موظفات يقمن بنفس مهام الرجل وساعات عمله ولكن دون بدل سكن
تتعمد الكثير من منشآت القطاع الخاص في الفترة الأخيرة، توظيف النساء عوضا عن الرجال، ولكن ليس اقتناعا بكفاءتهن أو مهارتهن في العمل، بقدر ما يكون ذلك فرصة للتنصل من العديد من الالتزامات المالية والحقوقية الواجب توافرها للعاملين الرجال، ومنها مستوى الأجور والبدلات.
ويأتي "بدل سكن"، كواحد من حقوق النساء العاملات الذي ينتهك دون أدنى اعتبار أو خوف من العقوبات، فهذا الجزء المالي من الراتب تحرم منه فتيات وسيدات عاملات رغم قيامهن بالمهام الوظيفية نفسها، وبمعدل ساعات العمل نفسه التي يقوم بها الرجل، إلا أن أصحاب العمل لا يرون أنهن يستحقن بدلا خاصا بالسكن، لأنهن ـ وفق اعتقادهم ـ غير مسؤولات عن تحمل نفقات السكن.
من هنا يرى أصحاب مكاتب توظيف ومحامون وعاملات أن هذا النظام هو انتهاك صارخ لحقوق العاملات، وصورة واضحة للتمييز الذي تتعرض له العاملات في سوق العمل السعودي، مطالبين بوجود نص نظامي يمنع وجود وانتشار مثل هذا النوع من التمييز.
ويعتبر نظام الخدمة المدنية واضحا في تلك المسألة فهو لا يعطي "بدل السكن" لأي من الموظفين، بينما يقف نظام العمل حائرا وغير واضح المعالم، فهو يعطيه تارة ويحجبه تارة أخرى.
بدل السكن وانتهاك الحقوق
تقول منيرة العنزي، موظفة في القطاع الخاص، إنها تعمل في شركة متخصصة في العلاقات العامة، وتعتبر راتبها جيدا، ولكنها وبالرغم من أنها تعمل عدد ساعات العمل نفسه وتؤدي الوظيفة نفسها مع زملائها من الرجال، إلا أنهم يحصلون على بدلات السكن، فيما تحرم هي وزميلاتها، مشيرة إلى أن السبب في عدم إعطائها بدل السكن، يرجع لكونها غير مسؤولة عن السكن من وجهة نظر صاحب العمل، على الرغم من أن بعض السيدات يكن أحيانا مسؤولات عن إعانة وإعاشة الأسرة.
وتصف فاطمة الخالدي حرمان الموظفات من بدل السكن بأنه انتهاك لحقوق المرأة، مشيرة إلى أنه من المنطقي أنني أقوم بالمهام الوظيفية نفسها التي يقوم بها الرجل، فلماذا هذه التفرقة وإعطاء الرجل بدلا للسكن مكونا من راتبين أو ثلاثة، في الوقت الذي لا أحصل فيه على هذا الحق بحجة أنني امرأة؟ مشيرة إلى أن الكثير من السيدات وخصوصا مع تزايد حالات الطلاق يكن مسؤولات عن إعالة وإعاشة أنفسهن وأسرهن أيضا.
التمييز طبيعي ودليله إجازة الأمومة
في المقابل لا يرى عدد من الموظفين أن حرمان الموظفة من بدل السكن هو انتهاك لحقوقها، إذ إن هناك الكثير من الحقوق التي تحصل عليها المرأة بحكم طبيعتها، فيما يحرم منها الرجل، ومنها "إجازة الأمومة".
وهنا يرى خالد عبد الرحمن، موظف، أن إعطاء بدل السكن للموظف وحرمان الموظفة منه هو أمر طبيعي وميزة خاصة بالرجل، لأنه ووفق خصائصنا الاجتماعية والدينية فهو مكلف بالنفقة على المرأة، ومنها السكن، فيما تتمتع المرأة بإجازات أمومة ورعاية أبناء كحق طبيعى لها باعتبارها المسؤولة عن الإنجاب والتربية بصورة أكبر.
وأضاف خالد" الطبيعي أن المرأة لا تكون مسؤولة عن نفقات السكن إلى فيما ندر والحالات النادرة لا يقاس عليها، إذ إنها لو كانت محتاجه لبدل السكن ولديها أوراق تثبت ذلك فبإمكانها المطالبة به بصفة فردية".
