كيف يتحول القرض الحسن إلى أداة لجني الربا؟

كيف يتحول القرض الحسن إلى أداة لجني الربا؟

يعرف "القرض" بأنه تحويل ملكية أصل أو مال من مالكه الأصلي إلى الآخرين بشرط إرجاع الأصل أو المال إلى المالك بالحالة نفسها، والشكل، والقيمة التي استلمها فيها الطرف الآخر من المالك.
وبكلمات أخرى، فهو دين يعطى على شكل مال أو سلع مقترضة، مثل سيارة، أو هاتف جوال، إلى شخص آخر بشرط إرجاع هذه السلع لمالكها بالحالة نفسها التي كانت عليها، ودون إضافة أي شيء لها.
إن الاقتراض أو "القرض" في الإسلام هو عقد يقوم على مفهوم المساعدة المتبادلة "التبرع"، والتفكير في رفاه الآخرين، وخصوصاً المحتاجين. وهكذا، وعلى هذا الأساس، فإن عقد القرض في الإسلام لم يقصد منه أن يصبح أداة للشركات، أي لجني الأرباح على سبيل المثال، لأن الهدف من التجارة هو تحقيق الأرباح ويمكن أن تعاني من الخسارة، ولكن القرض الحسن عمل جدير بالاحترام لا يحظى بأي ربح مادي مقابل هذه الممارسة.
وعليه، فإن الإسلام وضع التزاماً بإعادة المال المقترض دون أي إضافة أو نقصان لقرش أو أقل.

التكلفة الإدارية/ أجر إدارة منح القرض
كان هنالك جدل واسع بين العلماء المسلمين حول التكلفة الإدارية/ وأجر الإدارة للقرض الممنوح بموجب القرض الحسن, حيث كانت هنالك جهات قليلة تقدم منتجات التمويل الإسلامي تحت اسم القرض الحسن.
ومع ذلك، من الملاحظ أن تطبيق القرض الحسن يخالف هدفه الخيري، حيث تحول إلى أداة مالية ذات غرض مزدوج، بحيث تم تبرير شعار التكلفة الإدارية/ والأجر الإداري، لجعل القرض مشروعا في نظر العامة، ولكنه في الواقع يتناقض مع مبادئ الشريعة.
وقبل أن أشرع في مناقشة مسألة رسوم الخدمة، أقدم لكم هنا قرار مجلس الحقوقيين الدولي الذي انعقد برعاية هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية AAOFI http://www.aaoifi.com الذي يذكر أن جميع أنواع الفائدة أو الإضافات (من المبلغ المقترض) المتفق عليها بين المقترض والمقرض، أو المشترط عليها مسبقاً في العقد، أو المفروضة لدى تأخر السداد، على شكل أموال، أو أمور، أو أي فائدة، محرمة بشدة، وتعتبر ربا. ( معيار الشريعة، AAOIFI، صفحة 336).
وورد كذلك في معايير AAOIFI، المتماشية مع قرار مجمع الفقه الدولي في دورته الثالثة عام 1986 أن احتساب تكلفة الخدمة مسموح به بشرط أن يكون تكلفة فعلية.
وذكر القرار أن المبلغ المفروض الزائد عن التكلفة الفعلية محرم، وبالتي فإن الفقهاء المسلمين اتفقوا بالإجماع في المجلس على أن الصيغة المستخدمة لحساب التكلفة يجب أن تكون ملائمة، وصحيحة، ودقيقة. وإضافة إلى ذلك، فإن التكاليف غير المباشرة مثل مصاريف التوظيف، وأجرة ومصاريف المكتب، ومسؤوليات أخرى، ليست شاملة في التكلفة الفعلية للتمويل.
وفي الختام، يجب أن نفهم أن الخدمة والتكلفة الإدارية المتراكمة في مقدار نسبة مثل 2 في المائة، أو 3 في المائة، أو 4 في المائة من المبلغ الرئيسي تحت اسم الخدمة والتكلفة الإدارية ضمن القرض الحسن ليست مقبولة من جانب العديد من الفقهاء الإسلاميين. وقرر مستشارو الشريعة الدوليون لدى AAOIFI بشكل واضح إنه: "لا يجوز ربط الرسم بالمبلغ الذي تم سحبه (المعطى)." ( معيار الشريعة، الرقم 10/3/2، صفحة 338). وأساس هذه النظرة هو تجنب ربط النسبة بمبلغ التكلفة وفقاً لمقدار التمويل، ومن ثم يؤدي إلى أن يصبح رسم الخدمة مقداراً من المال قابلاً للتغيير.
وفي الحقيقة، فإن هذا الرسم يجب أن يكون المبلغ نفسه، بغض النظر عن المبالغ المدفوعة للمقترض (من أجل استخدام الأدوات والنظام ذاته). ورسوم الخدمة هذه المبنية على النسبة المئوية هي ربا حقيقي يختفي وراء اسم الخدمة، والتكلفة الإدارية في القرض الحسن.
دعونا نتخيل أن تكلفة تمويل ما يمكن أن يبلغ 500 رنجت ماليزي فقط (على سبيل المثال) لكل صفقة، تتضمن استخدام الكمبيوتر، والنفقات الإدارية، والرسوم الإدارية.. إلخ. وتقودنا هذه الحقيقة إلى تفاهم بأنه في تمويل المبلغ المتفق عليه، فإن التكلفة الحقيقية الدقيقة المفروضة على جميع المقترضين يجب أن تكون قريبة من مبلغ 500 رنجت ماليزي، حتى لو كان المبلغ المقترض أعلى من 50 ألف رنجت ماليزي على سبيل المثال.
وإذا تم فرض نسبة على التكلفة، فإن التكلفة المفروضة تتبع المبدأ الرئيسي، وبالتالي فإنها لا تعتبر أكثر من التكلفة الحقيقية للخدمة والإدارة، ولكن نتيجة لذلك تصبح ربا، أو فائدة تفرض على كل قرش مقترض.
وأخيراً، فإن هذا التقرير يعتزم أساساً لإيصال رسالة إلى الجميع لضمان عدم اللبس في مفهوم القرض الحسن، وفتوى مجلس الفقهاء المسلمين الدولي حول جواز تحميل تكاليف الخدمة والإدارة من قبل الجمهور، أو التلاعب به.

* الكاتب هو أحد كبار المسؤولين في إدارة تطوير المنتجات المتوافقة مع الشريعة في بنك RHB الإسلامي الماليزي وهو حاصل على شهادة الماجستير في الشريعة من الأردن

الأكثر قراءة