من سيموت اليوم؟
نرتقب الخير كالمساكين ونرجو رحمة الله بزخات مطر ... ويوم الأحد المسكين كان غريباً بل من أغرب الأيام في حياة أهل جدة كلهم!! استنفار وانتظار.. توجس وخيفة ! يواكبه شعور بفرح طفولي لاقتراب سقوط رحمة ربي ، وياله من شعور ! النوافذ مشرعة المكيفات مغلقة وانتظار في انتظار في انتظار. من النافذة ومع الغيوم وهبوب الرياح يأتي الهاجس الحزين : ياترى من الذي سيموت اليوم بسبب هذا المطر ؟! يا ترى كم أسرة ستفقد معيلها وكم زوجة ستترمل وكم طفل سيغادر الدنيا بسبب السحاب الممطر ؟ يأتي المطر في كل دول العالم ليغسل الدروب ويزيح الهموم ويكسي الشجر بحلّة النظافة ، إلا في مدينتي جدة فهو إنذار خطر يفضح عيوب الفساد ويبرز على السطح من سرق هذا وأكل مال هذا وهرب متهاوناً بلا عقاب !
وقد جاءتني كغيري رسائل الدفاع المدني تدعو إلى توخي الحيطة والحذر والبعد عن أماكن السيول ، وأن أمطاراً ستهطل على جدة من 1 ظهراً إلى 1 صباحاً حسب تقرير الأرصاد وحماية البيئة !! وقد أثارت الرسالة الذعر بين الأهالي وقامت المدارس بصرف التلاميذ قبل الواحدة ... وللغرابة لم يكن هناك سوى زخات رشيقة من المطر ! الفزع ما زال يسكن صدور الناس منذ كارثة السيول الأولى والثانية ولسنا ندري إلى الآن عن شهادة الشهود ومن أفسد المفسدين ! وسيتكرر السيناريو الأسبوع القادم في حالة ماطرة جديدة هذا الشهر يصاحبها التوجس والهلع وبعض الحسرة على تبدل مشاعرنا من الفرح إلى الخوف والانتظار .
كلّ ما أخشاه على المسؤولين والهيئات (أن يفشلونا) إذا هطل سارق الطمأنينة من سكان جدة ! وأن يظل العبء الأكبر على المتطوعين والجهات التطوعية لرأب الصدع وسد الخلل في أي قصور. كلنا ينتظر الامتحان السماوي الجديد لهم متمنين أن تنجح الشوارع والميادين والكباري والأنفاق ! متساءلين هل ستصمد العشوائيات أمام سيول المياه إن أتت ؟! حتى رسائل (تويتر) ساندت وأوصت بأن يجهز أهل جدة قوارب النجاة والمجاديف والكشافات ، وواستهم بأن يحسن الله عزاءهم مقدماً يحدث ذلك بسبب انعدام الثقة بالمسؤول وكثرة الوعود المنسية، يحدث ذلك وتتصاعد المطالب ويتم تفويض الصلاحيات بتحمل مسؤولية الأرواح فيمنح أهل جدة إجازات وتعلق الدراسة وترتفع وتيرة التعطيل وعدم الانجاز . إلا أن الأمل الأكبر يظل في تكثيف الدعاء والرجاء والتمني على الله بأن يحفظ البلاد والعباد من تبعات المطر.
فإلى متى نسمع عن مشاريع ومحاولات وتطمينات ولم يتقدم أي مسؤول ليصرّح على الملأ بهذه الاستعدادات حتى لا يحاسبه بها أحد !؟ إلى متى ونحن لا نعلم مالذي حدث من ترميمات وتحسينات وبالتالي لسنا نعرف ونعرف أننا لن نعرف ؟! قولوا لي من المسؤول عن تشويه ذكرياتنا عن المطر ؟ من المسؤول عن ارتباط قطراته وصوته بأحداث أليمة لا نملك محوها من الذاكرة ! وإن كانوا قد فرقوا السحب بالرش عبر طائرات تحمل أيوديد الفضة والنتروجين السائل ومسحوق الأسمنت، لتشكل تلك المواد حاجزاً لمنع البروتونات والإلكترونات في الجو من الاحتكاك في السحاب، وإن أفتى المفتون بجواز ذلك ... إلا أني أصررررخ بأعلى صوتي (أررررريد المطر) يارب نتوسل إليك الغوث ... دون أن يتأذى أحد . أيها المسؤولين ...
لاتمنعوا خير الله (إن كنتم قد فعلتم) خوفاً من كشف المستور والمخفي والمستخبي!!
فإن لم تكونوا (قدّها) والزمان شرم برم ... فلا خير فيكم والزمان ترللّي ....
مات بالصعق الكهربائي شخص واحد (فقط) أعلنت عنه وسائل الإعلام بسبب عمود الإنارة ..
مات شخص واحد دعوت له من تلك النافذة صباح الأحد بسبب المطر .. فليتقبل الله.
حفظك الله ياجدة.