في مشاريع التقنية الاستراتيجية.. ليس هناك مجال للاجتهاد

في مشاريع التقنية الاستراتيجية.. ليس هناك مجال للاجتهاد

[email protected]

في ظل المتغيرات المتلاحقة في قطاعات الاتصالات وتقنية المعلومات والأعمال واشتداد حدة المنافسة والعولمة، فإنه ليس هناك مجال للاجتهاد خصوصا فيما يتعلق بالمشاريع الاستراتيجية سواء كان ذلك في المشاريع المتعلقة بتقنية المعلومات كمشاريعERP أو CRM - التي نحن بصددها هنا - أو غيرها من المشاريع الأخرى.
والاجتهاد في هذه النوعية من المشاريع أو غيرها خطأ قد يترتب عليه هدر الكثير من المال والجهد والوقت، لذا فإنه مخطئ من يظن أن هذه المشاريع تحتاج إلى إنجاز فقط Implementation، بل هناك الكثير من العمل والجهد المطلوب قبل الشروع في تنفيذها واختيار التقنية المناسبة لذلك، وفي هذا الجانب أود أن أحيل القارئ إلى ما قامت به "جارتنر جروب" للأبحاث Gartner Research بوضع البنى الثماني الأساسية لإدارة علاقات العملاء وذلك بعد أبحاث ودراسات مضنية لمساعدة الشركات ذات العلاقة في خلق صورة متكاملة عن إدارة علاقات العملاء وكيفية تطبيقها. ومما يزيد من أهمية ذلك هو النسبة العالية لفشل هذه النوعية من المشاريع والتي تزيد على 70 في المائة في الدول المتقدمة، فما بالك في دول العالم الثالث! كما أود أن أشير إلى أن شركة جارتنر للأبحاث وفي منتداها الأخير "منتدى إدارة علاقات العملاء 2006" والذي أقيم في مدينة شيكاغو خلال الفترة من 10 إلى 13 أيلول (سبتمبر) قدمت ورقة عمل عن هذه البنى الثماني حيث كانت فرصة عظيمة لي لحضور هذا المنتدى الذي حضره المئات من المختصين من جميع أنحاء العالم. والبنى الأساسية الثماني كما تراها "جارتنر جروب للأبحاث"، هي:
الرؤية
إن إدارة علاقات العملاء بحاجة إلى رؤية واضحة VISION من أجل وضع الاستراتيجية الجيدة والتنفيذ المتقن كما هو الحال في كثير من المشاريع المهمة. والمقصود بالرؤية هنا: كيف تريد الشركة (ذات منهجية التركيز على العميل) أن يراها عملاؤها ويشعرون بها، وذلك من خلال القيمة الفعلية والمعنوية لمنتجاتها والفوائد الإضافية المستفادة منها. من دون رؤية واضحة لا يمكن للشركة أن تكون منافسة في السوق خصوصا أن العاملين في الشركة ـ بالإضافة إلى العملاء ـ ليس لديهم أي فكرة عن توجهات الشركة في السوق ونوعية المنتجات التي سوف تطرحها.

الاستراتيجية
ليس المقصود بالاستراتيجية هنا خطة التنفيذ أو خطة العمل، وإنما هي خطة تأخذ توجهاتها وأهدافها المالية من استراتيجية قطاع الأعمال Business Strategy وتضع الكيفية التي تريدها الشركة لبناء قاعدة كبيرة من العملاء الموالين لها. والهدف من الاستراتيجية هو الإبقاء على العملاء لفترة أطول وجعلهم يقبلون على منتجاتها وخدماتها أكثر ويثنون عليها أيضا عند الآخرين، بل ولديهم الرغبة في دفع قيمة أعلى من أجل اقتنائها. في نهاية المطاف فإن الغاية من الاستراتيجية هي كيفية استهداف وتطوير وإبقاء عملاء في غاية الأهمية للشركة.

خبرة العميل بالشركة
عند التعامل مع الشركة فإن معرفة العميل بها تعد في غاية الأهمية وهي الحافز لعميل راض واثق وذي ولاء طويل الأجل، وعلى العكس من ذلك فإن قلة معرفة العميل بالمنشأة لها تأثير سلبي على الشركة، فإن أي خبر سيئ عنها سوف يؤثر في سلوكيات العميل الشرائية وبالتالي على الشركة، وفي المعتاد فإن الأخبار السيئة تأخذ مجراها في المجتمع أسرع من الأخبار الحسنة، وهنا تفقد الشركة أيضا القدرة على بناء علاقات جديدة.

