القانون الإنجليزي يتيح لاسكتلندا تداول «الاسترليني» بوضع اليد
تعهد ألكس سالموند، الوزير الأول في الحكومة الاسكتلندية، بأنه إذا أصبحت اسكتلندا دولة مستقلة بعد الاستفتاء المزمع إجراؤه في أيلول (سبتمبر) المقبل، فإنها ستستمر في استخدام الجنيه الاسترليني. من جانبه حذر وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن، وبدعم من الأحزاب السياسية الأخرى في الحكومة البريطانية، بأنه لن يسمح بذلك.
لسالموند اليد العليا في هذا السجال الدائر، ففي عالم الأعمال والتداولات المالية العالمية اليوم، يعقد الناس اتفاقيات بأي عملة يرغبون فيها تحت أي نظام قانوني يختارونه. في أوروبا الشرقية من الشائع إجراء عقود بعملة اليورو بموجب القانون الانجليزي. الأطراف المتعاقدة ليست بحاجة حتى إلى إبلاغ فرانكفورت أو لندن بأنهم فعلوا ذلك. أوزبورن لا يملك سلطة الفيتو التي يدعي امتلاكها.
يتعامل الأوكرانيون بعملة اليورو ويتقاضون في لندن لأنهم لا يثقون كثيرا بعملة أو محاكم بلادهم. وتبنت كل من الإكوادور وبنما الدولار عملة رسمية بسبب سوء إدارة عملتيهما.
أما حالة اسكتلندا فهي مختلفة. لا توجد سابقة في أي دولة متقدمة تمتلك نظاما ماليا متطورا، اختارت طواعية لكن بشكل أحادي مشاركة عملة دولة أخرى. كانت العملة الوطنية في يوم من الأيام علامة على الانتماء للبلاد، وشبيهة إلى حد كبير بعلمها ونشيدها الوطني. لعلها اليوم من المفارقات التاريخية التي هي شبيهة بخطوط الطيران الوطنية.
ربما تستمر اسكتلندا بعد يوم الاستقلال في تصريف شؤونها المالية تماما كما كانت تفعل في السابق. طبعا لن تستطيع اسكتلندا طبع أوراق البنكنوت التي يطبعها بنك إنجلترا. على أنه يمكنها طبع أوراق البنكنوت لحكومة اسكتلندا، مثلما تفعل دولة جيرزي (التابعة للتاج البريطاني). بانك أوف سكوتلاند (وهو الآن فرع من مجموعة لويدز البنكية) يطبع أوراقه الخاصة، حيث يحتفظ بأوراق بنكنوت من بنك إنجلترا بحسب قيمة إصدارها. على حكومة اسكتلندا المستقلة أن تُبقي على هذه المتطلبات لفترة من الزمن. وفي المدى الأبعد عليها أن تضمن وعدا بأن أي حامل لهذه الأوراق، يمكنه تحويل أي ورقة من بنكنوت اسكتلندا إلى أوراق بنكنوت بنك إنجلترا.
وبما أن أوراق البنكنوت الاسكتلندية الصادرة - نحو أربع مليارات جنيه استرليني - تشكل 3 في المائة فحسب من الدخل الوطني الاسكتلندي، وهو نفس مستوى نسبة حصة اسكتلندا في احتياطي المملكة المتحدة من العملات الأجنبية، فإن مثل هذه الضمانة تصبح موثوقة ومعتمدة بالكامل. إن من ميزات عدم امتلاكك لعملة خاصة بك، هي أنك لا تقدم شيئا للمضاربين للتداول في عملتك، على المكشوف.
يمكن أن تحاول حكومة المملكة المتحدة في حال استمرارها حظر الدخول إلى نظام البنوك في المملكة المتحدة، بما فيه شروط الدفع - وهو نظام الدفع بالإسترليني - في التعاملات التي يكون مصدرها اسكتلندا.
على أن ذلك لن يكون هذا عملا طفوليا وطائشا فحسب، بل سيكون أيضا غير فعال، لأن إنشاء نظام الدفعات الخاص بك ليس صعبا ومن الأفضل التحرر من أنظمة إرث البنية التحتية الموجودة حاليا.
وفي كل الأحوال فإن جميع البنوك الرئيسية العاملة في اسكتلندا - وهي رويال بانك أوف سكوتلاند (الذي يمتلك 82 في المائة منه دافعو الضرائب البريطانيين) وبانك أوف سكوتلاند وبنك كلايدزديل التابع لبنك أستراليا الوطني، وبنك باركليز، وإتش إس بي سي، وسانتاندر- هي جميعا جزء من الشركات العالمية التي تقع عملياتها الرئيسية خارج اسكتلندا.
ولذلك السبب، سيكون جواب اسكتلندا على السؤال المطروح دائما: "من هو الذي سينقذ البنوك الاسكتلندية بعد الاستقلال؟" "ليس الحكومة الاسكتلندية أو وكالاتها". ستكون مسؤولية الحكومة الاسكتلندية حماية المودعين الاسكتلنديين وضمان الإبقاء على نظام الدفع الاسكتلندي عاملا بصورة فعالة.
على أدنبرة أن تتعاون مع أي عملية دولية لحل البنوك الفاشلة، ولكنها لا تستطيع، ولا يتعين عليها، أن تقود أو تمول مثل هذه العمليات. وإذا تبين أن الاتحاد المصرفي الأوروبي يمتلك المنطق والجوهر - وهي مسألة لا تزال غير مؤكدة - فربما ترغب اسكتلندا في أن تشارك في ذلك النظام، وأن تتوقع بأن تكون قادرة على ذلك.
هذا المنهج أحادي الجانب يعني أن اسكتلندا لن يكون لديها نفوذ على تقرير أسعار الفائدة على الاسترليني – لكن ليس هناك أصلا من يتوقع بصورة واقعية أن يكون لاسكتلندا نفوذ كبير على أي حال. ولن تتمتع اسكتلندا بقدر كبير من الحرية في المجالات الأخرى من السياسة النقدية – لكن هذا على كل حال أمر متوقع. ربما يسأل بعض المراقبين عن الهدف من استقلال بلد صغير، إذا لم تكن هناك تغيرات كبيرة تنتج عن ذلك، لكن هذه حجة أخرى.
ينخرط سالموند وأوزبورن الآن في استعراض سياسي أمام الناس قبيل موعد التصويت. إذا كانت النتيجة لصالح الاستقلال، سيبدأ المسؤولون المفاوضات بهدف التوصل إلى حل مقبول للطرفين. سيكون اتحاد العملة المتفق عليه بين الطرفين أفضل نتيجة للجميع، لكنه حل أصعب حتى عند تحقيقه بعد هذه الملاسنات الحادة.