سوق الأسهم في حاجة إلى "لغة الأفيال" كما هو الأمر في السوق الأمريكية
أكد محللون ماليون أن الارتفاعات والتراجعات الآنية التي تشهدها سوق الأسهم السعودية وعدم بقاء السوق في وتيرة واحدة لفترة طويلة, يعكس خضوعها لتعاملات المضاربين, في الوقت الذي يفترض أن تتجه التداولات نحو التعامل المؤسسي.
واعتبر الخبراء ما يجري في السوق حالياً امتداداً لسلوك المضاربة، الذي تتبعه إدارات المحافظ الكبيرة في السوق، مؤكدين أن تحكم تلك المحافظ في السوق يرجع إلى عدم وجود مؤسسات كبيرة تحفظ للسوق توازنها.
وهنا أكد الدكتور سالم آل قظيع المستشار الاقتصادي، أن ما يجري حالياً في سوق الأسهم انعكاس لرغبات "هوامير الأسهم"وتوجهاتهم نحو المضاربة قصيرة الأجل والمشروعة نظاماً، لافتاً إلى أن السوق تتحرك منذ نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) 2006 وحتى اليوم بالسلوك نفسه تقريباً.
وقال آل قضيع إن هذا مؤشر خطر يدل على أن سوق الأسهم السعودية بدأت تدخل مرحلة الإدمان على "سلوك التداول الفردي، مشيراً إلى أنه وإن حقق منافع قصيرة الأجل للكثير من المتعاملين إلا أنه نذير خطر على تطور السوق المالية برمتها.
وأشار آل قظيع إلى أنه من المفترض أن يغلب على السوق سلوك المؤسسات المستثمرة والكبيرة داخل السوق كصناديق التقاعد العامة والخاصة، شركات التأمين، بنوك الاستثمار، الصناديق الاستثمارية بأنواعها، وغيرها من المؤسسات المالية الكبيرة.
وأفاد أن تلك المؤسسات تسمى بلغة السوق الأمريكية "الأفيال"، مؤكداً أن سوق الأسهم السعودية في أمس الحاجة إلى تغليب "الأفيال" على التداول لضمان ميل السوق إلى الاستقرار والانطلاق نحو مستوى أفضل من التطور.
وتابع المستشار الاقتصادي أن هذه "الأفيال" تسيطر على نحو 50 في المائة إلى 70 في المائة من حجم التداول في السوق الأمريكية.
وذهب آل قضيع بقوله إلى أنه لا يمكن الجزم بأن سوق الأسهم ستنتهج سلوكاً صاعداً خلال هذا العام، لكون هذا لا يصب في مصلحة منهج المضاربة قصيرة الأجل، حيث إن المكاسب المباشرة وغير المباشرة للمضاربة تأتي من التذبذبات قصيرة الأجل أكثر من الاتجاه التصاعدي المستمر.
وأضاف أنه يمكن القول إن سلوك سوق الأسهم سيأخذ تقريباً المنحى نفسه الذي يسير عليه منذ نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) 2006م وحتى الآن، إلا إذا تم تعبيد الطريق أمام المؤسسات المستثمرة "الأفيال" للتعامل في السوق التي كما يبدو تقف مترددة في الدخول في غمار سوق الأسهم خوفاً من الحركة المضطربة للهوامير، على حد قوله.
واعتبر المستشار الاقتصادي أن هناك وسائل واستراتيجيات متعددة لتعبيد الطرق أمام هذه الأفيال وتشجيعها على الدخول في سوق الأسهم السعودية، فصل السوق تمهيداً لتحييد العامل النفسي للمؤشر والنزعة نحو المضاربة غير المحسوبة، والاستمرار في طرح المزيد من الاكتتابات.
في المقابل، يتفق نبيل المبارك الخبير الاقتصادي مع ما ذكره آل قظيع، لكنه أوضح أنه لا يوجد في الوقت الحالي أي عملية أساسية لقراءة السوق، كما أنه لا يوجد أي رابط بين الارتفاع وواقع السوق.
وزاد، أن "الهوامير" في السوق يستعدون لعملية تصريف كبير على أسهمهم، وأنهم يحاولون بعد خلق هذا الارتفاع القوي جر أكبر عدد من المستثمرين الصغار وإغرائهم، وتعليقهم في تلك الأسهم والانسحاب تدريجياً وتوريط من خلفهم.
وأشار المبارك إلى أن كبار المضاربين أو "الهوامير" بدأوا في الفترة الأخيرة في تغيير مخططاتهم، وتطويرها بالشكل الذي يخدم مصالحهم، موضحاً أنهم - الهوامير - يعملون بمخطط أكثر تعقيداً وعمقاً من قبل، يصعب فهمه من قبل صغار المستثمرين.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن السوق السعودية لا تزال تحت سيطرة المحافظ الكبيرة في السوق، مطالباً بتدخل المؤسسات الكبيرة التي تحفظ للسوق توازنها واستقرارها.
وقال المبارك إن الجهات الرسمية في المملكة غير قادرة على اكتشاف أعمال المضاربين، بسبب أن هذه الفئة أصبحت أكثر خبرة وقدرة من أي وقت مضى وبالتالي أصبحت تتلاعب على الأنظمة أكثر من أي وقت مضى، على حد قوله.
من جهته أوضح حمد آل الشيخ المستشار الاقتصادي ورئيس قسم الاقتصاد في جامعة الملك سعود، أن الانخفاضات التي حدثت في سوق الأسهم خلال الفترة الماضية كانت لأسباب خارجة عن أساسيات السوق، موضحاً أنه في بداية الموجه التصاعدية الأولى إلى أن وصل المؤشر لمستوى 8600 نقطة لم يكن هناك جني أرباح أو عودة لنقاط الدعم لتأسيسها من جديد، وبالتالي كان من الضروري العودة إلى الوراء.
وأضاف آل الشيخ أن هذا السبب توافق مع عدم وضوح الرؤية السياسية تجاه الأزمة الإيرانية، وأنه مع زوال تلك الأزمة ولو بشكل يسير، ارتفع مؤشر السوق.
وأضاف أنه بزوال تلك المتغيرات فإن ذلك طمأن المتداولين، مما دفع المؤشر باتجاه الموجه التصاعدية الثانية، مؤكداً أنها ستكون أقوى من الموجة الأولى في الوقت الذي ستعتمد فيه على سلوك كبار المضاربين في السوق. وقال المستشار الاقتصادي ورئيس قسم الاقتصاد في جامعة الملك سعود، إن جميع المتغيرات الحالية في صالح السوق، معتبراً أن من أهم تلك المتغيرات تقارير الشركات عن الربع الأول من العام الجاري، التي أكد أنها ستدعم المؤشر بشكل قوي خلال الفترة المقبلة.