إعانة للأغنياء

ينمو سكان المملكة بمعدل سريع، أكثر من 80 في المائة من السكان تحت سن الخامسة والعشرين. ليس هناك أي خطة يمكن أن تتعامل مع هذا النمو الكبير، وتستمر في النجاح على مدى عقدين ـــ على سبيل المثال.
تواجه وزارة التربية والتعليم مشكلة توفير التعليم العام القياسي الكفء. يعرف الجميع حالة ومستوى مدارس التعليم العام، والمستوى المتواضع للمدارس المستأجرة في مناطق المملكة المختلفة، والصعوبات التي تعانيها الوزارة في التوفيق بين الخدمات المقدمة والطلب المستمر في الارتفاع. يستدعي الأمر اللجوء إلى القطاع الخاص للإسهام في توفير مستوى التعليم المطلوب. يتميز القطاع الخاص بالمرونة والقدرة على التعامل مع الأمور بطريقة "براجماتية" لا يملكها الموظف العام مهما ارتفع مستواه في التنظيم. يسهم هذا في تكوين علاقة مختلفة بين القطاعين العام والخاص، علاقة تكاملية، يؤدي كل من الفريقين فيها دوراً محدداً يبنى على إمكاناته وصلاحياته وقدرته على الحركة والتفاعل مع المتغيرات.
هنا يمكن أن تكثف الوزارة دورها التشريعي والرقابي والتوجيهي، وتقلل من علاقتها المباشرة بتقديم الخدمة. في المقابل، يرتفع عدد المدارس التي يديرها القطاع الخاص بما يتفق مع تعليمات وتطلعات الوزارة. هذه المعادلة هي أفضل ما يمكن أن يحققه التعاون بين الطرفين، لأنه يعطي كل طرف الفرصة لممارسة الدور الذي يجيده.
جاء قرار الوزارة بدعم الطلبة الذين يلتحقون بالتعليم الخاص بمبلغ ألفي ريال سنوياً، كوسيلة لبدء تنفيذ خطة استراتيجية تؤدي في النهاية إلى تحقيق الهدف من وجود الوزارة، وهو ضمان تربية وتعليم عالي المستوى لكل أبناء الوطن. لكنني "تنّحت" عندما قرأت شرط الوزارة الذي ترتبط به المكافأة، وهو "أن تحقق المدرسة التي يلتحق بها الطالب اشتراطات المبنى والمنهج والمعلم".
هل يمكن أن تنشأ مدرسة في المملكة من دون ترخيص من وزارة التربية والتعليم؟ أم أن الوزارة ترخص لمدارس لا تحقق اشتراطات المبنى والمنهج والمعلم؟ وهل يعني هذا أن المكافأة تخص من يملكون المال للالتحاق بمدارس تحقق الاشتراطات؟ ولماذا لا تقنن الوزارة رسوم المدارس؟
الترخيص لمدارس أقل من المستوى المطلوب يضرب معادلة تقسيم الأدوار بين التشريع والمراقبة وتقديم الخدمة، وشروط المكافأة تضمن حصول من يملكون المال على مزيد من المال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي