"بطالة المتقاعدات".. مشكلة تؤرق السعوديات المقبلات على سن التقاعد

"بطالة المتقاعدات".. مشكلة تؤرق السعوديات المقبلات على سن التقاعد

"بطالة المتقاعدات".. مشكلة تؤرق السعوديات المقبلات على سن التقاعد

تستفيد المجتمعات الغربية من قدرات الإنسان فيها، حتى آخر يوم من حياته، على اعتبار أنه كلما تقدم العمر بالإنسان ازداد خبرة وتفانيا، لذا انتشرت في الأوساط الاجتماعية هناك، الكثير من أشكال الترابط التي تجمع فئات المجتمع كل حسب نوع العوامل المشتركة التي تجمعهم، للاستفادة منها على أكمل وجه، ومن أشكال تلك التجمعات، جمعيات المتقاعدات والأندية الخاصة بالاستفادة من حياة المرأة بعد سن الخروج من العمل.
وفي السعودية قدمت الكثير من السعوديات سنوات طويلة من العمل يتجاوز بعضها الثلاثين عاما في عدد من ميادين العمل، ورغم الرعاية الكريمة التي تلقاها المرأة في المملكة، إلا أن الكثير من المراقبين، يعتقدون أن نسبة الاستفادة من الطاقات الهائلة لدى المرأة المتقاعدة لا تزال في مستوياتها المتدنية، إذ يؤكد التقرير الذي "أعدته المرأة العاملة" وشارك فيه نخبة من المتخصصين والمتخصصات وعدد من المتقاعدات أن هناك الكثير من أوجه الاستفادة التي يمكن أن تقدمها المتقاعدات لخدمة الوطن معطلة، وهنا تقول
عدد من العاملات اللواتي أوشكن على بلوغ سن التقاعد،" إن على الجهات المعنية إنشاء جهات ومراكز متخصصة للعمل على الاستفادة من الخبرات اللاتي جمعناها على مدى أعوام طويلة، سواء من خلال المشاركة في إجراء الدراسات التي تنفذها الدولة، أو من خلال القطاع الخاص، مؤكدات أن اتساع وقت المرأة بعد التقاعد، يدفعها إلى مضاعفة إنتاجها الوظيفي نتيجة خلوها من المسؤوليات الأسرية المباشرة"...وفي التقرير المزيد:

العمل بعد التقاعد و"الثقة"
تؤكد متخصصة في علم النفس أن التغيرات الفسيولوجية التي ترافق المرأة في سن التقاعد لا تؤثر إطلاقا في إنتاجيتها، كما يتداول خطأ بين بعض أفراد المجتمع، وهذا ما أيدته فاطمة الهويش، موظفة في سن التقاعد، إذ تقول" تشعر الموظفة قبل سن التقاعد بأن المجتمع أصبح يستغنى عن خدماتها، بالرغم من الحصيلة التي جنتها من جراء عملها الذي استمر أكثر من 30 سنة، إلا أن وجود جهة ما تعمل على ضم تلكم المتقاعدات، وتتبنى الاستفادة من خبراتهم المتراكمة، هي من أهم الخطوات التي لابد أن نسعى جميعا إلى الاستفادة منها".
تقول سعاد السلمي متقاعدة بأن هناك ضرورة لوجود مثل تلك الجهات التي تعنى بأمر المرأة المتقاعدة، أذ يأتي ذلك بالفائدة من الجهتين، الأولى تكريما لما قدمته من مشاركة في بناء الوطن بأي شكل كان، وثانيا لاستثمار القدرات التي جمعتها من عملها أي كان نوعه أو مستواه.
وأضافت" لدى المتقاعدة التي بلغت سنا معينة مزيدا من الوقت، بسبب تغير الوضع الاجتماعي لأسرتها، من زواج للأبناء، وهو ما يمنحها وقتا لتنقل خبرتها إلى جهات مستفيدة، دون أن تشغلها الأمور الأسرية التي كانت تشغلها وهي على رأس العمل".
وتعتقد نورة العمار، معلمة، أن المتقاعدة تستطيع أن تفيد الجهة التي تطلب خدماتها بعد التقاعد بصورة أفضل، إذ إنها حينها تكون غير ملتزمة ببعض الأنظمة والعلاقات الشخصية التي تمنعها من إظهار كل ما لديها من قدرات.

الأندية النسائية.. والخبرات
تقترح نورة الجريوي، طريقة مثلى للاستمرار في الاستفادة من قدرات المرأة السعودية بعد خروجها من العمل النظامي، وهي إنشاء أندية نسائية متخصصة في معظم المدن الرئيسية، تضم عددا من الكوادر النسائية التي خدمت في القطاعات الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والطبية، وزادت" يمكن لمثل تلك الأندية أن تكون مؤسسات فاعلة في خدمة المجتمع، كما يمكنها أن تقدم مشاريع تجارية وعلمية مميزة، على اعتبار أن كل المشاركات فيها، أمضين سنين طويلة في تخصصاتهن المختلفة، وما يقدمنه هو نتيجة خبرة عميقة".

دراسة وطنية عن المتقاعدات
تؤكد نتائج دراسة أجرتها أخيرا الباحثة السعودية مها رشيد السبيعي من كلية العلوم الإدارية بجامعة الملك سعود، على شريحة من الموظفات السعوديات المقبلات على سن التقاعد، أن نسبة كبيرة منهن لا يخططن لما بعد التقاعد، نظرا لغياب الجهات التي يمكن أن يلجأن إليها، في حال كان لديهن مزيدا من العطاءات التي يرغبن في منحها المجتمع.
وكان أحد أهم توصيات الدراسة، هو ضرورة أن يعمل المسؤولون في دوائر العمل الحكومية والخاصة، على إقامة برامج خاصة بالإرشاد التقاعدي بهدف الحيلولة دون حدوث "صدمة التقاعد" لدى المتقاعدة.
وأضافت الدراسة " من الضروري أن يتخلل تلك البرامج موضوعات الدعم الصحي للمتقاعدات، خاصة المتقاعدات من وظائف متواضعة، إضافة إلى دراسة كيفية الاستفادة من كفاءات المتقاعدات في الأعمال الاستشارية".

المرأة العاملة بعد سن التقاعد
وردا على بعض الفئات التي تشكك في إمكانية المتقاعدات في العطاء والعمل نظرا لما يطرأ عليهن من تغيرات فسيولوجية مصاحبة لسن التقاعد، تشير الدكتورة نادرة العموري، متخصصة في علم النفس، إلى أن التغيرات الفسيولوجية التي تواكب فترة التقاعد للمرأة لا تؤثر في مستوى أدائها إطلاقا إلا إذا رافق ذلك أمراض جسدية ومرضية تعوقها عن العمل أو المشاركة في أعمال أخرى، مبينة أن المرأة العاملة في حال وصولها إلى هذا العمر فهي تصل إلى أعلى درجات النضج والخبرة الناتجة من عملها لفترة ليست بسهلة.

الجمعية الوطنية للمتقاعدين
في المقابل تؤكد الدكتورة فوزية أخضر رئيسة اللجنة النسائية لشؤون المتقاعدات، التي استحدثتها الجمعية الوطنية للمتقاعدين أخيرا، أن الهدف من إنشاء هذه اللجنة النسائية، التي تضم 12 عضوة، هو الاهتمام بشؤون المرأة المتقاعدة من كل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والطبية، مبينة أن الجمعية وعدت اللجنة بتفعيل دورها في القريب العاجل.
وقالت الدكتورة فوزية، أنها طرحت خلال اجتماع جمعها بمسؤولين عن الجمعية الوطنية للمتقاعدين، عددا من التوصيات التي ستسهم متى ما فعلت في تحقيق بعض ما تصبو إليه المتقاعدات في السعودية، منها، توعية المتقاعدة خاصة وأن المرأة دائما ما تعاني من غموض وعدم شفافية بحقوقها التقاعدية، إصدار بطاقة تعريفية للمتقاعدات بحيث تغني عن الختم الرسمي والبطاقة الشخصية على أن تكون شاملة لجميع بيانات المتقاعدة التي تشمل المؤهل وطبيعة العمل السابق والسن والحالة الاجتماعية والتخصص.
وزادت أخضر أن اللجنة طالبت أيضا بالسرعة في إنشاء ناد ثقافي واجتماعي واقتصادي للمتقاعدات، أسوة بنادي الضباط، وسن برنامج يسعى إلى محو الأمية التقنية بين المتقاعدات للاستفادة من وسائل التقنية الحديثة التثقيفية والترفيهية، وتحديد يوم خاص للمتقاعدات أسوة ببقية الأيام المحددة لأحداث مختلفة، إضافة إلى الاستفادة العاجلة من خبرات المتقاعدات والمتقاعدين لتحقيق السعودة نظرا لأن زيادة أعداد المتقاعدين المؤهلين هو عبارة عن تناقص في الكوادر المؤهلة العاملة في الدولة.
وتضيف أخضر" أن الاهتمام بالمتقاعدات ينطلق من اعتبارهن مصدرا غنيا بالخبرات المتراكمة ومنبعا مهما للمعرفة الإدارية والعملية والإنتاجية، بحيث يجب الاستفادة من الخبرات العقلية والمعرفية للمتقاعدات بغض النظر عن السن خاصة وأن " وراء كل إنجاز عظيم في الدولة متقاعد ومتقاعدة" وهو الشعار الذي تحمله اللجنة النسائية مؤكدة أن النهضة التي يشهدها المجتمع السعودي كان على رأسها متقاعدات ومتقاعدون"
وهنا كشفت الدكتورة فاطمة الخريجي، منسقة في الجمعية الوطنية وعضو في اللجنة النسائية لشؤون المرأة، عن أن الجمعية تقوم حاليا بإنشاء مركز خاص لجمع المعلومات، هدفه تكوين جسر عبور بين الجهات الحكومية والخاصة وبين المتقاعدات، نظرا لرغبة بعض المتقاعدات في العمل بعد التقاعد واحتياج بعض تلك الجهات في الوقت ذاته إلى شخصيات نسائية لديها خبرات طويلة في مجالات معينة، في حين سيفيد نظام تبادل المنافع الناتج من هذا البرنامج قطاعات نسائية كبيرة وسيزيد من فعالية أدائها لتزويدها بتلك الخبرات.
وقالت:" ليس من الضروري أن تكون المتقاعدة مرتبطة ارتباطاً رسمياً بجهة معينة فبإمكانها أن تتعاون مع تلك الجهة بحيث لايكون الارتباط دائما، ففي الوقت الذي تستطيع فيه تقديم خبراتها دون أن يؤثر ذلك في علاقاتها الأسرية إذا كانت تلك النقطة تسبب لها القلق تجاه مسؤولياتها.

الأكثر قراءة