الحمامات التركية في بيروت تهدئ أعصاب اللبنانيين التعبة
الحمامات التركية في بيروت تهدئ أعصاب اللبنانيين التعبة
يجتمع رجال من كل الأعمار كلما توافرت الفرصة لهم في حمام النزهة التركي في بيروت سعيا وراء بعض الاسترخاء في جوه الدافئ العابق بالبخار والروائح العطرة، محاولين تناسي الأزمة السياسية الخانقة في لبنان بين معارضة وموالاة.
يعود حمام النزهة في بيروت إلى بدايات القرن الماضي وهو بناء حجري عثماني الهندسة يقع في ساحة رياض الصلح على بعد أمتار من الخيم التي نصبتها المعارضة في وسط بيروت التجاري في إطار تحركها الاحتجاجي على الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة.
وعلى مقربة أيضا من ساحة رياض الصلح جرت في القسم الغربي من ساحة الشهداء الأربعاء تظاهرة حاشدة لقوى الرابع عشر من آذار في الذكرى الثانية لاغتيال رفيق الحريري.
وقال رجل الأعمال طلال الحسامي (45 عاما) وهو يلف منشفة على خصره وسط البخار الذي غطى الغرفة "ارتاد الحمام مرة في الأسبوع سعيا لبعض الاسترخاء وراحة الأعصاب. أنا لدي أفكاري السياسية الخاصة بي والتقي الكثير من الأشخاص الذين لا يتفقون معي سياسيا".
وتابع وهو يبتسم "يبدو أن الماء الدافئ والبخار المتصاعد منه يساهمان في تهدئة الأعصاب المتشنجة من الأوضاع السياسية"، مضيفا "أنصح السياسيين بارتياد الحمامات التركية فهي ستكون مفيدة لهم وللبلد".
وعلى أرض القاعة المغطاة بالرخام الأبيض التي ينتشر فيها الهواء الساخن يقوم أحد الموظفين بتدليك ظهر أحد الزبائن بإسفنجة خاصة.
وقال عدنان الذي يعمل محاسبا "أنا من الزبائن المداومين في هذا الحمام أسعى إلى الاسترخاء هنا بعد يوم متعب وأفضل عدم التكلم في السياسة".
وأضاف وقد غطي جسده بزيت الزيتون "آمل أن يتحسن الوضع نريد كلنا أن نعيش".
الشاب أحمد بيرقدار (28 عاما) صاحب الحمام الذي يعتبر آخر حمام تركي في بيروت لايزال يعمل قال "لدينا زبائن من كل المناطق، إلا أنهم جميعا يفضلون إبقاء خلافاتهم السياسية خارجا، فيتوحدون هنا في سعيهم للهدوء والاسترخاء".
وكانت عائلة هذا الشاب قد بنت الحمام عام 1920، ويوضح أن العمل تراجع كثيرا بعد الحرب الأخيرة الصيف الماضي بين إسرائيل وحزب الله وخصوصا بعد الأزمة السياسية بين المعارضة والموالاة وما رافقها من تظاهرات، واعتصامات، وأحيانا مواجهات.
ويضيف أحمد بيرقدار "كل مرة تكون فيه تظاهرات وتجمعات أو حوادث يتراجع عملنا كثيرا" مضيفا "أن خيم المعارضة المنصوبة في ساحة رياض الصلح تؤثر كثيرا على عملنا لأنها قريبة منا، والسياح ما عادوا يزورون لبنان وهم جزء كبير من زبائننا".
وتواصل المعارضة اعتصامها في ساحة رياض الصلح في وسط بيروت وفي القسم الشرقي من ساحة الشهداء المجاورة منذ شهرين ونصف شهر، ما أدى إلى إقفار المطاعم والملاهي الواقعة في هذه المنطقة.
ويعتبر حمام النزهة آخر الحمامات التركية التقليدية في بيروت وهو يلقى منافسة شديدة من المراكز الحديثة التي تقدم خدمات مشابهة.
ويقول بيرقدار "إذا كان الزبون يريد حماما مريحا على الطريقة التقليدية بسعر معقول جدا لا شيء يضاهي الحمام التركي".
وقد عرف هذا الحمام عددا من الشخصيات المشهورة في السابق.
ويروي صاحب الحمام "عام 1970 زارتنا جورجينا رزق قبل أشهر من فوزها بلقب ملكة جمال الكون".
وأضاف "وعندما اندلعت الحرب الأهلية عام 1975 اختفى الجمال واختفى الزبائن الأوفياء للمكان وظهر بعض الزبائن من عناصر الميليشيات".
وتابع "كانوا يتركون بنادقهم في الخارج ويدخلون وعندما يصبحون معا في قاعة البخار كانوا هادئين بشكل يدفعنا إلى التساؤل كيف يمكن أن يكونوا هم الذين يقاتلون في الخارج".