توحشتك
توحشتك
محمد الدنقلي أحد أهم شعراء المحكية الليبية، يسرد التفاصيل، وكأنه يرتب البحر لغناء النوارس، ويلون السماء شعرا كي نستطعم "قوس قزح".. الدنقلي في "توحشتك" يغربل الكلمات وينتقي أبردها لتلاطف أسماعنا كنسمة بحر حركت خصلات طفلة على شاطئ العشق والشعر.. فقط اسمعوا كما نسمع.. أو اقرأوها كما قالها الدنقلي بلهجته الليبية البسيطة.
تُُوحّشْتِكْ تُوَحّشْتِكْ.. ونِبِّي نقولها ثاني..
وكُلْ ما قُلتها مَرَّة.. تطفّي حُرقة أحزاني..
وبَعَدْ عَطَّرتها باسْمِكْ.. نِبَتْ نوَّار في لساني..
تُوَحّشْتِكْ.. تُوَحّشْتِكْ.. تُوَحّشْتِكْ..
توحشتكْ خذاني شوق.. جنَّحْ بِيْ بعيد بعيد..
وْخَطّمْني على شاطئ.. مْعَا مِيْدةْ الرّيح يْمِيد..
سَرَقْ سمْعي.. غُنَاء بَحَّار.. نسَى رُوحَه، وتَمْ يْعيد..
يَلا، لالالْ، يالالي.. يا شُوق الشُّوق ليش يزيد؟
وتَمْ يْقول مَوَّاله: تُوَحّشْتِكْ.. بِلا تحديد..
غُناء البَحَّار عالأشواق.. جبَرْنِي جَبَرْ.. عالتَّنْهيد..
وذكَّرْني إنِّي مُشَتاق.. وبكَّاني بكاء الوليد..
وخَلاني بَعَدْ نَشتَاق .. نعبِّي دنية العشّاق:
تُوَحّشْتِكْ.. تُوَحّشْتِكْ.. ونبّي نْقولها ثاني..
وكُلْ ما قلتها مَرّه.. تطفَي حُرقة أحزاني..
وبَعَدْ عَطَّرتها إسمكْ.. نِبَتْ بُسْتَان في لْسَاني:
تُوَحّشْتِكْ.. تُوَحّشْتِكْ.. تُوَحّشْتِكْ ..
وفي لَحظةْ اللي نُسْكُتْ: صَََدى صوتي.. يرددها...
وفي لحظة وأنا نِدْوي.. لو كان لاقي.. بنَجْحَدها...
وكأنَِي نسيتها صُدفة.. تجي صُدفة تجددها..
خَواطِر واجده تُخْطر..
ما بين اللي تلمّدها على لْسَاني، وبين اللي تبدّدها..
تُوَحّشْتْ العُيون السُود.. ونجواها، وتنهدها..
وأنا يا لولا، ولولا.. في شرع الحُبْ نعبدها...
تُوَحّشْتْ العُيون السُود...
لمَّا تشيل هِدْب لْفُوق.. ووين تِهْمِزْ..
وْويْن تِلْمِزْ.. ووين يانا عَلَيْ.. يانا تهمِّدها..
تُوحّشتْ الرَّمَلْ فيها، الجَبَل فيها، النِخِلْ فيها..
وحتى شْتَاء هالصحراء.. اشتَقْتْ يجمّد أطرافي..
وتُوحشتَه.. يقَدْقِدْها..
ويزرعني زَهَرْ في بَرْ.. عَسَى النسْمات تُحصدها..
وترويها عَلى السُّمَّار، وللعشّاق تسردها..
مَوَاويل، وطَرَبْ، وأشْعَار.. يا ليل يا عين.. آه.. ياني..
وكل ما سمعتها مَرَهْ.. تْطَّفي حُرقة أحزاني..
وبَعَدْ عَطرتها باسْمك.. نسِيت اسْمك عَلى لساني..
تُوحشتِكْ.. تُوحشتِكْ.. تُوَحشتِكْ...