"بولترونا فراو" اسم رفيع وذوق إيطالي في تصميم الأثاث

 "بولترونا فراو" اسم رفيع وذوق إيطالي في تصميم الأثاث

تشتهر إيطاليا بين دول العالم ومنذ عدة سنوات بروعة تصميم الأثاثات المنزلية في حين لا تنعم مصانع الأثاث فيها بتلك السمعة، فهي في العادة عبارة عن ورش يدوية كبيرة فقط. لكن تريد إحدى هذه الشركات الآن أن تقود ريادة مصانع الأثاث الإيطالية إلى الأمام، في قطاع التصميم والمبيعات، وتعتزم بجانب ذلك الاندماج في البورصة, إنها شركة بولترونا فراو Poltrona Frau.
وبعدما توّجت "بولترونا فراو" نفسها على عرش مصنّعي الأثاث الفاخر على مستوى العالم، يشير موقع الإنتاج الضخم للشركة الصغيرة على أن هناك تنظيما لسلسلة إنتاجية واسعة. ففي الصالات الكبيرة الواقعة على مساحة هكتارين في نواحي مدينة تولينتينو وبقوة إنتاجية تبلغ نحو 145 ألف قطعة أثاث, يتمركز مصنع الأثاث الضخم. مصنع من نوع أخر، فلا أثر فيه للحزام الناقل والأعمال الإنتاجية التجارية، بل ما يوجد فيه هو فقط منصة رافعة هيدروليكية، ترتفع وتنخفض من أجل توفير الراحة والدقة في أداء العمل. الإطارات والهياكل، بالأخص للأثاث المنجد، يتم توفيرها من النجارين ومصانع المعادن في المناطق المجاورة، وعلى أساس هذه الهياكل يتم تصنيع الأثاث حسب العادات القديمة: بالريش المسحوب بخيط معقود يدويا، والمحشو بشعر الخيل.

ويعتبر العمل اليدوي في المعمل الذي يشمل 180 عاملا يتناوبون فيما بينهم العمل على مراحل الإنتاج المختلفة كافة، أمرا بدهيا لدى شركة بولترونا فراو. وأسست شركة الأثاث شهرتها مع إنتاجها الجلد الطبيعي الثمين المموج في تشكيلة واسعة متعددة الألوان، وبتصميماتها الرائعة البسيطة ومن خلال تعاونها مع أشهر الأسماء في عالم الفنون المعمارية: فاليوم يجلس على مقاعد بولترونا فراو النواب في برلمان الاتحاد الأوروبي، والمفوضون في المقر الرئيسي لاتحاد كرة القدم العالمي فيفا والأوروبي يوفا. وفي تصميمه للمتحف الوطني في العاصمة الألمانية برلين طلب المهندس المعماري الصيني - الأمريكي ( ايوه مينج باي) مقاعد الشركة الإيطالية، وكذلك نورمان فوستر لقاعة الاجتماعات الكبرى في المتحف الوطني البريطاني وفرانك جيري لصالة الحفلات الموسيقية في متنزه والت ديزني الترفيهي الشهير في لوس أنجلوس.

ومنذ انطلاق الشركة من جزيرة سردينيا على يد المؤسس رينزو فراو– وكان في الأصل منجدا يدويا – أصبحت قطع الأثاث الباهظة في أشكال متنوعة من أسس برنامج الشركة. وبعد افتتاح أول مصانعه في مدينة تورينو عام 1912 لتنجيد الأثاث لم يستغرق معه الوقت أكثر من 14 عاما ليصبح المزود الأول للبلاط الملكي في ذلك الحين. وترك رينزو فراو العديد من التصاميم وراءه والتي مازالت حتى اليوم تُنتج بأشكال وتصاميم معدّلة منها على سبيل المثال الأريكة (شيستر) ذات الأزرار الكثيرة و(فانيتي فير) وهو مقعد فوتيل كلاسيكي شهير بين المقاعد التقليدية.

بيد أن شركة المؤسس رينزو فراو لم تبق طويلة الأمد مثل تصاميمه للأثاث. فبعد وفاته لم يكن في العائلة من يتولى زمام الشركة، ولهذا السبب أفلست الشركة في مطلع الستينيات وانتهى عهد العائلة بذلك. لكن أحد أكبر المزودين للجلود الطبيعية للشركة في ذلك الوقت، تسلم الشركة التي أصبحت بهذا مملوكة للعائلة نازارينو جابريللي وقام بنقلها إلى القرب من موطن العائلة الأصلي، مدينة تولينتينو في واد جنوب المدينة المطلة على البحر الأدرياتيكي.

في عام 1962 تولى شاب صغير من العائلة نفسها اسمه فرانكو موشيني قيادة الشركة ومنذ ذلك الحين وهو يصوغ ويتصرف في الشركة رئيسا لها. وفي عام 1965 جعل موشيني أحد المصممين واسمه جيو بونتي يصمّم له قطعة كلاسيكية جديدة، وفي السبعينيات تعاقد مع فيرديناند بورشه ابن مخترع سيارة بورشه الشهيرة الذي صمم مجموعة أثاث كاملة.

