التأشيرات تمنع رؤساء الشركات العالمية من الاستثمار في السعودية

التأشيرات تمنع رؤساء الشركات العالمية من الاستثمار في السعودية

المدن الاقتصادية منصة إطلاق للاقتصاد السعودي إنتاجا وتسويقا وتقنية إلى العالمية، وأنيط إنشاؤها وتطويرها بالقطاع الخاص بالكامل، ومهام الهيئة العامة للاستثمار الرقابة وحل المعوقات والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة مع المدن الاقتصادية. ولرجال الأعمال المعنيين بهذه المدن، آراء يشخصون من خلالها الحلول بإنشاء المشاريع داخل المدن الاقتصادية، وحل معوقاتها وتسريع ما يتأخر منها لأي سبب، ووضع آليات وجداول زمنية للحلول. ومدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل رصد لها من الإمكانيات المادية والبشرية ما يكفي لتنطلق في برامجها المحددة، الصناعية والإنتاجية والتسويقية والتدريبية ونقل التقنية "الاقتصادية" جمعت في ندوتها (الجزء الثاني) نخبة من الخبراء والمسؤولين ورجال الأعمال فكانت هذه الندوة:

كيف يتم تحسين البنية التحتية وتطوير الكوادر البشرية وحل معضلة الإجراءات التشريعية؟
البابطين: هناك آلية جيدة ومن خلالها يقوم مركز الخدمة الشاملة بدور مهم في التنسيق مع جميع الجهات، وبدأنا الآن بعمل كل ما يحتاج إليه المستثمر, وقرار مجلس الوزراء صدر بتشريع يحدد مهام الهيئة العامة للاستثمار, والهيئة أعادت هيكلها التنظيمي بإنشاء وكالة مستقلة فقط للمدن الاقتصادية, والتنسيق بدأ الآن مع الوزارات والمشرعين وهذا يستغرق وقتا.
ومن أجل فهم ما يجري من عمل لإعداد الكوادر البشرية, عندنا قناعة جميعا أنه كي أبدأ أحتاج إلى مواطن وعامل أجنبي لأنك ذكرت شيئا مهما, بل الأهم أن أوجد أولا فرصة العمل وبالتالي سعودتها, هذا الموضوع نوقش بعقلانية مع وزارة العمل ووافقوا عليها، ونسقنا معهم على أن نستثني المناطق الأقل نموا من السعودة لأول خمس سنوات, وإذا بدأ المشروع وبعد خمس سنوات نبدأ تطبيق السعودة, فحللنا هذه المشكلة بحصول صاحب العمل على عمالة أجنبية لمشروعه حسب احتياجه المنطقي, وفي الوقت نفسه تركز الهيئة العامة للاستثمار في أي مدينة اقتصادية على إيجاد منطقة تعليمية وتدريبية داخلها, وتربط نوعية الأنشطة والاستثمارات الموجودة بالتعليم, مثلا الآن المدينة الاقتصادية في حائل ستتركز على النقل والخدمات الزراعية وبدأت مع "بي دبليو سي" لأنه خارج العمومية وطلبنا منهم أن ينشئوا جامعة للنقل والخدمات اللوجستية في الموقع, لأن من المهم جدا للسعودية أن يكون فيها ديمومة وتأهيل منطقي لأن المستثمر يريد شخصا سعوديا ولكنه مؤهل.
والأمر الآخر أننا عملنا مع "سيسكو سيستمز" ونجح المطورون بأنفسهم في إقناع "سيسكو" بإنشاء جامعة في المدينة الاقتصادية, والآن نعمل مع "أي جلتي" ونبحث معهم إنشاء أكاديمية على المدى القريب, من سنة إلى خمس سنوات في حائل, باختصار, الكوادر البشرية مهمة ونحن نظرنا إليها كذلك. وبالنسبة إلى منطقة التعدين وقطاع صناعة مواد البناء سيتم إنشاء معهد تدريبي داخل المدينة, والربط الثاني والمهم للعناصر البشرية أننا حرصنا على أن تكون هناك فرص عمل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة, هذا ما نحرص عليه في كل المدن الاقتصادية, ولو أخذنا حائل الخدمات اللوجستية ستكون من أكثر الخدمات التي تفتح وتشجع صغار المستثمرين, مثل الصناعات القائمة على التغليف والنقل والتخزين, والتخليص الجمركي وكل هذه المهن على مستوى العالم أعدادها كبيرة بالآلاف وفي الوقت نفسه تتطلب منشآت صغيرة ومتوسطة, وهذا الذي يهمنا من أجل ديمومة العنصر البشري.
هل النظام والسرعة المطلوبان لإنجاز متطلبات الاستثمار في المدينة الاقتصادية في حائل وفي كل المدن الاقتصادية الأخرى بالتزامن والتوازي نفسيهما؟
البابطين: نحن ننظر إلى أن يكون الأمر شاملا في كل المدن الاقتصادية, ولكن نحن الآن والمطورون نعتبر في الخطوة الأولى, ونحن متفقون على أن المعوقات موجودة ونتفق ونؤكد أن إزالتها أهم أولوية للمستثمر ولنا, نحن درسنا المستثمر وعرفنا أنه يحتاج أولا إلى التسهيلات وبعدها الميزات الموجودة ونوعية الحياة والخدمات, نحن نعرف أن هذه أولوية, ومحافظ الهيئة العامة للاستثمار دائما يكرر أن 50 في المائة من وقته ووقت الفريق التنفيذي في الهيئة ينفق في العمل على إزالة المعوقات وتحسين البيئة الاستثمارية في المملكة, وأبرمنا 17 اتفاقية مباشرة مع الجهات الحكومية وعندنا قناعة في الغالب بنتائجها التي تمت خلال السنة الماضية أنها تبشر بخير وبالتعاون مع الجهات الحكومية, ولدينا قناعة بذلك, لكنها لم تكتمل بعد, ويظل أكبر تحد يواجه الاستثمار على مستوى المملكة.
هل توافق أن سنتين كافيتان لإزالة كل المعوقات أمام الاستثمار؟
البابطين: دائما هناك معوقات في كل بيئة عمل, وفي السنتين المقبلتين سوف توجد الآلية التي تحدد الصلاحيات وطرق التعامل مع كل المستجدات الاستثمارية, لكن المعوقات دائما موجودة وأي بيئة استثمارية لا بد أن تواجه معوقات, ونحن بدورنا نعمل على حل هذه المعوقات مجتمعة.
مداخلة الماجد: نحن الآن في تحد حقيقي وأمام اختبار فعلي, أعلنت مشاريع ضخمة جبارة, وهيئة الاستثمار تحدثت عن أنظمة وتشريعات لتحقيق رغبة المستثمر لإيجاد بيئة ناجحة والقطاع الخاص أقدم واتخذ قراره وبدأ العمل, اليوم نحن أمام اختبار حقيقي لا نعتقد أن متطلبات الاستثمار على الطاولة الآن نأخذها ونمضي ولكن إذا وجدت الإرادة الحقيقية ولم تكن الهيئة العامة للاستثمار هي الجهة الوحيدة فقط التي تندفع مع المستثمر وإنما جميع الجهات الحكومية بجميع قطاعاتها جاهزة للتعاون, ومن خلال مفهوم لا يقبل أن المسؤول في أي وزارة أو قطاع هو وحده المواطن الناجح, بل كلنا مواطنون ونحن نعتبر السعودة مثلا من أهم أهدافنا وأعمالنا ونسعى إليها بكل وضوح, ورغبة ولكن لنكن صادقين, السعودة ليست مجرد رغبة, بل إحلال فتى متخصص منتج حقيقي محل شخص كان يعطيني وقتا وقدرة وإنتاجا وإمكانيات عالية جدا, وهذه لن تكون مجرد رغبتي أنا كرجل أعمال, بل ستحتاج بكل صراحة إلى تفاؤل حقيقي ورغبة صادقة, وحقيقة لن تحل المشكلات في يوم وليلة كما تريد بعض الوزارات.
البابطين: نحن في الهيئة العامة للاستثمار لدينا قناعة بأن التغيير قادم إن شاء الله, لأنها إرادة عليا, القيادة في هذا البلد جعلت إيجاد البيئة المناسبة والتعديل هي الإرادة العليا بإذن الله وتوفيقه، وباستمرار هذه الإرادة سوف يتم التغيير إنما هو موضوع تنسيق وإيجاد الآلية.
هناك من يدعي أن الاستثمار سيفشل في المملكة لسببين: الأول الإصرار على البيروقراطية والثاني إجبار المستثمر على الموظف السعودي وهو غير كفء, ما تعليقكم؟
البابطين: أنا أرجع إلى النقطة التي ذكرتها في بداية الندوة, والناس والمحللون الذين يقيسون على خمس سنوات سوف يصلون إلى نتيجة مختلفة, فعندنا قناعة بإذن الله, أن التغيير حقيقي وليس حلما.
السيف: كلام الدكتور البابطين ممتاز ومتفائل جدا, لكن الواقع يختلف, فهيئة الاستثمار تعمل على تذليل الصعاب والمعوقات, وتوجه الدولة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين لخلق بيئة اقتصادية ناجحة, لكن تفاجأ بأن هناك جهات حكومية أخرى تعمل بخلاف هذا التوجه تماما, لأمور أخرى لا نعرفها, لكن أنت تتكلم عن المستثمر ويصدر تصريح عن وزير العمل يقول أي واحد يحصل على ترخيص لا يحق له الاستقدام ويتحمل مسؤوليته الشخصية ولا يطالبنا بأي شيء, وهذا تصريح من وزير العمل, أي شخص يحصل على ترخيص لا يطالب باستقدام أحد، الآن أي مستثمر سواء كان محليا أو أجنبيا أول ما يفكر فيه أن يتراجع عن الاستثمار بسبب نظام العمل, فالشخص الذي يفكر في التوسع في استثماراته أو في استثمار جديد أول ما يفكر فيه وزارة العمل ومعوقاتها.
مداخلة الماجد: كم مكتبا سعوديا هندسيا اليوم في السعودية؟ 20 ـ 30 مهندسا, وفي الفلبين أو مصر 200 ـ 300 مهندس, أنا أعرفهم شخصيا, هذه حقيقة عندما يستقدم المهندسون الموجودون معه من الفلبين في السعودية كم يخلق من فرص عمل ناجحة, وظيفة, منزل, وجود العامل المنتج, المهندسون دخلهم جيد, اطلعت على شيء عما قريب, فعلا مكاتب هندسية تعمل في الفلبين بكثافة عالية جدا, والرواتب عالية وبصراحة 80 في المائة من أعمالهم للسعوديين, وتعاملت معهم, هذه حقيقة, وأعتبرها فشلا, هذه ليست سعودة, هذا طرد, لأنك عندما تقول سعودة أوجد لي أنا في مجموعة تنميات عندي 300 ـ 400 موظف لأن العاملين الذين أحتاج إليهم أنا كي أدرب أحتاج حقيقة إلى استثمار، حصل ضريبة على العامل الأجنبي وقم بتدريب السعودي, وهذه مهمة الدولة, وأتمنى من وزارة العمل وغيرها أن تركز على هذا الجانب, فعليك أن تهيئ الموظف ونحن في المحاسبة عندما استقطبنا محاسبين من خريجي معهد الإدارة العامة أنهينا عمل الأجانب كلهم, لأن معهد الإدارة فعلا درب محاسبين تدريبا عمليا حقيقيا وخرّج محاسبين على مستوى عال, والمحاسب السعودي أوفر كثيرا من المحاسب الأجنبي مع أنه ليس رخيصا لكنه أوفر.
هل مخرجات التعليم الأخرى تختلف عن مخرجات معهد الإدارة؟
الماجد: أنا لا أريد أن أتعرض لأحد, وأقول بصراحة إذا لم يركز على حاجة القطاع الخاص, والآن المملكة والحكومة بكل وضوح متجهة للتخصيص, والتخصيص بحاجة إلى شباب متعلم منتج, ومن دون إنتاج تخسر الشركة وأنا أفضل أن أنقل عملي إلى أي مكان دون أن أخسر، أنا مستثمر ولست متبرعا.
العقلا: أنا أعتقد أننا يجب القول إننا الآن في مرحلة تحول وهذا المربع الذي نقف فيه كان المفروض أن نكون بدأنا فيه قبل ثلاثة عقود على الأقل، لكن لم يتحقق ذلك لظروف كثيرة قد تكون سياسية، اقتصادية، تنظيمية، مجتمعية، سمها كما شئت، لكن هناك حقيقة تأخر في البدء، وحتى لا نظل نقول كان يجب، وكان، نحن الآن ولله الحمد بدأنا، والجانب البيروقراطي، أنا أعتقد أننا لدينا بالفعل معوقات كثيرة في هذا الجانب، ولعل دور التنسيق والاتصال بين الأطراف ذات العلاقة مازال للأسف الشديد يعاني، فنحن الآن مثلا في شؤون التدريب نطلب كثيرا من الزملاء الموجودين في مناطق مختلفة مثل حائل، ويمكن أنا تحدثت مع الزميل الدكتور عبد الله في هذا الجانب، وأيضا في جازان، هذه المؤسسات التدريبية الموجودة يجب فعلا أن تحاكي احتياج المنطقة، أو هذه المدينة الاقتصادية، مازال هناك حقيقة ضعف كبير جدا في الجانب التنسيقي بين الجهات المعنية، وأنا أعتقد أن موضوع التنسيق مهم جدا، ولو تم تفعيله فأعتقد أننا سنحل كثيرا من المشكلات في هذا الجانب.
