الرويس والكريع وبركات يصنعون حديقة من الكلمات
بينما كانت الساعة تقترب من الثامنة مساء أخذ الجمهور المتذوق أماكنهم في قاعة الأمسية الأخيرة لملتقى الشعراء الشباب لهذا العام، عدد الحضور يبدو أكثر من الليلة التي قبلها، يتقدمهم الدكتور عبد الله المعيقل أستاذ الآداب في جامعة الملك سعود.
بدأ مدير الأمسية الشاعر عارف سرور بمقدمة أدبية تحدث فيها عن "مربعانية الشعر" وأكد أن الجو سيكون ممطرا إلى ممطر كلياً، قدم لكل شاعر على حدة وكان واثقاً من جمال فرسان تلك الليلة زايد الرويس، خلف الكريع، وبركات الشمري.
كانت البداية من خلال الشاعر والإعلامي زايد الرويس الذي حيا الوطن بتحية صباحية يشرق فيها الانتماء وتفوح منها نكهة الحب، وبعدها بدأ مشواره بإبداع عفوي على درب الشعر، أسر قلوب الجمهور وهو يركض بين السحائب ويبحث بينها عن لحظةٍ تصب له من غيمة الحسن فنجالا.
أما خلف الكريع فقد تنوعت قصائده بين وجدانية عميقة وأخرى وصفية عاطفية، بل أخذ الجمهور في جولات سياحية في أماكن متعددة لأذهاننا، كان غنياً بمعانيه التي تشبه خبزة إحساس الفقير، كان يوفر أحلامه للحظات وردية في عمره القادم.
أما بركات الشمري، فقد صنع من جروح كلماته حديقة غناء، وتنفس شذى خدها، كان يعرف أنه شخصية صعبة القراءة والكتابة والفهم، غير أن عشاق شعره استوعبوه بكامل جماله، وبقلبه الذي كان أرق من الندى، كانت الساعة تئن، وعندما انتهى قال له الشعر "لسه بدري"!
أبدع الفرسان الثلاثة عموما في تلك الأمسية، التي توقف مديرها في منتصفها ليؤكد أن هؤلاء الشعراء ليسوا صالحين للقنوات الفضائية المبتذلة باعتبار أنهم لا يجيدون "تقبيل الواوا" كما أنهم لا يتقنون "الشقلبة" وبالتالي فهم ليسوا الخيار الأفضل للبرامج "الجمبازية".
في نهاية الأمسية قدم الناقد الدكتور عبد الله المعيقل قراءة انطباعية مختصرة تناول فيها ما لمسه من ملامح نقدية في قصائد الشعراء الثلاثة، وقال: "إن هذه الأمسية أكدت لي أن الشعر لا لغة له، وأن الإبداع الجميل يفرض نفسه سواء كان بالفصيح أو بالمحكي أو بأي لغة كانت"، وقد كانت تلك المداخلة إضافة جميلة للأمسية ولاسيما أنها تأتي من شخصية أدبية بحجم الدكتور المعيقل.
وفي الختام تقدم المنسق العام للملتقى الشاعر سامي الجار الله بالشكر الجزيل للجمهور الذي أسهم بحضوره وتفاعله في إنجاح الأمسيات، كما التمس منهم العذر على أي تقصير في التنظيم، بعد ذلك كرم عبد الله الجار الله المشرف العام على الملتقى ومدير عام إدارة التراث والفنون الشعبية الشعراء المشاركين ومدير الأمسية الأخيرة، وقد شكر الجميع على حضورهم وأبدى سعادته بما تحقق للملتقى من نجاح، وقد أعلن الجار الله عن عقد الملتقى بشكل سنوي اعتباراً من العام المقبل.