اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء بسبب التحول إلى مجتمع خدمات

اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء بسبب التحول إلى مجتمع خدمات

لا جدال إن العولمة تعمل على تسارع عملية التغيير الاقتصادي في أوروبا ويترافق هذا مع تغييرات بارزة الأهمية في المجتمع. وما أكد هذا التطوّر استبيان أجرته المفوضية الأوروبية. ولا تؤكّد نتيجة الاستبيان حقيقة التحول من مجتمع صناعي إلى مجتمع خدمات فقط بل إنه في الكثير من دول الاتحاد الأوروبي ازدادت الهوة بين الأثرياء والفقراء أكثر فأكثر. ويشير الخبراء أيضا إلى نمط تحول الروابط التقليدية في الأسرة أو النقابات المهنية أو حتى في المنفعة العامة لصالح المزيد من الفردية.
وقد عملت مجموعة من المستشارين في مجال السياسة الأوروبية التابعين للمفوضية الأوروبية على تحليل نتائج هذا الاستبيان وتجمعها تحت عنوان (الحقيقة الاجتماعية في أوروبا). ومن المفترض أن تتدفق إلى مناظرات لقاءات المؤتمر لرؤساء الحكومات والدول المُسيطرة عليها من قبل قضايا السياسة الاقتصادية. والهدف هو التحريض على مناقشة شاملة حول الحثّ على المزيد من القدرة التنافسية وعواقب هذا على "مجرى الازدهار الاجتماعي".
ويتوصّل ملخّص التقرير إلى أن العولمة ليست المحرض الحقيقي للتحوّل، ولكن على أية حال هو التقدّم الضخم في تكنولوجيا المعلومات، والخدمات الإنتاجية المدعوم بـما يسمى (المجتمع العلمي) في تسارع. وفي عام 2005 تم تسجيل ما يزيد على 40 في المائة من الموظفين الناشطين في هذه المجالات. وفي السويد بلغت النسبة نحو 54 في المائة، وفي البرتغال نحو 26 في المائة. وبينما تبدو الفجوة بين أحجام الدخل الإجمالي بين دول الاتحاد الأوروبي في تراجع إجمالي، ارتفع في بعض دول الاتحاد الأوروبي: ومن أبرزها المقاطعات الصناعية التقليدية، مثل اللورين في فرنسا أو منطقة الرور في ألمانيا التي تمثل عمودا فقريا اقتصاديا في أوروبا. ولكن حتى ضمن الشركات تزداد الفجوة بين الدخل الإجمالي: حيث يحرز رئيس مجلس الإدارة في إحدى الشركات البريطانية الآن نحو مئات أضعاف الموظف البسيط؛ وقبل عقدين من الزمان كانت النسبة تعادل ثلاثين ضعفا.
ووفق الاستبيان فإن نحو 86 في المائة من المواطنين في دول الاتحاد الأوروبي راضون بالفعل عن حياتهم الخاصة. ونحو 51 في المائة يعتقدون، أنهم مؤمّنون عن طريق ضمانهم الاجتماعي إلى حدٍ كاف. وإجمالاً وعلى أية حال يقدّر المواطنون فرصهم المستقبلية الفردية على أنها أفضل من المنظور الإجمالي للمجتمع. ومن الواضح، أن تقدير الفرص المستقبلية هذا يعود على الجيل الحالي للشباب. وعلى السؤال عن وجهات نظر أولئك، الذين لا يزالون اليوم في عمر الطفولة، أجاب نحو 17 في المائة فقط، بأن الأمور سوف تكون أسهل بالنسبة لهذه الفئة العمرية مما هي عليها الآن. وفي المقابل فإن نحو ثلثي - 64 في المائة - لديهم وجهة النظر، بأن الحياة سوف تكون بالنسبة للجيل المقبل أصعب مما هي عليهم أنفسهم.
وفي المقابل يسأل المرء عن تقييم تطورهم الشخصي خلال الأعوام الخمسة المقبلة، أجاب نحو 27 ألفا من الخاضعين للاستفتاء، على نحو متفائل: وواحد من كل سبعة فقط – 14 في المائة – يتوقع، أن يكون في وضع أسوأ مما هو عليه الآن. ويُقدّر نحو 41 في المائة تحسّناً، و40 في المائة يتوقعون أن يبقى تطوّرهم كما هو. وتتوارى خلف هذا أيضاً، صورة متباينة: وبثقة كبيرة بالاتحاد الأوروبي، تتطلّع أستونيا إلى المستقبل. نحو 60 في المائة يتوقعون تحسّناً، ولكن نحو 6 في المائة فقط يتوقعون وضعا أسوأ. ويظهر المناخ في بريطانيا إيجابياً على نحوٍ مماثل (53 في المائة من المتفائلين، و9 في المائة من المتشائمين). أما الصورة السوداء فإنها تبرز بالأخص لدى مواطني المجر حيث يتوقع 25 في المائة تحسناً، ولكن 38 في المائة يتوقعون وضعا أسوأ في وضعهم الشخصي. وفي ألمانيا يتساوى عدد المتفائلين نحو 26 في المائة، مع المتشائمين بنحو 23 في المائة، بينما في شرق ألمانيا تغلب التوقعات السلبية (29 في المائة) بنسبة طفيفة، حيث يعبّر نحو 28 في المائة من الخاضعين للاستفتاء عن ثقتهم.
ويوضّح ليدل وليرايس الفجوة بين النظرة المتشائمة لتطوّر المجتمع الإجمالي، ووجهات النظر الإيجابية حول التقييم الشخصي بما يلي من حقائق منتشرة في الاتحاد الأوروبي: "قد لا تسير الأمور في بلدي على نحو جيد، ولكنني أهتم بأن تسير أموري الخاصة على نحوٍ جيد وبالإجابة على السؤال عن مفتاح النجاح الخاص، ذكر نحو 62 في المائة التعليم الجيد. وتبع هذا، العمل الجاد (45 في المائة)، والعلاقات الاجتماعية السليمة (26 في المائة)، والحظ 24 في المائة)، والذكاء (17 في المائة).
وانصبت نسبة كبيرة بصورة مميزة على التعليم الجيد في الدنمارك (83 في المائة) وفي ألمانيا (81 في المائة). وما ينتمي إلى النتائج الغريبة في الاستبيان، أن في السويد تُعتبر العلاقات والروابط (54 في المائة) أهم بالنسبة للنجاح من العمل الجاد (41 في المائة). بينما في ليتوانيا، يُعتبر الذكاء (36 في المائة) أكثر أهمية من العمل الجاد (23 في المائة).

الأكثر قراءة