وفيما يتعلق بالجانب التشريعي وليكن مثلا الهيئة العامة للاستثمار تشرع في حيز المدن الاقتصادية، والبنى التحتية هي دائما من عمل الحكومات، وعمل الطرق والكهرباء والماء والصرف الصحي والاتصالات، هذا دورها، وليس دور المستثمر، فوق ذلك تأتي أنظمة الدولة وتحبطه بأمور كثيرة ، موضوع مهم حقيقة أعتقد يجب طرحه على الطاولة هنا، أين دور القطاع الخاص في اتخاذ القرار في المسائل السيادية؟ هذا أعتقد مازال في الحدود الضيقة الدنيا، الآن نحن نطرح موضوعا وحمى الوطيس وبدأت أشياء تخرج على السطح، أشياء كثيرة طرحت من قبل الاستثمار، كثير من الناس لا في القطاع الخاص ولا في أيضا الجهات الحكومية تعرف أن الهيئة العامة للاستثمار لديها الآن هذه المساحة من اتخاذ القرار فيما يتعلق بالمدن الاقتصادية، وفي لقاء يذكره الأخ عبد الله في جدة طرحت المدينة الاقتصادية أو الحقيقة، الجهات الحكومية أخذت الجانب التقليدي المعاش أنها وجدت دورا في تخطيط المدن على سبيل وزارة الشؤون البلدية والقروية، الآن تأتي للمدن الصناعية فلن تجدها في الصورة، وهنا تصبح إشكالية، سواء جاء المشرع أو متخذ القرار العلوي في الدولة وأعطى مثلا الهيئة العامة للاستثمار مساحة لاتخاذ القرار في المدن الاقتصادية، إذن لا بد من دور التنسيق أن يأخذ بعده، مع الجهات ذات العلاقة، وأعتقد الموضوع نفسه لخدمة المياه في هذه المدن، وتحتاج إلى وضع الطرق في المدن، والتخطيط، وخذ على ذلك قياسا.
أنا أقول الآن هناك غياب كبير جدا في عملية التنسيق، وتلك مشكلة المشكلات عندنا، فمنذ أن بدأت التنمية والخطط التنموية عام 1393هـ، وإلى اليوم عندنا ضعف كبير في جانب التنسيق.
التطور في إنشاء المدن والتطور الآخر في إزالة البيروقراطية، هل يسير في المسار نفسه والوتيرة أم أن تجهيز المدن هو الأسرع من إزالة البيروقراطية؟
العقلا: البيروقراطية دائما هي مصطلح فيه ضبابية، والبيروقراطية كمصطلح، موجود في الأدب الإداري، ولو رجعت إلى المصطلح الأساسي فستجد أنه مصطلح جميل، فالدول الصناعية التي رفعت من قدراتها هي البيروقراطية، لكن قلب المصطلح إلى معنى سلبي، وهذه مشكلة مجتمعية، هناك بعد آخر، وهو قضية الثقافة المجتمعية، وهذا موضوع غاية في الأهمية، وأعتقد أن المجتمع حين يريد أن يسقط نمطية جديدة مختلفة عن التقاليد السائدة في البلد، وهذا موضوع يجب أخذه في الحسبان ويجب مطالبة كل الأجهزة المعنية بمعالجته، وأخص بذلك المؤسسات التعليمية العليا وأيضا الإعلام.
الرشيد: من أهم أولويات الهيئة العامة للاستثمار التنسيق مع القطاع الخاص، لأننا كموظفين حكوميين لا نعرف المشكلات التي يعانيها القطاع الخاص مع أننا جميعا تقريبا مررنا بالعمل في القطاع الخاص، فنفهم المستثمر، وفي الوقت نفسه نسأل المستثمر عن هذه المشكلات، ومبدأ الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص قائم على التشاور والتفاهم وتبادل الرأي، فالقطاع الخاص يريد الربحية والقطاع العام يريد تنفيذ الخدمات.
قبل أن يصل القطاع الخاص إلى الربحية فهو يريد المشاركة في اتخاذ القرار، هل شاركتموه في القرار؟

على مستوى المدن الاقتصادية الآن مثلا الهيئة العامة للاستثمار، أنا للتو أعلم أنها ستتبنى دور الإشراف على إنشاء البنى التحتية فيها. هل أخذ رأي القطاع الخاص الذي سيتولى التنفيذ في هذا الأمر؟
الرشيد: القطاع الخاص هو المنفذ الكامل للبنى التحتية.
الماجد: نحن في رمضان الماضي كان لدينا إعلان لأحد القطاعات في مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل، وكان من ضمن المدعوين رجال أعمال ورؤساء شركات عالمية، لم نستطع إحضارهم وتأجل المشروع بسبب عدم صدور تأشيرات لهؤلاء المستثمرين، بكل صراحة هذه البنى التحتية الضرورية لقيام المشروع تخيل صاحب القرار في هذه الشركة وهو رئيس مجلس الإدارة أحيانا أو الرئيس التنفيذي ولشركات ضخمة جدا 20 مليار دولار، تخيل عندما أدعوه لا أستطيع أن أوفر له التأشيرة، والحقيقة أننا تحايلنا وقمنا بمقابلة هؤلاء الناس في البحرين بعد أن فشلنا في الحصول على تأشيرة لنقابله هنا، واعتذرنا أن الترتيب لم يكتمل ومن الأفضل حتى لا نضيع الفرصة والوقت أن نلتقي في البحرين، فهذه إحدى المشكلات الحقيقية التي تواجهنا.
المشكلة الثانية، الكهرباء الآن، دائما نواجه سؤالا، حول سعر الطاقة، وهذا سؤال استراتيجي، الكهرباء، الماء، خطة القطار، نحن نواجه الآن عددا هائلا من الأسئلة، أمامنا تحد، إذا كانت هناك رغبة صادقة من جميع القطاعات للتجاوب مع هذه المشكلات، ستحل ولكن لا نتوقع أن يكون الحل جذريا، إذا كانت الإرادة موجودة، فالمشكلة أننا قد نقع أمام سد حائط ويقال لنا نحن لدينا نظام دعونا نرفع الأمر لصاحب القرار لنأخذ رأيه، معنى ذلك أننا لسنا جاهزين، وهذا الذي نناقشه، ويمكن أن يستغرق شهرين، سنتين، وهو كموظف لديه عمل يجب الاستناد إليه، هناك أمور تحتاج إلى قرار وتعديلات، وأنا كمستثمر مقتنع وأحاول أن أغير، ولكن المستثمر الأجنبي لن يأتي إلا وكل شيء يعد بخطى صريحة وواضحة ومن دونها لن يأتي.
البابطين: أنا أحس أننا بدأنا ندخل في جزئيات، ويجب أن نكون واقعيين، المدن الاقتصادية في حد ذاتها مشاريع استراتيجية وكبيرة طلعت في فترة قصيرة جدا، وفي تحد كبير للقطاع الخاص وللهيئة العامة للاستثمار، ونحن نتفهم ما يطرحه القطاع الخاص من هموم وما يواجهونه من مشكلات، ونحن نؤيد حقهم في الشكوى ونساندهم وإذا لم نكن صادقين وصرحاء في الطرح فلن نستطيع أن نحقق أهدافنا والمسؤوليات المنوطة بنا، لدينا أهداف كبيرة هي إنجاز هذه المدن الاقتصادية الطموحة العملاقة، لكن ما أردت أن أشير إليه أن الدخول في بعض الجزئيات ليس مناسبا، إصلاح القطاع الخاص لم ينته بعد من إنجاز المخططات العامة للموقع، فبالتالي لن نستطيع أن نجب على كل التفاصيل مثل الأسعار وغيرها، ما يهمنا المبدأ، الأساسيات، العقليات، التعامل، والمشاركة الفعلية للقطاع الخاص لنا، هذا ما يهمنا.
