لجنة.. خارج الخدمة!
منذ أن بدأت لجنة الانضباط مهامها في الدوري السعودي ونحن أمام قضايا من العيار المؤلم تتكرر بشكل مستمر في الوسط الرياضي وتفرض على الجميع "تراجيديا" حزينة للغاية من فصول متعددة، أبطالها الجماهير ورؤساء الأندية واللاعبون والمتحدثون الإعلاميون مع وسائل إعلامية فضائية وتواصلية وصحف ورقية وإلكترونية خلا لها الجو ووجدت في هذه المشاهد الملتهبة والمؤثرة مادة ساخنة للنقد والهجوم على أطراف المشكلة، وتعقيد المسألة بالتصريحات النارية المتبادلة، وشحن المعنيين والمتأثرين من هذه القضايا.
لن ألوم هذه الأطراف المتشابكة وسط كل هذه الضجة الكبيرة، فالكل يريد أن يبرئ نفسه ويتنصل من المسؤولية ويلقي اللوم على أي جهة كانت؛ على الآخر أو الماضي، لكنني ألوم بالفعل ذلك القاضي الذي كان يجب أن يقوم بدوره الحقيقي منذ وقوع شرارة هذه الأحداث إلا أنه فضَّل أن يبقى خارج الخدمة لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم.
المؤسف جدا أن أي مشكلة تحدث في المنافسات الكروية كقضية العنصرية التي أشغلت الرأي العام بعد مباراة الهلال والاتحاد تبدأ كقضية محددة أطرافها معروفة، ثم لا تلبث إلا أن تتوسع شيئا فشيئا وتصبح مجموعة قضايا مركبة ومعقدة، بسبب التصريحات والبيانات والردود التي تتبادل الاتهامات وتعلن التحدي للجان وتدخل في مسألة التشكيك في الذمم، ومع كل هذا الكم الكبير من القضايا المتداخلة لا تزال لجنة الانضباط في سبات عميق، فلماذا يحدث كل هذا؟ ومن المستفيد من تأجيج الوسط الرياضي والتأثير على الأندية وإشغالها، على الرغم من حاجتها إلى التركيز في البطولات المهمة التي تنتظرها؟
هل المشكلة في عدم وضوح لائحة الانضباط؟ أم أن الخلل في الكوادر التي تدير هذه اللجنة؟ أم هناك تدخلات تجبر اللجنة على لغة الصمت مع أن الصمت لا يكون حكمة في كل الأحيان؟
لا أعتقد أن الإجابة عن هذه الأسئلة لدى لجنة الانضباط، فاللائحة واضحة وضوح الشمس، وسكوتها دليل ملموس على خلل كبير يحيط بها، لكن باستطاعة الاتحاد السعودي أن يجيب عنها متى ما استوعب نقطة جوهرية وفي غاية الأهمية وهي أننا لم نعد بحاجة إلى أي لجنة صورية تسير وفق إملاءات المتنفذين وتتأثر بها أو أي لجنة سلبية تمارس الصمت المطبق طوعا أو كرها!
إننا بحاجة ماسة إلى لجان مؤهلة وحازمة تطبِّق اللوائح والقوانين والأنظمة بحذافيرها، أما المجاملات والخوف وتأخير إعلان العقوبات والاستمرار على لغة الصمت وحفظ القضايا وقيدها لمجهولين -كما يحدث في لجنة الانضباط- فسيقودنا باختصار إلى الخروج المتكرر على القانون، ولن ننتظر منها إلا مزيدا من الشتائم وتبادل الاتهامات والقذف العلني وممارسة العنصرية بأبشع صورها!