الكتابات الأولى "النادرة" لنجيب محفوظ في موقع إلكتروني

الكتابات الأولى "النادرة" لنجيب محفوظ في موقع إلكتروني

يعلم بعض مؤرخي نجيب محفوظ أنه كان يسجل عام 1939 تاريخا لنشر أولى مجموعاته القصصية (همس الجنون) رغم صدورها عام 1946 تقريبا، وفيها قصص كتبت في الأربعينيات تتناول آثار الحرب العالمية الثانية.
وفسر سلوك محفوظ بعدم اقتناعه ببعض قصصه التي نشرت في مجلات أو صحف في بداياته ولذا نسبها إلى تاريخ مبكر بأثر رجعي حين صدرت في كتاب كما توجد قصص أخرى منشورة لكنه ظل يرفض طبعها في كتاب حتى وفاته في نهاية آب (أغسطس) 2006.
كما ظل يتجاهل مقالاته الأولى في الثلاثينيات مستغنيا عنها برصيد إبداعي يضم نحو 50 رواية ومجموعة قصصية ومسرحية قصيرة اعتزازا برهانه منذ البدايات على فن الرواية التي قفز بها إلى صدارة فنون الكتابة بعد أن كانت في النصف الأول من القرن العشرين في مرتبة متأخرة بعد الشعر وفن المقال. وتوجت رحلته عام 1988 بالحصول على جائزة نوبل في الآداب ولا يزال العربي الوحيد الذي نالها في هذا المجال.
لكن دار الشروق التي تنشر الأعمال الورقية لمحفوظ رأت أن تتيح كتاباته الأولى "النادرة" للقراءة فقط في موقع إلكتروني، وتقول:" إن نشرها لا يتنافى مع رغبة محفوظ القديمة في عدم نشرها في كتاب ورقي، وفي الوقت نفسه لا يحرم الباحثين من الاطلاع عليها ودراستها. وخصصت موقعا مجانيا على الإنترنت لقراءة هذا الأعمال وكل ما يتصل بمحفوظ.. سيرته الذاتية وعناوين أعماله والأوسمة التي نالها والأفلام المأخوذة عن أعماله ونص كلمته في حفل تسلم جائزة نوبل". وعنوان "الموقع الرسمي" لمحفوظ (شروق.كوم/نجيب محفوظ).
وتنقسم هذه الكتابات إلى 26 مقالا ذا طابع فلسفي كتبها بين عامي 1930 و1945 في صحف أو مجلات منها: المجلة الجديدة، الرسالة، المعرفة، الجهاد اليومي، كوكب الشرق. أما الجزء الثاني من الكتابات الأولى فيضم أول 22 قصة قصيرة نشرها محفوظ بين عامي 1937 و1945. وجمع مصطفى جودة الأستاذ في الجامعة البريطانية في القاهرة هذه المقالات والقصص التي يراها كنزا أدبيا. وكانت قصة (خيانة في رسائل) أول ما نشر لمحفوظ في تموز (يوليو) 1937 ثم تلتها قصص قصيرة أخرى بعضها يمكن اعتباره إرهاصات لرواياته الثلاث (عبث الأقدار، رادوبيس، وكفاح طيبة والتي تناولت جانبا من الحضارة المصرية القديمة). وتحمل تلك القصص القصيرة المبكرة عناوين منها: عفـو الملـك أسر كاف، وعودة سنوهي. ووصف جودة في مقدمة له الكتابات الأولى لمحفوظ بأنها، انفعالات الشباب وأفكاره البكر. ومن خلال قراءتها ندرك أن محفوظ دخل حديقة الأدب من باب الحكمة مسلحا بأساسيات الفلسفة التي درسها وتفوق في دراستها ومتأثرا بأفكار الفلاسفة العظماء وطريقة حياتهم ملتزما بالمنطق ودقة التعبير وآخذا بالمنهج العلمي فيما يكتب بفاعلية شديدة. القاريء لمحفوظ يحس بفنان مسؤول تجاه وطنه وثقافته وإحداثيات مكانه وزمانه.
وتخرج محفوظ في قسم الفلسفة عام 1934 بكلية الآداب في جامعة فؤاد الأول (القاهرة الآن)، وكان يعد نفسه لمهمة أخرى غير كتابة الرواية، إذ كان مفتونا بالفلسفة، وبدأ حياته وهو طالب في الجامعة محررا في مجلة (المجلة الجديدة) التي كان يصدرها الكاتب المصري سلامة موسى(1887-1958).
ويسجل باحثون آخرون أن أول مقال معروف لمحفوظ نشر في أول أيلول (سبتمبر) 1929 وعنوانه (الأساليب) وفيه يقارن بين نوعين من الأساليب يختلفان وفقا لمرجعية الكتاب الذين ينقسمون في رأيه إلى فريق "مغرم بالعرب وما كتب العرب وأساليب العرب وحضارة العرب ويرى الخير كله في استعارة أساليبهم"، في حين يرى الفريق الآخر أن تلك الأساليب العربية لا تناسب روح العصر.

الأكثر قراءة