فساد الأفراد بين الشباب والرعاية
عندما يتخطى الإنسان حدود الأخلاق والأعراف والعادات والتقاليد ويكون همه في المقام الأول السيطرة على مشاعر الآخرين وتحطيم آمالهم والتلاعب بحقوقهم عن طريق نسج الوعود دون الوفاء بها أو بالبحث عن الزلات واستغلالها في تدمير من يقف في طريقه نحو الشهرة فتتكون صورته على هيئة بطل لا يخطئ، أي أخلاق تلك التي ينتهجها بعض الشرفيين المتعجرفين ليبسطوا نفوذهم ويعززوا مكانتهم بين أنصار ناديهم ليثبت هذا الشرفي أنه على حق حتى لو كان الثمن باهظاً ومخالفا للدين والعرف والمبادئ الإنسانية.
نماذج عدة دخلت المجال الرياضي من بوابة الدعم المادي لشباب الوطن واستمدت قوتها من قوة الأموال التي تغدقها على الأندية حتى تغلغلت في أحشاء رياضتنا بحثاً عن الشهرة التي يفتقدها رجل الأعمال المتسلط فيعمل في الخفاء أشياء مرعبة ومخيفة ليهدم القيم ويزعزع الثقة بين أنصار ناديه من أجل مجد شخصي، فأصبحت الأندية مسرحاً للمؤامرات والتحالفات والخلافات والاختلافات التي أحدثت المشاحنات والأحقاد بين أبناء هذا النادي الواحد فتنعكس سلباً على مخرجات رياضة الوطن وأحدثت شرخاً ينزف الإخفاق تلو الإخفاق.
صرخ المشجع الصغير الذي عاش مرحلة الإحباط من بدايتها ولم يتذوق طعم الانتصار ببطولة يوماً ما، إذاً من أفسد رياضتنا وجعلها رياضة مشاكل ومشاكسات بل من أخرجها من قلب الملعب إلى وسائل الإعلام فخنقت معها المستويات الفنية المميزة التي كنا نستمتع بمشاهدتها في وقت مضى ونلنا لقب أفضل دوري عربي.
مللنا تبريرات بل تشبعنا من الاعتذارات الواهية التي تسببت في ابتعاد المشجع الصغير قبل الكبير من المدرج المتهالك والبيئة السيئة إلى الشاشة بحثاً عن الراحة والتصريحات الرنانة التي تعقب أي مباراة في الدوري السعودي، لقد سمعنا بتحسين بيئة الملاعب مرارا وتكرارا فشاهدنا مشروب الشاي يباع بإبريق نحاسي وشطائر الفطائر منتهية الصلاحية ومياه الشرب فاترة في عز الصيف نحن أمام قضايا من الفساد الإداري والمالي الذي استشرى بين أفراد المنظومة نتيجة تقاعس وإتكالية راح ضحيتها سمعة المخلصين في الرياضة السعودية ولعل أهم أسبابها ضعف الإدارة وعدم وجود رقيب يجيد التعامل مع قضايا الوسط الرياضي.
الفساد على مستوى الأشخاص إذا ترك يتحول تدريجياً إلى فساد جماعي فيصاب المسؤول الأول عن الرياضة بالإحباط نتيجة كثرة هذا الفساد الذي أمامه فيكون عاجزا عن إصلاح كل من حوله بسبب البيروقراطية التي تشل معظم قدراته في إصلاح ما يمكن إصلاحه لذا فقد نجح الأمير فيصل بن فهد رحمه الله بقوته وحكمته في استقطاب عدد من الخبرات الرياضية التي عملت في الأندية للعمل في الرئاسة العامة لرعاية الشباب.
عندما تشاهد المسطحات الخضراء في المدن الرئيسة وتشاهد كيف يتفنن شباب الوطن في تفجير طاقتهم وقدراتهم بالانضمام إلى مجموعات إرهابية ومروجي المخدرات أو بتكوين مسيرات مزعجة للأهالي في الشوارع الرئيسة للمدينة تتعجب وتحدث نفسك أين دور رعاية الشباب من هذه الطاقات المهدرة، بل أين المعنيين بالرياضة في منطقة من توجيه الشباب نحو الأفضل والأصلح لهم. شباب الوطن مسؤولية الجميع وليس مقتصرا على جهة بعينها ولذا فمن الظلم أن نلقي كامل المسؤولية على رعاية الشباب ونترك بقية الجهات الأخرى المعنية بهذا الأمر، إمارة المنطقة والأمانة والتربية والتعليم من أبرز الجهات الحكومية المعنية بقطاع الرياضة والشباب مع المكاتب الرئيسة والفرعية لرعاية الشباب في المناطق.
أعتقد وأكاد أجزم أن مديري مكاتب رعاية الشباب في المناطق يتحملون المسؤولية كاملة فمتى ما كان مدير المكتب صاحب كفاءة عالية وقدرة فكرية وقيادية معروفة، يستطيع أن يفعّل جميع قطاعات الدولة من أجل إحياء برامج تخدم شباب الشوارع وتجذبهم للوقوع في وحل الإرهاب والمخدرات وينمي قدراتهم الفكرية والثقافية ويعزز جانب الانتماء للوطن.