كارلي فيورينا .. أكثر المديرات إثارة للجدل في العالم

كارلي فيورينا .. أكثر المديرات إثارة للجدل في العالم

بلا شك لا تفتقر كارلي فيورينا إلى أي من الإمكانات الخارقة، وهذا ما تشير إليه على غلاف الكتاب الذي أصدره أخيرا وتروى فيه قصتها .وبهذا الكتاب أثارت كارلي فيورينـا الأوساط الإعلامية التي بدأت تتكلم بحماس كبير عنها كنجمة في سماء الإدارة . وفي مستهل قصير ونافذ أوجزت مديرة الأعمال الاستشارية غيترود هوهلر الأحداث حين كتبت تصف قصة الرئيسة السابقة في مجموعة هيوليت باكارد الأمريكية للحاسب الآلي فقالت: "كارلي فيورينا حاولت أن تطال النجوم، فسقطت سقطة مروعة."

فعليا، هذا ليس بالحدث الكبير، فقصص من هذا النمط كثيرا ما يرويها عالم الاقتصاد. فهنالك دائما وأبدا المديرون الذين يرتقّون إلى أعلى وأعلى وهؤلاء الذين ينحدرون إلى أسفل، وهذا التقلب بدأ، كما أشارت الدراسات، يتسارع في وقوعه من يوم إلى آخر. ولكن في الوقت نفسه، نادرا ما يقوم هؤلاء المديرون بالتعليق في الأوساط الإعلامية والعامة على ما عايشوه ويعيشونه من أحداث. ففي أغلب الأمر، يتم التحفظ عند الإقالة على جميع المشاعر بالصمت العميق، ويؤيد ذلك مبلغ لا بأس به من المال كتعويض.
لكن أن يقوم مدير بعد إقالته مباشرة بالحديث المسهب في الأوساط العامة عما حدث معه، يعد لهذا السبب حالة استثنائية فريدة من نوعها، وهذا ما يجعل من الكتاب حديث الصحفيين والكتاب والشارع الأمريكي. وما يزيد هذا الكتاب نكهة في الإثارة ويرفع من عامل الاهتمام به، هي تلك الكلمات الجلية الواضحة التي استخدمها صاحب الشأن، مدير على مستوى عال. وأن هذا المدير على مستوى عال كان سيدة لا يضر في صبغة الكتاب، بل بالعكس يزيدهـا لمعانـا.
على أي حال، ربما لم يكن هناك داع أن يطول هذا الكتاب في صفحاته إلى 400 صفحـة، وربما لم يكن مهما لجميع القرّاء أن يعرفوا تفاصيل ما يجري داخل مجموعة هيوليت باكارد بحذافيرها. ولكن سيرة الكاتبة الذاتية تثير الاهتمام في المواضع التي تبين أن المديرين الذين يتصفون بالصرامة والتوجه الإداري في تحقيق الأرباح أيضا لديهم نقاط ضعف، وتشد انتباه القارئ كذلك في المواقع التي تروي فيها الكاتبة عن كيفية إدارة الطوابق العليا من مبنى الإدارة للأحداث إذا ما وقعت واقعـة.
كارلي فيورينا هي في الأصل بائعة، فهي تعرف ما يثير اهتمام الزبون وأثبتت ذلك في مقدمة الكتاب الذي يصور نهاية القصة في البدايـة. فذكرت ما ذكرت فيها، كما يلي: في النهاية لم يكن عند مجالس الإدارة تلك الشجاعة لينظروا في عيني. فلم أسمع منهم كلمة شكر أو حتى كلمة وداع. وهم لم يوضحوا لي سبب قرارهم، ولم يبرروه كذلك. فبعد أن استدعوني لحضور الاجتماع إلى شيكاغو، جعلوني أنتظر في غرفة الفندق ما يزيد على ثلاث ساعات. قال لي رئيس لجنة الموظفين والإدارة: ‘كارلي، لقد قرر مجلس الإدارة استحداث تغييرات في رئاسة الشركة. أنا آسف جدا, لقاؤنا لم يستغرق أكثر من ثلاث دقائق.

هكذا، وبهذه البساطة وبهذا الشعور بالوحدة ينتهي مسار تغيير إداري في رئاسة شركة أمريكية عملاقة. والآن - هذا الوصف يمثل ناحية. أما الناحية الثانية فهي من نبع طبيعة الإنسان الذي يميل دائما إلى أن يكون رحيما بنفسه، وفي الوقت نفسه قاسيا في وجه الآخرين. ويميل الإنسان إلى هذه النزعة بالأخص عندما يكون الشخص الذي أمامه يتولى منصبا قياديا، ويتوقع أن يرد الآن الصاع صاعين ويبدأ بفتح دفاتر الحسابات مع الشركة؛ هذا الأمر الذي لم يكن سهلا على كارلي فيورينا أن تبادر به لحظة إقالتها في شباط (فبراير) 2005.

ولهذا تهاجم كارلي فيورينا في كتابها بتقريع شديد، الكثير من الأشخاص. منهم رئيسها السابق في شركـة لوسينت تيكنولوجيس ريتشارد ماك جين الذي نال من كتابتها ما نال، حيث قالت :" إذا كان فعلا يريد، كان في إمكانه أن يكون أكثر لطفا ولباقة، ولكنه يفتقر إلى الشخصية الأخلاقية." وطالت كتابتها أيضا مايكل كابيلاس الرئيس السابق لمجلس إدارة شركة كومباك الشركة الفرعية التي استحوذت عليها هيوليت باكارد تحت إدارة فيورينا، فكتبت في وصفه أنه كان متقلب المزاج وغير محمود العواقب. وفي وصفها لسيرتها الذاتية مع عالم الإدارة العليا انقلب مجلس الإدارة وتحول إلى كتلة من الأشخاص الهواة والمتخالفين في الآراء.

ظهر الكتاب في الأسواق الأمريكية وعنوانه (أكثر المديرات إثارة للجدل في العالم ) ومن البديهي أن تناقش فيورينا في كتابها المصاعب التي تواجه المرأة في طريقها إلى القمة، وهي لا تختلف في كثير من المواقع عن تلك التي يواجها الرجل تماما. ويرى الكثير من المراقبين أن قصة فيورينا هي قصة المرأة المديرة التي تستحدث دائما الكثير من التغييرات الجديدة في شركتها، وتتوقع الأكثر من كادرها الوظيفي بما يفوق طاقته ولهذا السبب تلقى ريحا عاتية تواجهها، هذه القصة لن تختلف تماما لو كانت قصة رجل مدير.

قد تكون هذه النظرة صحيحة، ولكن، كما تعتقد فيورينـا، حكمت عليها وسائل الإعلام بتقدير في الرأي مختلف لكونها سيدة فتقول في ترجمة سيرتها لقد عاينت عن كثب بعض زملائي من الرجال الذين قاموا بإقالة أشخاص من مناصبهم، ووُصفوا على أنهم حازمون في القرار. أما أنا فقد أقلت من منصبي بصفة انتقاميـة. فربمـا لا يمكن تناسي تلك النظرة القديمة عبر القرون التي تميز بين الرجل والمرأة في كل يوم وليـلة.

الأكثر قراءة