وحتى يستطيع التفوق على المنافسين ويبتعد عن طريق المنتجات التقليدية ابتكر فرانكو موشيني في عام 1974 إبداعا جديدا لا مثيل له: فمنذ ذلك الوقت وجميع قطع الأثاث متوافرة في أكثر من مائة لون، تراوح بين اللون الاعتيادي واللون الصارخ اللامع. لكن ولأن التناسق والتلاعب في الألوان يجعلان دائما قطع الأثاث الكلاسيكية تبدو بالطابع الجديد، يرى مطوّر التصاميم الأول في الشركة أرتشيتي أنه يقف أمام مشكلة عويصة، فيقول "نحن نقدم في الشركة قطع أثاث لها زمن طويل ومازالت تلقى رواجا باهرا منذ ما يزيد على عشرين عاما. لكن عندما نريد أن نبتكر شيئا جديدا، فيجب أن نحذف من التشكيلة التي تشمل 150 شكلا تصميميا ونلغي من القائمة منتجات تُباع بصورة جيدة - فعلا إنها لمسألة مؤسفة".

وقد كان من الممكن أن تبقى شركة بولترونا فراو شركة تصنيع أثاث من الطبقة المتوسطة، وبحجم مبيعات لا يتجاوز 100 مليون يورو، وخطة إنتاجية تعمل على حسب الطلب وتحت رقابة جودة مكلفة، لو صرف رئيس شركة السيارات فيراري لوشا دي مونتيزيمولو نظره عن الشركة. لكن مونتيزيمولو يعرف شركة فراو منذ تعامله معها كمزوّد للجلد الطبيعي الفاخر للسيارة لانشا وللتجهيزات الداخلية في السيارة فيراري.

ومنذ عام 2003 وحتى الآن استحوذت مؤسسة مونتيزيمولو للدعم الرأسمالي خطوة بخطوة على 75 في المائة من "بولترونا فراو"، وأخذت منذ ذلك الحين تقود الشركة بصورة متواصلة في اتجاه الصناعة الفاخرة والنمو. فبعد أن كانت ممتلكات "بولترونا فراو" محصورة فقط في مصنع الكراسي النمساوي (تونيت) أوصى مونتيزيمولو بقفزات واسعة في النمو من خلال صفقات استحواذ على شركات متوسطة. من تلك الشركات شركة الأثاث (كاسينـا) والتي توازي من حيث حجم المبيعات مستوى بولترونا فراو حيث استحوذ عليها في عام 2005. ومع العلامات التجارية الجديدة كابيلاني وجوفرام وإلياس ونيمو ظهر من "بولترونا فراو" مجموعة تجارية صغيرة لتصنيع الأثاث بحجم مبيعات يبلغ 250 مليون يورو.

في هذه المؤسسة التجارية بقيت العلامة الأصلية بولترونا فراو تعتني بتصنيع الأثاث الراقي الكلاسيكي، المصنوع في الأغلب من الجلد الطبيعي ويدويا، فيما تهتم كاسينا بكل ما هو حديث بينما تهتم العلامة كابيلليني بكل ما ينحصر ما بين المبتكر والصارخ في تصميمه، فبعض قطع الأثاث الرائعة مثل خزانة الأدراج على شكل هرم تكلف نحو ثلاثة أضعاف ثمن أريكة من الجلد الطبيعي. صحيح أن تلك العلامة تمثل الفخامة والروعة في الشركة لكنها لا تلعب دورا فعالا في الإيرادات.

ولم تقتد شركة بولترونا فراو بعالم تصنيع الأثاث في السوق الإيطالية والذي ينقسم إلى ما يقارب 35 ألف شركة. بل إن النموذج الذي تحتذي به الشركة الآن هو الماركات العالمية الفاخرة أو مصنعو السيارات الفارهة مثل فيراري. في هذه النقطة كان لوتشا دي مونتيزيمولو يسأل نفسه دائما عن عدد الدول التي ستطرح فيها المنتجات. وللإجابة عن هذا السؤال نقول يوجد الآن في المدن العالمية الكبيرة المهمة، من باريس وحتى نيويورك، 60 فرعا لشركة بولترونا فراو مع علامات تجارية أخرى. ومن خلال منصبه نائب رئيس مجلس الإدارة يعمل في هذه الأثناء ماتيو نجل مونتيزيمولو على تشكيل باكورة خبراته في هذا القطاع.

ومع كل ذلك إلا أن وضع الإيرادات في الشركة الإيطالية خلال عام 2005 لم يكن كما ينبغي، فقد بلغت قيمة النتيجة التشغيلية 20 مليون يورو فيما لم تتعد الأرباح الصافية مليون يورو. ولكن في عام 2006 تتوقع الشركة الأفضل، وتأمل في المستقبل الرقي بمستوى الشركة في السوق.

الأكثر قراءة