صفقات النصر.. الوجه الآخر
لا أحد يختلف على أن المقياس والمؤشر الحقيقي للعمل المميز في الأندية هو تحقيق البطولات والبقاء في دائرة المنافسة كل موسم على أقل تقدير، لكن في النصر الوضع مختلف تماماً، فالجمهور والإعلام النصراوي أصبحوا يكرسون لثقافة بلا طموح تثني على كل ما هو خارج الملعب وتعتبره إنجازاً يستحق التنويه والوقوف عنده بعمق، بينما في المقابل تلبس جلباب الوفاء وتقدم الأعذار والمبررات غير المنطقية في حالة الإخفاق داخل الملعب، على الرغم من أهمية كشف الحساب وإبداء علامات الاستياء مما تقدمه الإدارة النصراوية التي لم تحقق شيئاً على أرض الواقع طيلة السنوات الماضية!
هذه الثقافة السلبية الانتقائية ـ برأيي- تعد سر تراجع النصر، وهي بمثابة الغطاء على صاحب القرار الذي عرف ماذا يريد هؤلاء وفيمَ يفكرون، فكان التخطيط ورسم استراتيجية الفريق يتماشى مع طموحات صانعي هذه الثقافة!
لا أشك في أن صفقة يحيى الشهري تعد من أفضل الخيارات التي وفقت الإدارة في التعاقد معها، لكن أن تكون هذه الصفقة كغيرها من الصفقات الماضية هي الغاية والمطلب لمتبني هذه الثقافة وكفى بعيداً عن كونها وسيلة تسهم في تطوير أداء الفريق والارتقاء بمنهجيته الفنية فإن ذلك هو المؤشر الحقيقي للفشل والاستمرار في الغياب عن البطولات.
إن المبالغة في التعامل مع هذه الصفقات وإخراجها عن سياقها الطبيعي، وتقديمها على أنها انتصار للإدارة ورد على الآخرين وتأكيد على الملاءة المالية ليست مفيدة لفريق بحث ولا يزال يبحث عن نفسه منذ سنوات طويلة، فهو في أمس الحاجة إلى نقد حقيقي يقف عند أخطاء الإدارة النصراوية التي أصبحت تتكرر كل موسم، ويسهم بالآراء والمقترحات من أجل تقديم حلول عملية تستفيد منها الأجهزة الفنية والإدارية.
أما الأسلوب المتبع الذي يتغاضى عن الأخطاء التي وقعت فيها إدارة النصر من أجل تحركات لم تتضح آثارها داخل الملعب فمن الطبيعي أن يتسبب في مشكلات كثيرة لا حصر لها، ولعل أبرزها ملف التعاقدات الذي أصبح علامة فارقة في الأندية الأخرى وعبئاً كبيراً على النصر في كل بطولة، إضافة إلى غياب المدير الإداري الذي يملك سيرة رياضية ثرية يستطيع توظيفها في تهيئة الفريق من الناحية النفسية، وتعريف اللاعبين بشيء في غاية الأهمية وهو أن عملهم يجب أن يكون داخل الملعب لا غير.
على هذا الأساس الخاطئ والمتكرر أعتقد أن النصر بحاجة إلى تغيير فكر جماهيره وإعلامه، فالتماس الأعذار والتطبيل للصفقات لا يقود إلى البطولات، بل من الممكن أن يقدم مؤشر رضا للإدارة بأن عملها مميز، وحتى لو أخفق النصر فصفقة بهذا المبلغ الكبير جداً في نظر هؤلاء كافية لأن تعتبر الأمير فيصل بن تركي الرئيس الأفضل والأروع والأكثر إنفاقاً في تاريخ النصر على الرغم من عدم وجود أي إنجاز يذكر طيلة فترة رئاسته!