دعوة للمناضلة من أجل الحقوق
من جهتها تعتقد بنان أبو طير رئيس شركة توظيف، أن عدم إعطاء الموظفات بدل سكن أمر شائع في الكثير من الشركات، مشيرة إلى أن أصحاب العمل يعمدون إلى توظيف فتيات كونهن الأقل أجرا وبدلات، فهم يعتقدون أن الموظفة لا تحتاج إلى بدل سكن، وهذا أمر مغلوط، إذ إن أساس بنود العمل أن يعطى الموظف الأجر بناء على حجم العمل وساعاته.
وزادت" من غير المعقول أن تؤدي الموظفة والموظف العمل نفسه في الشركة، ويحصل هو على بدلات أكثر منها"، مبينة أن أصحاب العمل الذين يلجؤون إلى هذا النوع من التمييز، غير بعيدي النظر، لأن الموظفة إذا لم تحصد حقوقها كاملة فلن تنجز ما هو مطلوب منها بشكل دقيق.
وقالت" على الفتيات ألا يسكتن عن هذا الانتقاص غير المبرر لحقوقهن ويعتبرنه أمرا مسلما، وعليهن أن يتقدمن بالشكاوى المتلاحقة، ويقاومن حتى لو دفع بهن الحال لترك الوظيفة"، مشيرة إلى أن من لا يؤمن بقدراته ومهاراته لا أحد غيره سيؤمن بها، وموضحة بأن الشركات الكبرى والعالمية لا تفرق ولا تنظر إلى نوع الجنس من ناحية الأجور.
"الأجور" ونظام العمل الجديد
من ناحيته يشير الدكتور على بن حمد الجهنى مدير أحد مكاتب المحاماة والاستشارات القانوني، إلى أن نظام العمل الجديد لم يتضمن المنع من المفاضلة بين الرجل والمرأة في الرواتب، معتبرا تلك النقطة انتقاصا منه ويدخله فيما يسمى بالعنصرية والتمييز بين الرجل والمرأة، منوها بان نظام العمل يرتكن على قاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين، مهما تضمن ذلك العقد من بنود غير واقعية.
وقال" إن المادة العاملة للقانون تشير إلى الاحتكام للشريعة الإسلامية والمبنية على المساواة وعدم التفرقة بين الأفراد سواء بحسب نوعهم أو جنسهم، وهنا من حق الموظفة التقدم بشكوى بناء على تلك القاعدة الإسلامية، ولكن يوجد العديد من المحاذير، منها إمكانية خسارتها للعمل نفسه، كما أنه ليس من المضمون أن تكسبها لعدم وجود قاعدة نصية، تشير إلى أن المفاضلة بين الموظف والموظفة في الرواتب أمر مرفوض أو ممنوع بحسب نظام العمل الجديد".
وفي هذا الإطار طالب الدكتور الجهني، بوجود مادة تنص على المساواة في الحقوق بين العمال الذين يؤدون العمل نفسه وكذلك المهام لتنتفي شبهة العنصرية والتفرقة غير المبررة ـ على حد وصفه.
وزارة العمل و"بدل السكن"
من جهته أوضح حطاب العنزي، مدير العلاقات العامة في وزارة العمل، أن بدل السكن ليس شرطا من شروط عقد العمل، قائلا إن المسألة ترجع إلى الشركة نفسها، وأضاف"هو ليس ثابتا كبدل في الشركات، فهناك شركات لا تعطي بدل سكن أساسا، فيما شركات أخرى تعطي مقدار راتبين وأخرى مقدار 3 رواتب"، مشيرا إلى أن تلك البدلات تعتبر منح إضافية من الشركة لموظفيها، ولهذا لا توجد غضاضة في ألا تحصل الموظفة على بدل للسكن طالما كان العقد الذي وقعت عليه لا يشير إلى ذلك.
وبين حطاب أنه حتى في حال اكتشفت الموظفة أن غيرها يحصل على بدل سكن، رغم أنها تتساوى معه في نوع العمل، فإنه لا يحق لها المطالبة ببدل السكن طالما كان العقد الذي وقعت عليه لا ينص على ذلك، إلا إذا كانت المطالبة في صورة مخاطبة ودية بينها وبين رئيسها.
رأي الخدمة المدنية
في المقابل يؤكد عبد الله السنيدي من وزارة الخدمة المدنية، أن نظام الخدمة المدنية لا يعطي السعوديين بدلا للسكن ضمن لوائحه، مشيرا إلى أن غير السعوديين والمتعاقد معهم من الخارج، يحصلون على بدل سكن أيا كان نوعهم, وفي حال كان المتعاقد معهم زوجين فإن بدل السكن يعطى للراتب الأعلى رجلا كان أم امرأة.