أنتم أشركتم القطاع الخاص في القرارات الخاصة بتنفيذ المدن الاقتصادية؟ وهل أشركتموه في البنية التحتية داخل المدينة فقط أم خارجها أيضا؟
البابطين: نعم أشركناهم، القطاع الخاص والمطورين، في اتخاذ القرار، والبنية التحتية نوعان، البنية التحتية داخل المدينة هذه يتولى القطاع الخاص تنفيذها وتمويلها، ونحن كهيئة عامة للاستثمار بدأنا التنسيق مع كل الجهات، مع وزارة النقل وغيرها كل حسب الخدمات، وهذا هو التحدي الذي نتحدث عنه، التحدي هو الربط الخارجي مع باقي المملكة أو داخل المدينة، داخل المدينة هذا أسهل لأن القطاع الخاص سينفذ والهيئة العامة للاستثمار ستشرف عليه.
الرخيص: السؤال عن مدى مشاركة القطاع الخاص في قرار الاستثمار، فيما يتعلق بمشروع مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل، أعتقد أن القطاع الخاص شارك بدرجة كبيرة جدا أكبر من القطاع العام ومن الحكومة في اتخاذ القرار، المشكلة أعتقد لا تتعلق بالبيروقراطية، رغم أنها عائق كبير جدا وعلينا أن نعمل مجتمعين ومتضافرين لمعالجة هذا العائق، ولكن المشكلة تتعلق من وجهة نظرنا بأن يؤخذ في الحسبان جميع الأمور اللازمة لإنجاز عمل ما، فإذا كنا بصدد اتخاذ استثمار يجب أن ينظر إلى القطاعات الاقتصادية، هل هي قطاعات منافسة؟ البنية التحتية لهذه القطاعات، هل تحتاج إلى بيئة تشريعية معينة؟ أعتقد أن البيئة التشريعية قد تكون أحيانا محدودة جدا، ولكن التشريعات المتعلقة بالعمالة، والسعودة وهي هدف سام للجميع، وأعتقد جازما أن المدن الاقتصادية الجديدة دون أن أبالغ ستضاعف عدد الموظفين السعوديين، وستحدث خلال فترة وجيزة قد لا تتجاوز عشر سنوات, ستضاعف عدد الموظفين وستحقق للمملكة عددا من الوظائف يضاعف عدد الموظفين الذي حققه كل القطاع العام.
هذه المشاريع هي مشاريع استراتيجية تحتاج فعلا إلى تضافر الجهود، والسؤال عن مدى مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار في مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية، أعتقد أن القطاع الخاص شارك بما يزيد على 80 في المائة بقرار، وحتى خارج المدينة، القطاع الخاص رفع المتطلبات، الهيئة العامة للاستثمار أوجدت طريقا تنسيقيا لمجلس المدن الاقتصادية، من ممثلين من المدن الاقتصادية التي أعلنت، وهذا المجلس أول خطوة بدأها هو وضع مسودة لنظام يأخذ في الحسبان جميع متطلبات المدن الاقتصادية التشريعية، والتنظيمية، وكان الاجتماع الأول يركز على هذا الجانب، والاجتماع القادم سيركز فقط على هذا الجانب، الهدف هو بنهاية الربع الأول أن توضع مسودة لنظام تفي بمعظم متطلبات المدن الاقتصادية، مسألة الوظائف والسعودة والبنية التحتية، هذه أمور تنطوي على تحديات كبيرة جدا، إلى أي مدى نحن القطاع الخاص مرتاحون لسير الأمور؟ نحن مرتاحون بدرجة كبيرة جدا لسير الأمور، لأننا نلمس ونعايش ما يحدث الآن، نحن لسنا في جزيرة منعزلة عما يحدث من بيروقراطية وتحديات، ولكننا نعتقد أن الفكر الحكومي تغير تغيرا جذريا، عدة مرات وأنا في الهيئة العامة للاستثمار أتساءل، وسألت محافظ الهيئة والفريق التنفيذي، كنت دائما أشك في الإدارة الحكومية، لأن فيه فكرا جديدا، وهذا الفكر ولله الحمد ليس فقط على مستوى هيئة الاستثمار، بل على مستوى القيادة العليا لهذا البلد، ويجب أن نتفاءل ويجب أن نعمل ويجب أن يكون منطلقنا في القطاع الخاص أن نوجد صناعة تنافسية ننافس بها العالم، إذا كان هذا هو الهدف فجميع العقبات ستحل، لكن تحتاج إلى وقت وإلى تفهم وإلى صبر.
