حاضنة أعمال أم بنك؟
يقال إن هناك أكثر من عشر جهات تدعي أنها حاضنات أعمال في المملكة، وعلى الرغم من تفاوت الشريحة التي تستهدفها كل حاضنة، إلا أننا هنا نطالب بتعريف عمل حاضنة الأعمال.
وكي نعرف حاضنة الأعمال، فالنظر أولا إلى احتياجات الأعمال الجديدة الناشئة، حتى نستطيع تعريف ماهية حاضنة الأعمال، وأنا هنا أتحدث من واقع تجربة مقرونة بتخصص علمي، ولا أتحدث من على كنبة مريحة لأنظّر للآخرين عن ماهية حاضنة الأعمال.
يحتاج أي مشروع ناشئ إلى عدد من المقومات ليبدأ، أولها حاجة السوق للمشروع وآخرها التمويل، إلا أن أي مشروع ناشئ يكون في أمس الحاجة للدعم بعد البدء أكثر من قبل البدء، فما يكتب على أوراق خطة العمل ودراسة الجدوى هو تصور صاحب المشروع للحاجة والسوق والمنافسة والتمويل الذي يحتاج إليه المشروع ليبدأ، إلا أن أكثر الناس حظاً سيجد أن 60 في المائة من خطته ودراسته حقيقي والباقي قد تغير أو في طريقه للتغير، لأن دراسة الجدوى وخطة العمل تعكسان الوضع السوقي بجميع جوانبه لحظة عمل الخطة أو الدراسة فقط، ومن ناحية نظرية، ولا تعكسان كل ما سلف ذكره بعد عمل الدراسة والبحث، لأن التغيير سمة من سمات السوق الأساسية، ولم يوجد أحد بعد يستطيع أن يتنبأ بموعد التغيير القادم في أي سوق. وهذا لا يعني أن خطة العمل أو دراسة الجدوى لا طائل منهما، بل يجب أن نعرف وظيفة كل منهما؛ فدراسة الجدوى هي الطريق لمعرفة الجدوى المالية من المشروع فقط، ولا تعني نجاحه من عدمه، أما خطة العمل فهي توضح لصاحب المشروع معالم وملامح الطريق الذي سيسلكه لو بدأ في المشروع، ولكنها لا تتنبأ له بكل ما سيواجهه من صعوبات أو فرص.
وإذا علمنا أن أي مشروع ناشئ سيواجه رياح التغييرات السوقية والمنافسة وعدم دقة خطة العمل للمشروع، فإننا سنصل إلى نتيجة مفادها أن أي مشروع ناشئ هو في أمس الحاجة للدعم المالي واللوجستي في أول ثلاث سنوات من عمره، لأن نسبة إغلاق أو فشل المشاريع الناشئة تبلغ 50 في المائة عالميا خلال السنوات الثلاث الأولى، أما في السنتين التاليتين، فهناك 60 في المائة مما تبقى سيخرج من السوق، وهنا نسأل، هل كل هذه المشاريع التي أغلقت أو خرجت من السوق فاشلة؟ وهل كل هذه المشاريع لم تعمل لها دراسات جدوى وخطط عمل؟ الجواب ومن واقع تجربة: لا، إلا أن هذه المشاريع لم تلق الصبر والطاقة والدعم الكافي لاستمراريتها، وخصوصا من الجانب اللوجستي والمالي.
وهنا نسأل، هل ما يسمى بحاضنات الأعمال المنتشرة في المملكة تقوم بهذا الدور؟ وكي أكون أكثر وضوحاً هنا: هل يقوم بنك التسليف والبرامج الحكومية الأخرى بهذا الدور؟ ومن واقع تجربة أقول إنه لا يوجد لحد الآن حاضنة أعمال حقيقية تحتضن المشاريع الناشئة بعد بدايتها ماليا ولوجستياً، بل يوجد لدينا مصارف تقبل بمخاطر أكبر من المصارف التقليدية فقط.