استثمار محدود

لم يجف مداد مقال الأسبوع الماضي الذي ذكرت فيه أن أنديتنا الكبيرة التي تحظى بالرعاية وتوشك على انتهاء عقودها تدخل مرحلة خطيرة باعتبار أنها لم تطور شراكتها مع الشركة الراعية، واكتفت بعلاقة سلبية لا تتجاوز إيداع المخصصات المالية المستحقة خلال الموسم فقط دون أي تنمية أو تطوير منتجات استثمارية حتى بادرت أندية الأهلي والنصر والاتحاد والشباب بعدما أدركت خطورة موقفها بالاجتماع وتشكيل لجنة رباعية تدرس مستقبل الشراكة مع الراعي الاستثماري السابق لهذه الأندية، والاتفاق على آلية موحدة للتفاوض.
من الواضح من تحركات هذه الأندية أنها لم تستفد بعد من شراكاتها السلبية السابقة، ولا تريد أن تستفيد! ولذلك من الطبيعي أن تستمر في تعميق سلبياتها، فهي لا تملك رؤية استثمارية مستقبلية تسير عليها لجذب الشركات، وكل ما في الأمر أنها تريد التوقيع وبأية طريقة كانت، ومع شركة واحدة ولخمس سنوات مقبلة دون أي اعتبار لمرحلة الخصخصة التي يوشك أن تقر، أو مراعاة التباين الواضح بينها من الناحية الجماهيرية والبطولات والأداء الفني والفكر الذي تدار به وحجم الديون الذي تعانيه والغموض الذي يكتنف الصرف المالي خلال المواسم الماضية. أدرك أن المشكلة أصبحت أكبر من الأندية وإمكاناتها وكوادرها، وسط صمت من قبل (رعاية الشباب)، التي يجب أن تستشعر المسؤولية بالكامل، ففريق الخصخصة المكلف من قبلها لن ينجح إلا إذا وفِّرت له بيئة جاذبة ودعم لا حدود له وقوانين ولوائح واضحة، لمساعدة الأندية على أن تقنع الجماهير بدعمها مالياً لا معنوياً كما كان في السابق.
في خضم هذه المشكلات المتعددة لفت نظري وأنا أتصفح جريدة ''الاتحاد'' الإماراتية الأحد الماضي ثمانية أخبار في يوم واحد كلها تتعلق بفكرة المجالس الرياضية الإماراتية الداعمة لكرة القدم وتطويرها عبر عقد شراكات مع الاتحاد الآسيوي، وأندية عالمية كالإنتر الإيطالي ومانشستر سيتي الإنجليزي، وشركات رياضية، لإقامة دورات تدريبية وملتقيات ومعارض رياضية دولية ودوري للأحياء السكنية وورش عمل تستهدف الأندية، ويستفاد مها في ترسيخ ثقافة الاحتراف، وتطوير الكوادر التدريبية، والارتقاء بفكر اللاعبين، وبناء استراتيجيات لتطوير قطاع الناشئين والشباب، وتسويق اللاعبين للاحتراف الخارجي.
لم أكتف بهذه الأخبار الثرية، بل حركت موقع ''جوجل'' باتجاه هذه المجالس الداعمة، لظني أنها قد تكون اجتهادات فردية إلا أنني وجدت خططاً استراتيجية رياضية لمدة أربع سنوات تستند إلى رؤى ورسائل وقيم تقرن القول بالعمل، وتحول كرة القدم إلى منظومة أفكار استثمارية تتهافت عليها الشركات.
كل هذه الأفكار الاستثمارية الجميلة تطبيق عملي يجب أن يطرح على طاولة رعاية الشباب والاتحاد السعودي والأندية، للاستفادة منها في صناعة واقع رياضي جذاب يؤسس لثقافة احترافية جديدة تغري جميع الشركات بالدخول في هذا المجال المربح بدلاً من تكوين تحالفات وقتية كل أربع سنوات تستجدي فيها الأندية رعاية سلبية أو إقامة ملتقى من قبل لجنة الاستثمار في غرفة جدة الذي عقد قبل يومين، وأكرر (لجنة الاستثمار)، لمناقشة خطر التعصب وإقحام الإعلام في إعادة هيبة كرتنا التي أجزم أنها لن تعود ما دامت هذه أفكار لجاننا الاستثمارية المتخصصة!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي