ملتقى آفاق الاستثمار يكشف اختلالات هيكلية تواجه قطاع المؤسسات المالية الخليجية
كشف تجمع دولي لمناقشة آفاق الاستثمار في منطقة الخليج عددا من المعوقات الاستثمارية والتحديات التي تواجه المنطقة في سبيل توفير بيئة استثمارية ناجحة، كان على رأسها مشكلات اقتصادية ومالية تتعلق بوجود اختلالات هيكلية وتحديات راهنة أمام قطاع المؤسسات المالية وأسواق الأوراق المالية، إلى جانب تحديات تنموية وسياسية تمثلت في مشكلات سيادة القانون وتدني درجة الشفافية ومشكلات في التنمية البشرية.
وقدم أحد المتحدثين في ورقة له أمام الملتقى الدولي لآفاق الاستثمار الذي رعاه نيابة عن الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض الأمير سطام بن عبد العزيز نائب أمير منطقة الرياض، البارحة في الرياض، جملة من التوصيات حول توفير المناخ المالي والاستثماري الإيجابي والمؤثر في منطقة الخليج.
وأوضح عبد الرحمن الجريسي رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، أن خادم الحرمين الشريفين وولي عهده أعطيا للمستثمرين والصناعيين دفعة قوية للانطلاق ضمن استراتيجية واعية ستفعل كل عوامل الجذب الاستثماري وتجعل المملكة محط أنظار العالم، مستدلا بذلك على الديناميكية الاقتصادية الجديدة والتي تتمثل في منظومة المدن الاقتصادية العملاقة التي فتحت آفاقا هائلة أمام تطلعات المستثمرين المحليين والأجانب.
وأكد الجريسي أهمية تطوير الفكر البحثي وحشد المتخصصين من الداخل والخارج في ملتقيات وندوات علمية تناقش سبل تفعيل معدلات استثمار الفرص المتاحة والكامنة في مختلف الأنشطة الاقتصادية في المملكة وتشجيع جذب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية لاستثمار هذه الفرص بما فيها بحث الدور التنموي للمدن الاقتصادية وزيادة تفعيل دور القطاع الخاص الوطني في العملية التنموية.
من جانبه قال الدكتور فهد السلطان الأمين العام لمجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية، إن من أهم عوامل تحفيز الاقتصاد الوطني عامل تطوير وتحديث البيئة الاستثمارية في المملكة، وإضفاء المزيد من الجاذبية والتطوير عليها لتصبح وجهة مفضلة ليس للمستثمرين العالميين فقط وإنما للمستثمرين المحليين أيضا.
وأضاف قائلا: "نحن جميعا نلمس الخطوات الجادة التي خطتها الحكومة في سبيل تطوير وتحسين البيئة الاستثمارية، بل وسعيها الدائم للدخول في باب واسع لخلق بيئات استثمارية مثالية فائقة الجاذبية على أرض بكر وتنطلق من فكر جديد عليها في المملكة تستند إلى إنشاء مجمعات جديدة تستثمر المزايا النسبية في المنطقة التي تقام فيها".
من جهته أوضح علي بن صالح العثيم رئيس اللجنة المنظمة للملتقى، أن الملتقى يعقد في ظل تأثيرات محلية وعالمية تفرض نفسها على اقتصادات المنطقة وتدفعها إلى شحذ الهمم واستجماع أدواتها وتعزيز هياكلها وتقوية قدراتها التنافسية لمواجهة مرحلة العولمة الاقتصادية التي تفتح الباب أمام منافسة حادة، مشيرا إلى أن الملتقى سيعمل على تحسين البيئة الاستثمارية في المنطقة عبر برنامج علمي يشارك فيه عدد من الخبراء الاقتصاديين ورؤساء الشركات.
ورحب العثيم بالأمير سطام بن عبد العزيز على رعايته حفل افتتاح الملتقى راجيا لأعمال الملتقى النجاح وأن يخرج بأفضل النتائج التي تسهم في تفعيل بيئة مستقطبة للتدفقات الاستثمارية المحلية والعالمية وتحسين الاقتصاديات العربية وتقويتها في مواجهة تحديات العولمة الاقتصادية.
وعلى صعيد جلسات الملتقى أفاد الدكتور علـــــي بن فهد الزميـــــع وزير التخطيط الكويتي سابقا، بأن هناك عدة معوقات استثمار وتحدياته في دول الخليج العربية تواجه بيئة الاستثمار تتركز أساساً في مشكلات اقتصادية ومالية، تحديات تنموية وسياسية، وتحديات تقف أمام حكومات المنطقة في مجال توفير المناخ المالي والاستثماري الإيجابي والمؤثر.
وبين الزميع أن من أبرز المشكلات الاقتصادية والمالية، هي الاختلالات الهيكلية الاقتصادية، وتشمل: العديد من الاختلالات الاقتصادية التي نجمت عن عمليات التنمية في الحقبة الماضية، وأحادية الاقتصاد النفطي، وخضوع النفط دوما لتجاذب مصالح القوى السياسية المتنافسة في بلداننا، فضلاً عن دور النفط في إحداث الاختلالات الهيكلية في اقتصادياتنا.
