نصيحة مورينيو
النصيحة التي أعنيها في العنوان ليست كلمة عابرة تمر مرور الكرام، أو تغريدة تثير جدل المتابعين دون فائدة تذكر كما هي عادة مَن نحسبهم خبراء أو نجوما أثروا كرتنا في يوم من الأيام، لكنهم لا يقدمون لوسطنا الرياضي أي نصائح أو آراء أو أفكار قيِّمة يمكن أن تكون محوراً مهماً يثري نقاش برامجنا وحواراتنا الرياضية، وتنعكس إيجابياً على أنديتنا، وإنما هي كلمات باختصار من المدرب الشهير مورينيو تعد خريطة طريق في الاستقرار الفني، وبحثاً ميدانياً في كيفية إدارة الضغوط النفسية والتعامل معها والسيطرة عليها، لتحقيق الإنجازات والبطولات، يستفيد منها المدرب واللاعب ورئيس النادي والإداري على حد سواء.
هذه النصيحة الذهبية وردت في ثنايا تصريح سابق لمورينيو اعترف فيه بأن الاستقرار الذي يحظى به فينجر مدرب آرسنال أمر يستهويه لكن في الوقت نفسه فإن طريقة التفكير لديه تحتاج إلى الضغوط لتحقيق النجاح، وإذا لم يتوافر أحد هذه الضغوط، فإنه سيوفرها لنفسه.
وبما أن الحكمة المعروفة والمتداولة تقول إن ''حياتنا من صنع أفكارنا''، فإن غياب الاستقرار هو نتاج ثقافة وأفكار جماهيرية استجاب لها رؤساء الأندية وسلَّموا بها واستسلموا لمؤثراتها، ولم يستطيعوا توفير الضغوط الإيجابية لمقاومتها، فكان من الطبيعي أن تظل أندية الأهلي والهلال والنصر والشباب والاتفاق بعيدة كل البعد عن مستواها الحقيقي، وتقدم مستويات متذبذبة وغير مقنعة طيلة السنوات الماضية، وتسلم الراية لنادي الفتح النموذجي الذي طبق نصيحة مورينيو السحرية على أرض الواقع بكل احترافية، لذا لن أستغرب أن يكون النتاج الفتحاوي على قدر الفكر والتميز متوافقاً مع قيمة النصيحة بتحقيق بطولة الدوري لأول مرة في تاريخ أبناء الأحساء.
النقطة الأخرى المهمة في هذه النصيحة وجهها مورينيو في معرض حديثه عن آرسنال بقوله: ''نعم، من الممكن أن تعيش موسمين في ناديك بهدف البناء للمستقبل وعدم الفوز بالألقاب، لكن يجب ألا تطول المدة، لأن طريقة تفكيري تدعوني للعيش تحت الضغط من أجل الفوز''.
باختصار هذه هي الآراء المفيدة القابلة للتطبيق، وهذا هو العمل المطلوب للنجاح، أما لدينا فالوضع مختلف، وطريقة التفكير مغايرة تماماً، فالضغط يولد الخسارة، والفريق الذي يقدم مستوى لافتاً في الدور الأول من الدوري سرعان ما ينهار في الدور الثاني، ومن يتألق في كأس آسيا فسوف تُفاجأ بمستواه المحير في الدوري، أما مَن يعيش وهْم البناء ويخدع جماهيره بهذا الوهم الذي يتجدد تلقائياً كل موسم فإن نصيحة مورينيو النظرية ترد عليه، وعمل الفتح على أرض الواقع خير دليل على فشله الذريع!