الدوري للهلال ... أم للفتح؟

ليست الطباع والعادات والتقاليد وحدها التي تختلف بين أبناء الأسرة الواحدة، بل حتى الأفكار وطريقة التعبير ونمط الحياة تختلف من مجتمع إلى آخر، كذلك الأندية السعودية يوجد تباين كبير في منهجية العمل بين ناد وآخر.
الأندية صاحبة الشعبية الجماهيرية الكبرى والنفوذ الأقوى والدخل المادي العالي يطلق عليها الأندية الكبيرة، أما الأندية التي تفتقد هذه المقومات فيطلق عليها أندية الظل (الأندية الصغيرة). وعادةً تسيطر الأندية الكبيرة على الإعلام والبطولات وعقود الرعاية، في حين تكابد الأندية الصغيرة وتقاتل من أجل البقاء وإثبات الوجود والوقوف نداً قويا أمام أصحاب الإمكانات العالية داخل المستطيل الأخضر بحثاً عن المفاجأة. أما اليوم وقد اختلت هذه المعادلة المرسومة في أذهان الناس منذ عقود وأصبحت بطولة الدوري سهلة المنال للفرق صاحبة الإمكانات المادية المتواضعة رغم أنها المسابقة الأطول من بين المسابقات المحلية وتحتاج إلى نفس طويل وصف احتياطي ثان وتركيز عال من قبل الجهاز الفني والإداري واللاعبين، لذا من الصعب جداً أن يحققها ناد جاء من دوري المظاليم قبل عدة مواسم ولم يدعم مادياً ولا معنوياً. ولأنها كرة القدم التي لا تعترف بالمعطيات الثابتة ولا تخضع لحسابات النتائج السابقة، فقد حدثت المفاجأة بولادة بطل جديد لمسابقة دوري زين السعودي عندما وضع أبناء المبرز المستحيل خلف ظهورهم وتوجهوا نحو المقدمة بإرادتهم القوية وعزيمتهم المتماسكة رغم المصاعب والعوائق التي كادت تقف عثرة في طريقهم. تمسك لاعبو الفتح بالتحدي وقوة الإرادة فوضعوا نصب أعينهم دوري أبطال آسيا كهدف أساسي يمكن تحقيقه في أجوائهم المتألقة وروحهم المعنوية العالية رغم أنه لم يخطر ببالهم ولا بمخيلة جماهيرهم أن المنجز هذا الموسم بطولة الدوري. مباراة تعقبها مباراة والأمل يتجدد ويكبر مع المدرب التونسي فتحي الجبال الذي أطاح بالهلال وأعقبه الشباب ثم ألحق بهما الاتحاد وسط ذهول إعلامي وجماهيري، والكل لم يصدق ما آلت إليه النتائج المبهرة التي يقدمها الفتح. إنه الفتح يا سادة فتح الجبال الشاهقة فتح العفالق، بل فتح الراشد، إنه فتح الأسرة الواحدة التي لم تنقسم في يوم من الأيام ولم نر لها تصفية حسابات مع كائن من كان، ولم يتناحروا ويجروا خلف إعلام زائف غايته التخدير والتطبيل وإنهاك الروح المعنوية للاعبي الفرق. ويكفي أن جميع الأندية تأثرت بالإعلام إلا فتح الأحساء ظل صامدا أمام تلك الحملات الإعلامية الموجهة.
نحن أمام ظاهرة تستحق الدراسة والبحث عن الأساس والمنهجية الإدارية الفكرية التي أوصلت نادي الفتح إلى قمة دوري زين السعودي بهذه السرعة. أتساءل هنا من الذي فاز على الآخر الفكر أم المادة؟ الجواب سيكون الفكر بعد تفوق تجربة الفتح. وأعرج على تساؤل آخر: هل الأندية الكبيرة لا تمتلك الفكر الذي يمنحها التفوق؟
الفكر من دون مال لن يصنع فريقا يستمر لمواسم عديدة في تحقيق البطولات، وكذلك المال من دون فكر يدير هذا المال لن يصنع منجزا يرضي غرور الداعمين، مهم جداً أن تفتح مجالس إدارات الأندية الكبرى باب المكاشفة والنقاش حول أسباب الإخفاق بشكل مفصل مع الاستفادة من التجارب السابقة التي نجح الفريق في تحقيقها قبل نهاية الموسم الحالي.

حافظ على آسيا
طالما أن القيادة الرياضية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل ترى في الدكتور حافظ المدلج جميع المقومات والمواصفات التي يحتاج إليها كرسي رئاسة الاتحاد الآسيوي فنحن معه قلباً وقالبا، وسنقدم كل ما لدينا من دعم ومؤازرة من أجل نجاح المدلج الذي يعتبر نجاحا للكرة السعودية في المعترك الآسيوي القادم. ولو فرضنا جدلاً أن الدكتور حافظ لم ينجح في الانتخابات القادمة فسنكتفي من هذه التجربة بأننا تعرفنا على أسباب الإخفاق، والنواقص التي يحتاج إليها المرشحون في الانتخابات التي تليها، وكسبنا ثقافة الانتخابات القارية وطريق التحزبات والتكتلات التي نحتاج إليها في مقبل الأيام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي