نبض العلاقة
اختزلت الشاعرة الفذة "نورة الحوشان" مشكلة تؤرق الكثيرين من الرجال والنساء، ممن لم يوفقوا بتوافق زواجي، يُفضي إلى علاقة "نابضة"، جسّدت كل ما يمكن أن نتحدث عنه في الإرشاد الزواجي، فيما يتعلق بقضية اختيار الشريك بقصيدة جميلة، ولعل بيت القصيد فيها، هذا الذي تقول فيه:
اللي يبينا عيّت النفس تبغيه
واللي نبي عيا البخت لا يجيبه
هنا تُجسّد الشاعرة صراعاتها بشكل عفوي وبسيط، بأنها لم توفق بالارتباط مع من تحب، و قد "تورطت" ـ فيما يبدو- في علاقة زوجية غير متكافئة. عبّرت الشاعرة عمّا يعتلج صدرها من صراع، حول هذه العلاقة غير المتوافقة، في البيت أعلاه، الأمر الذي أكسب هذا البيت شهرة وشعبية واسعتين، يردد كثيرا ولاسيما من قبل أولئك الذين يعانون علاقات زوجية تتسم بالكدر وتُفضي إلى عيش نكد، هذا الواقع يُخل بما أسميه "نبض العلاقة".
وأقصد بنبض العلاقة، ذلك الخيط الروحي بين طرفي العلاقة، الذي يعطي للحياة معنى، ويجعل العلاقة تنمو بشكل تدريجي وحميمي، ينضج مع الأيام ويكبر مع الليالي، ويترك بذورا تورق مع الزمن أكبادا تمشي على الأرض! والسؤال الذي يتوق له كل عاقل: كيف لي أن أعيش تلكم الحياة الكريمة؟ وللإجابة أقول: لابد من سبر أغوار الذات، للوصول إلى ماهيتها وماذا تريد وما هي ملامح شخصية الطرف الآخر الذي تكتمل به الشخصية ليصبحا نصفين متحدين، يشكلان وحدة واحدة تعزف لحن الحب الخالد، في رحلة ذات طابع له صفة الديمومة، ومستمتعة هذه "الوحدة" بنبض كل ثانية من رحلة العمر، وهذا لن يتأتى إلا باختيار ناضج لطرفي العلاقة والمستند إلى نزعة "روحين" للالتئام معا.
ما ورد أعلاه ليس طرحا رومانسيا، بقدر ما هو تشريح لمشكلة "الطلاق النفسي" والتي أعزو إليها تفكك بيوت كثيرة، والتي بسببها تولدت بيئات قابلة لتفريخ مختلف الأنواع من الاضطرابات النفسية، والتي تتجسد في أشكال شتى. لقد تمكن الشعر من معالجة هذه الظاهرة بطريقة سلسلة، قادرة على إيصال المعاناة للمتلقي، ولعل القصيدة التي أشرت إلى بيت منها أنموذج لمثل هذه القصائد الشعبية الجميلة.
للوقاية من كل هذا لدينا سند ديني وثقافي ونفسي يؤكد أن الاختيار السليم هو الفيصل وهو المهم، ودائما وأبدا يبقى التوفيق من فاطر السموات والأرض سبحانه.
أستاذ علم النفس الإرشادي المشارك
استشاري العلاج النفسي/ جامعة الملك سعود
[email protected]