كما تشمل تلك المعوقات أيضا وجود عوائق أمام عملية التخصيص، عدم وجود رؤى واستراتيجيات تنموية واقتصادية واضحة تتبناها حكومات دول الخليج العربية ومجلس التعاون، إلى جانب وجود مشروعات تنموية استراتيجية كبرى تستوعب مليارات من الدولارات يجري تنفيذها دون إمكانية توقع جداولها الزمنية وأحجامها ضعف مستوى مؤسسية عمليات إدارة الاقتصاديات الوطنية.
وأوضح الزميع أن من أهم التحديات الراهنة أمام قطاع المؤسسات المالية هي مشكلات في عموم القطاع المصرفي والتي تتركز أساساً في عدم نضج التجربة البنكية الخليجية بالدرجة الكافية ومشكلات السياسة الائتمانية، وبدء دخول البنوك الأجنبية إلى الأسواق الخليجية تحت مظلة اتفاقات التجارة الحرة، إضافة إلى ارتفاع تكاليف التحديث والتطوير.
وتحدث الزميع عن مشكلات قطاع المصارف وشركات الاستثمار الإسلامية من خلال تباين المدارس الفقهية المالية بين المتطورة والجامدة الضيقة، وتأخر البنوك المركزية في تقنين النظام المصرفي الإسلامي، وتحالف إدارات بعض البنوك الإسلامية وانتمائها مع تيارات فكرية وإسلامية بعينها، وتطور الحملة التي شنتها أطراف عالمية ضد المؤسسات المالية الإسلامية في السنوات الأخيرة، إلى جانب مشكلات التكَيُّف مع البيئة الخارجية التي تتجه نحو العولمة، فضلاً عن القدرة على تحمل المخاطر.
أما التحديات والمخاطر في أسواق الأوراق المالية فإن في مقدمتها: حداثة مفهوم حوكمة الشركات Corporate Governance في منطقة الخليج، الحاجة إلى توطين تجربة البورصات في الخليج، ضعف الأطر التشريعية والمؤسسية للبورصات، تعرض بورصات الخليج العربية لمضاربات الأموال الساخنة Hot Money، ومرور معظم بورصات دول الخليج العربية في الماضي بتجارب مؤلمة، إلى جانب النقص في مراكز الأبحاث والاستشارات، ومشكلات البنية المؤسسية للبورصات الخليجية.
وفيما يتعلق بمشكلات التنمية البشرية فإن من أهمها: قلة الخبرات والخلل في تركيبة قوة العمل الوطنية مع انتشار ظاهرة البطالة الاختيارية، وبعد مخرجات النظم التعليمية والتربوية والتدريبية بدرجة كبيرة عن الاحتياجات الفعلية للسوق، تدني وظيفية النظم التعليمية والتربوية والتدريبية، إضافة إلى التكاسل وعدم احترام العمل واضطراب القيم الإنتاجية.
وأوصى الزميع بضروة توفير المناخ المالي والاستثماري الإيجابي والمؤثر وذلك من خلال عدة محاور رئيسية من بينها دعم حكومات دول الخليج العربية لقطاع المال والاستثمار، تطوير أساليب إدارة استثمارات حكومات دول الخليج العربية، الإدارة الحكومية الكفء، إعادة هيكلة قطاع الخدمات، تعزيز دور أسواق الأوراق المالية في دول الخليج العربية، تأكيد مبدأ شفافية العمل وتبسيط الإجراءات، إبراز الصورة السياسية الإيجابية لدول الخليج العربية، وتوافر المعلومات والإحصاءات الموثقة.
وقدم أسامة بن سعيد خلاوي من الهيئة العليا للسياحة، ورقة عمل في الجلسة الثانية من الملتقى حول برنامج تطوير الوجهات والمواقع السياحية مستعرضا الخطة التي ستتبعها الهيئة العليا للسياحة في تطوير هذه المناطق وذلك وفقا للإستراتيجية العامة لتنمية السياحة الوطنية وخطتها الخمسية، واستناداً إلى مخرجات استراتيجيات التنمية السياحية التي تم إعدادها لمناطق المملكة الإدارية الثلاث عشرة والبرامج التنفيذية التي انبثقت عنها، إضافة إلى مخرجات إستراتيجية محور البحر الأحمر.
وقال: "لهذه الغاية أطلقت الهيئة العليا للسياحة مطلع هذا العام ( 1427هـ) برنامج تطوير الوجهات والمواقع السياحية، ويعد إطلاقه الآن من أنسب الأوقات انطلاقا من تلبيته سياسات الدولة في تحفيز مساهمة القطاع الخاص في التنمية، وحاجة السوق الاستثماري المحلي والإقليمي إلى الاستثمار في تطوير مثل هذه الوجهات نظرا لتوافر الرساميل، وجدوى الاستثمار في ضوء الطلب الحالي الكبير من السوق السياحية المحلية التي من المتوقع استمرار نموها في السنوات القادمة في ضوء ارتفاع نسبة الفئة العمرية الشبابية من إجمالي المواطنين، وتوافر قدرة الإنفاق.
وتوقع خلاوي أن يغطي البرنامج خلال السنوات الخمس القادمة وضع خطط التطوير المتكامل لما لا يقل عن: تسع وجهات ساحلية على البحر الأحمر والخليج العربي، وسبع وجهات جبلية، وخمس وجهات صحراوية بحيث تغطي معظم مناطق المملكة وتبرز سماتها الطبيعية والتراثية المميزة لجذب أكبر فئات محتملة من الأسواق السياحية المستهدفة.