المملكة بلد الجميع .. لنتضامن
في عام ٢٠٠٦، زار الأمير تركي الفيصل إحدى الجامعات بولاية كانساس، وقد طلب لقاء كل الطلاب السعوديين في هذه الولاية، فتوجهنا لمدينة مانهاتن أنا ومجموعة من المبتعثين، ألقى الأمير خلال زيارته خطابا عاما لكل طلاب الجامعة، ثم طلب أن يلتقي الطلاب السعوديين لقاء مغلقا، وعندما فتح المجال للنقاش، سأله أحد طلاب الدكتوراه سؤالا مفاده أنه ما دامت إيران تدعم الشيعة في العراق فيجب على المملكة أن تدعم السنة هناك. إلا أن جواب الأمير كان مفاده أن المملكة بلد الجميع سنة وشيعة، وأن سياسة المملكة غير قائمة على هكذا مقارنات.
كثيرا ما أتعجب من بعض الأقلام والأفكار التي تطلق هنا وهناك، التي تنادي بأفكار أحادية إقصائية لأي طرف آخر يشترك معها في الأرض أو في الدين، وهم يظنون أنهم بهكذا أفعال يحمون الدين أو وحدة الوطن! وهناك الكثير من المفكرين والمثقفين يظنون أن اختلاف الأطياف الوطنية في مذاهبها أو أفكارها أو ميولها السياسية أمر سلبي، ويظنون أنه من واجب الدولة أن تحمي نفسها بأن تتلفح بهذا الفكر السياسي ضد الآخرين سياسيا، أو أن تفرض على مواطنيها مذهبها أو عقيدتها.
إذا كنا نريد فعلا لهذا الوطن أن يكون في مصاف الدول الأكثر تقدما واستقرارا، فمن واجبنا حمايته بحماية أطيافه ومكوناته كافة، الدينية والسياسية والفكرية، لأننا إذا قمنا اليوم بإقصاء هذه الجماعة لأنها تختلف عنا دينيا، وتلك الجماعة لأنها تتبنى أفكارا اجتماعية أو فكرية تختلف عما نتبناه نحن، فإننا بهذا الفعل نكون قد جزّأنا هذا الوطن وحكمنا على أنفسنا بالفرقة.
من واجبنا أن نحمي بعضنا كسعوديين بالحفاظ على تنوعنا وهوياتنا الدينية والفكرية، فإننا لن نستطيع بأي حال من الأحوال أن ننزل غيرنا من شركائنا في هذه الأرض على أفكارنا وتوجهاتنا، وليس المطلوب منا هذا، بل المطلوب أن نحبهم ونتضامن معهم على مبدأ وحدة هذا الوطن من أقصاه إلى أقصاه، وكل عام وأنتم ووطننا بألف خير.