (مايو)، سيتخلى المزارعون عن زراعة الذرة، وسيقدمون على تشغيل المسطحات المصممة في الأصل للحبوب الغذائية لفول الصويا، حيث ينمو فول الصويا بسرعة أكبر من الذرة، ويعاود الظهور من جديد في أواخر فصل الصيف، وفي بداية أوائل موسم التجمّد الخريفي. ويتوارى خلف زراعة الذرة اللاحقة الخطر، بأن المحصول لم يتطور بعد، إذا كان لا بد أن يحصل التجمّد بصورة مبكرة.
وبعض الخبراء ينصحون بصورة ملحة، بعدم استنباط أية استنتاجات سريعة وسطحية من تقرير المسطحات الخاص بوزارة الزراعة الأمريكية. وهو لا يخدم سوى التكيّف الغامض. والنظرية الشائعة الآن حول فيض الذرة لا تزال تقف على أقدام راسخة على مدى أشهر. وفي الحديث عن الشح الحاد في دول النفط، من الممكن أن يكون الأمر سابقاً لأوانه. ولكن كل ما يمكن اعتباره أكيداً، أنه خلال الأشهر المقبلة، من المفترض الأخذ بعين الاعتبار، تطور أسعار قوية غير اعتيادي بالأخص فيما يتعلق بالذرة وفول الصويا.