المواطن سامي
تدخل أي مطار أو دائرة حكومية أو خدمية في أي من دول العالم، فتجد لوحة بارزة تقول "المواطنون". تهدف العبارة لإعطاء المواطن شعوراً خاصاً بأن خدمته أولوية، وتحقيق متطلباته أساس. تؤدي هذه العبارة للتأثير في العقل الظاهر والباطن، وتغرس في المواطن أن له علاقة خاصة ومميزة بوطنه تدفعه لرد الجميل، من خلال تحقيق أمن الوطن ونموه وحماية كل مكوناته.
ظهرت مثل هذه اللوحات التي تحترم المواطن في بعض جهات الخدمات، أهمها الجوازات في مطاراتنا، لكن هذا كان من قبيل المعاملة بالمثل فقط، لأن كل المواقع الأخرى تذكرك بعدم أهميتك كمواطن.
هذه النظرة الدونية للمواطن أبطالها أشخاص يطالبون مواطنيهم بالاحترام في مواقع أخرى. ينتج عن هذه السلوكيات تأصيل توقع الأسوأ من المواطن، وهو ما تحاول كل الدول تفاديه. يضاف هذا إلى محاولات إثبات الذات بالرجوع للتاريخ واسترجاع قصص وروايات وقصائد، تسهم في تعميم حالة تحجيم الانتماء للوطن.
تكمن الحالة المثالية في اعتبار الوطن أساساً، وكل المواطنين في مرتبة واحدة. مرتبة تجعل الواسطة عامة لكل من ينتمي للوطن. مرتبة تجعل كل من يحمل الجنسية أخي وابن عمي وأهم الناس في عيني. مرتبة تلغي العبارات التي ينادي بها مروجو التفرقة بين أبناء الوطن. فلا بدو ولا حضر ولا قبيلة ولا عائلة ولا مدينة ولا حي أهم من الوطن.
كوَّن مخرجٌ ثروةً من أموال المملكة، لكن ذلك لم يمنعه من سبها، ومحاولة تشويه تاريخها بفيلم يخطب به ودَّ النظام السوري. عاش آخرون هنا وكونوا ثرواتهم من اقتصاد المملكة، شاهدوا حوادث وأحداثا لا يخلو منها أي مجتمع. سافروا وألفوا الكتب في ذم الدولة والإساءة لكل من ينتمي إليها، لا لسبب إلا لأنها وسيلة لكسب المال على حساب مجتمع محافظ يحاول كل فرد فيه أن يكتشف ماذا يحدث داخل الإدارة القريبة أو القصر الكبير.
يبرز مدرب كرة قدم سعودي، فيشتاط مواطنون غيظاً لأنه يدرب الفريق المنافس. يعمل كل واحد جهده في المنتدى والشارع والصحيفة والإنترنت ليسيء للرجل الذي يجب أن نفخر بإنجازه. نحن من يسيء للوطن!