التعاون بين قطاعات الشركة
وهنا لابد للشركة أن تعي أن هناك أمورا يجب إجراء عمليات تغيير شاملة لها داخل الشركة قبل إيجاد التقنية المناسبة، ونقصد بذلك أن الأفراد وفرق العمل وجميع قطاعات الشركة يجب أن ينصب تركيزهم على احتياجات ورغبات عملائهم. وهناك حاجة أيضا إلى تغيير في الهيكل الإداري للشركة وتغيير في الحوافز والتعويضات وتغيير في بيئة العمل وتثقيف الأفراد ببيئة التركيز على العميل وتدريبهم عليها وبناء المهارات المطلوبة لذلك مع أهمية استمرارية التطوير لتواكب احتياجات العملاء المتغيرة.
الإجراءات
في السابق كانت هندسة إجراءات الأعمال Business Processes Reengineering تجرى من أجل التقليل من التكلفة وخلق بيئة عمل أكثر فاعلية وهذا ينصب بطبيعة الحال في مصلحة الشركة فقط دون العملاء. ولكن في بيئة إدارة علاقات العملاء يجب الاهتمام أكثر بإعادة هندسة إجراءات الأعمال المتعلقة بالعملاء وليس ذلك فقط بل يجب إيجاد بيئة لربط هذه الإجراءات فيما بينها من أجل زيادة معرفة العميل بالشركة. إن إعادة هندسة إجراءات الأعمال يجب ألا تتوقف فقط عند سد احتياجات العميل وتوقعاته بل يجب أن تمتد إلى احتياجات السوق بشرائحه وتلبية احتياجاته الحالية والمستقبلية وخلق بيئة تنافسية قادرة على الاستمرار.

المعلومات
إدارة علاقات العملاء تعتمد وبشكل كبير على معلومات صحيحة ومنقحة ويمكن تمثيلها بالدورة الدموية في جسم الإنسان. كما يجب أن تكون المعلومات في متناول جميع القطاعات ذات العلاقة ويجب ربط الأنظمة التشغيلية والتحليلية حتى تستطيع الشركة السير بخطى واثقة وأكثر احترافية. إن الحصول على المعلومة الصحيحة عن العميل في الوقت المناسب وفي المكان المناسب يعد شيئا أساسيا لنجاح استراتيجية إدارة علاقات العملاء وهذا بطبيعة الحال يخلق بيئة أكثر إيجابية ومؤثرة في جميع قنوات اتصال العملاء في الشركة.

التقنية
التقنية عنصر مهم في إدارة علاقات العملاء ولكنه يأتي في مراحل متأخرة في المشروع وهو مساعد أساسي في تحقيق أهداف استراتيجيات إدارة علاقات العملاء لقطاع الأعمال. في كثير من مشاريع إدارة علاقات العملاء يتم إهمال ربط الأنظمة الأخرى وقواعد البيانات المختلفة ذات العلاقة بنظام إدارة علاقات العملاء كالإمداد مثلا.

القياسات
إدارة علاقات العملاء بحاجة إلى قياسات Metrics وتقارير محددة وذلك من أجل مراقبة أداء إدارة علاقات العملاء ومدى نجاحها في الشركة. كما يجب وضع أهداف لإدارة علاقات العملاء قابلة للقياس لمراقبة الأداء بصفة دائمة. ودون اهتمام بالقياسات المتعلقة بالأداء فإن هذا المشروع معرض كغيره من المشاريع الاستراتيجية الأخرى للفشل. وفي الغالب فإن نجاح إدارة علاقات العملاء يعتمد على أربعة قياسات أداء تبدأ أولا على مستوى الشركة، ثم على مستوى الاستراتيجية المتعلقة بالعميل، ثم على مستوى التشغيل والإجراءات وأخيرا على البنى التحتية لقياسات المدخلات.
ختاما نرى أهمية الاستعانة بمستشارين أكفاء مستقلين عن الجهة المنفذة من بداية فكرة المشروع وحتى نهايته، حتى يكتب له النجاح، لأن إدارة علاقات العملاء مفهوم متكامل يشمل كلا من قطاع الأعمال وتقنية المعلومات, كما يجب على الشركة حساب العائد على الاستثمار ROI قبل الشروع في تنفيذ هذا المشروع وربطه بالأداء المالي للشركة لقياس مدى الفائدة منه. وحساب العائد على الاستثمار يتم من خلال حساب التدفق المالي للمشروع خلال مدة تحليلية معينة عادة ما تكون بين ثلاث وخمس سنوات.

الأكثر قراءة