الاحتباس الحراري يخنق بوش بدعم "لوجستي" من آل غور

الاحتباس الحراري يخنق بوش بدعم "لوجستي" من آل غور

الاحتباس الحراري يخنق بوش بدعم "لوجستي" من آل غور

زاد تقرير الاحتباس الحراري الذي صدر أمس الأول عن مجموعة من الخبراء الحكوميين تحت مظلة الأمم المتحدة بدراسة مخاطر الظاهرة على الحياة بكافة أنواعها على الكرة الأرضية, من تضييق الدائرة على الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي لم يكن ينقص الهجوم العالمي عليه نظير سياسته في العراق والشرق الأوسط, إلا هذا التقرير الذي يحمل أمريكا جزءا كبيرا من المسؤولية بالنظر إلى عدم توقيعها حتى الآن اتفاقية كيوتو التي تقضي بالحد من انبعاثات الغازات وبالتالي حدوث الاحتباس الحراري. ويرى خبراء في البيئة أن بوش أقر بخطورة ظاهرة الاحتباس الحراري لكن دون الموافقة على إجراءات إلزامية لخفض انبعاثات الغازات المثيرة لها لاعتبار مثل هذه الإجراءات باهظة التكلفة. ووافقت إدارة بوش على التقرير الأخير, وقال المتحدث باسم البيت الأبيض توني فراتو إن "هذا التقرير هو إسهام في مجموع المعلومات التي في متناولنا لدراسة وفهم أفضل وسيلة لمواجهة تحديات التغيير المناخي"، واصفا الخلاصات الواردة في التقرير بأنها "مهمة".
وتعتبر مجموعة الخبراء الحكوميين في التغييرات المناخية التي أنشأتها الأمم المتحدة في 1988، أهم مجموعة علمية تدرس التقلبات المناخية في العالم وأكثرها خبرة في هذا المجال. ونشرت المجموعة تقريرها الأخير عام 2001.
والمعلوم أن "بروتوكول كيوتو" دخل حيز التنفيذ في السادس عشر من شباط (فبراير) 2005 وهو لا يجبر الدول الصناعية على الحدّ من انبعاثات الغازات الحرارية فحسب، بل يعزز أيضاً التنمية المستدامة لدى الدول النامية.
وصادقت على الاتفاق 141 دولة، تنتج فيما بينها 55 في المائة من الغازات المنبعثة, ويتعهد الاتفاق بالتقليل من تلك الغازات بنسبة 5.2 في المائة بحلول عام 2012. لكن الولايات المتحدة وأستراليا امتنعتا عن التوقيع لأسباب اقتصادية، كما أن بعض الدول النامية خارج إطار الاتفاق مثل الصين والهند. علما أن المصادقة على الاتفاق تم عقب قرار روسيا الحاسم بالموافقة عليه في تشرين الثاني (نوفمبر) 2004. وكان انضمام روسيا للاتفاق مهما للغاية، لأن الاتفاق لم يكن ليصادق عليه بدون إقرار دول تمثل 55 في المائة على الأقل من مجموع الغازات المنبعثة عالمياً؛ ولم يتم الوفاء بتلك الجزئية إلا بعد انضمام موسكو.
وقبل صدور التقرير وفيما كان 500 عالم يعكفون على المراجعة النهائية للتقرير في باريس, كانت هناك ثمة حركة في البيت الأبيض نحو استمالة العلماء والاقتصاديين لإخراج تقرير يقوض ادعاءات الخبراء الـ 500, بل أن عشية صدور التقرير الذي يعلق الجرس بشأن مخاطر الاحتباس الحراري, كان هناك معهد أمريكي قد خصص مبلغ عشرة آلاف دولار (7700 يورو) لعلماء وخبراء اقتصاد لنقض نتائج التقرير, وبعث المعهد وهو "ذي أمريكان إنتربرايز انستتيوت" والذي تموله مجموعة "إكسون موبيل" العملاقة رسائل إلى علماء في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى وعرض عليهم مبالغ مالية في مقابل معلومات تؤكد وجود شوائب في الاستنتاجات الواردة في هذا التقرير. وفي هذه الرسائل انتقد معهد "ذي أمريكان إنتربرايز انستتيوت" التقرير لأنه "يرفض أي نقد منطقي ويستخلص استنتاجات اعتباطية بعيدة عن العمل التحليلي".
ولم يأت الضغط على الرئيس الأمريكي في قضية الاحتباس الحراري من الخبراء الحكوميين بل من داخل واشنطن, حيث يقود آلبرت غور نائب الرئيس الأمريكي أثناء رئاسة بيل كلنتون والذي خسر (آل غور) المنافسة الرئاسية أمام بوش عام 2000, حيث يتجول الأخير في عدد من بلدان العالم بفيلمه الوثائقي "إن انكونفينينت ترو" (حقيقة مزعجة) الذي يحذر فيه من خطر كارثة بيئية محدقة ما لم تتحرك البشرية بسرعة لوقف ارتفاع درجة حرارة الأرض الناجم عن النشاط البشري.
بقي نقول إن التقرير الذي صدر عن مجموعة الخبراء الحكوميين اعتبر الاحتباس الحراري أساسيا من فعل الإنسان", وهذه القناعة المؤكدة بنسبة 90 في المائة لم تكن يوما بهذه القوة منذ أنشأت الأمم المتحدة في 1988 شبكة الخبراء العالمية الواسعة هذه. ومن المسببات الرئيسية، أيضا الغازات الدفيئة (في مقدمتها ثاني أوكسيد الكربون) التي تنبعث في الأجواء بسبب نشاط الشركات التي تستهلك الكثير من الطاقة من غاز ونفط وفحم حجري منذ بدء الحقبة الصناعية.
ويتوقع الخبراء أن ترتفع حرارة الأرض بين 1.8 إلى أربع درجات بحلول نهاية القرن الحالي مقارنة بالفترة الممتدة من 1980 إلى 1999 وهو "أفضل تقدير" من بين ستة سيناريوهات محتملة. وفضلا عن ارتفاع درجات الحرارة قد يرتفع مستوى المحيطات نحو 60 سنتيمترا في حين يعتبر الخبراء أنه من "المرجح جدا أن تستمر وتيرة موجات الحر الشديد ودرجات الحرارة القصوى والأمطار الغزيرة في التزايد وأن تصبح أكثر انتظاما". ويشدد جان جوزيل على أن "ارتفاع مستوى المحيطات 40 سنتيمترا يعني اضطرار 20 مليون شخص إلى هجر أماكن سكنهم"، مشيرا إلى أن التغيرات المناخية لن تؤثر فقط في "الأجيال المقبلة فقط بل على الأطفال" في الجيل الحالي. وهذه المشكلات تثير القلق، خصوصا أنها ستستمر "لأكثر من ألف عام" على ما يفيد التقرير.

الأكثر قراءة