ما الحجم المتوقع لمدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية في توفير فرص العمل للكوادر السعودية المؤهلة، وخاصة أن البطالة في المنطقة الشمالية وصلت إلى 30 في المائة؟
الرشيد: مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية ستوفر 30 ألف فرصة عمل في مختلف القطاعات الصناعية والخدمية، إضافة إلى ذلك تأهيل أهل المنطقة للاستفادة من هذه الفرص، ويقوم المطور بالتنسيق مع الهيئة العامة للاستثمار والجهات الحكومية الأخرى بوضع استراتيجية وخطة عمل لتأهيل أهل المنطقة للاستفادة منها.
الرخيص: أجرينا ثلاث دراسات، الأولى فعند بدء المشروع قمنا بمسح حول احتياجنا من الكوادر المدربة من منطقة حائل والجوف والحدود الشمالية والدراسة التي أجريناها مع أحد المكاتب الاستشارية الأجنبية وجدنا وطبعا هذه الدراسة لا يمكن اعتبارها مرجعا، ولكن وجدنا أن البطالة نحو 24 في المائة في الذكور وأكثر من 55 في المائة في الإناث، من القوى العاملة القادرة على العمل، ولكنها لا تعمل، وأعدنا الدراسة فيما يتعلق بالبطالة والتحديات المرتبطة بها.
نسبة البطالة أين مكانها بالضبط؟
الرخيص: نحن لسنا جهة إحصائية ولسنا معنيين بهذا الإحصاء، ولكننا درسنا الموضوع من باب احتياجنا للكوادر الوطنية التي ستعمل على المساهمة في تشغيل المصانع، الاستثمارات في المدينة الاقتصادية، ومثل ما ذكرت وجدنا 24 في المائة بطالة بين الذكور وتزيد على 55 في المائة في الإناث، وهذا أخذ في الحسبان في خطة العمل.
مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد ستوفر في المرحلة الأولى نحو عشر سنوات نحو 30 ألف وظيفة، ومع ذلك نحن باستمرار مع الاستشارة والبنك الاستثماري الذي يعمل على إعادة مراجعة خطة العمل، أعتقد أن أحد القطاعات وهو المتعلق بالترفيه، والسياحة سيوفر وحده نحو عشرة آلاف و400 وظيفة، وقطاع صناعات البناء سيوفر آلاف الوظائف سعوديين وغير سعوديين، ومن دون شك عندما نتكلم عن الوظائف، نتحدث عن سعوديين، وأعتقد أن بمرور الوقت سنجد أن عدد الوظائف سيزيد، وربما إن شاء الله خلال السنة المقبلة سنقوم بعمل مفصل لبرنامج الفرص الاستثمارية، وحاليا الفرص الاستثمارية للبرنامج الذي سمي 360 درجة من الفرص، الوظائف التي ستتوفر عند تشغيل جميع المصانع والمنشآت الاستثمارية ستصل بإذن الله حسب هذا البرنامج إلى نحو 162 ألف وظيفة، ، ولكن نحن اعتمدنا على أن تكون جميع الأرقام في هذا الخصوص متحفظة حتى نستطيع أن نحقق أكثر من ذلك.
السيف: كما تفضل المهندس الرخيص، 30 ألف فرصة عمل ستتوافر في المدينة الاقتصادية في حائل خلال عشر سنوات، لكن الأهم منها، خلق الوظيفة والتدريب عليها، إن 30 ألف فرصة عمل ، ما نواجهه في السعودة تشغل مائة ثم تفاجأ بعد شهر أنهم تسربوا ولم يبق سوى عشرة منهم، لكن عندما تهيئ الشباب وتوفر لهم التدريب والتعليم والتأهيل يبقون أعضاء فاعلين. وأتوقع إذا أديرت العملية بشكل صحيح بالترتيب مع الجامعات والمعاهد المتخصصة بتدريب الشباب لوظيفة موجودة، فهذا يضمن بإذن الله ثبات الموظفين في الوظائف، ولكن إذا كانت المسألة مجرد توظيف بدون تدريب وإعداد وتأهيل الشباب لهذه الوظائف فستتراجع النسبة ويحدث التسرب الوظيفي الذي يشكو منه القطاع الخاص مع العمالة الوطنية. ولا بد أيضا أن نفهم الشباب ونوطنه على حب العمل، فمفهوم حب العمل مع الأسف غير موجود في مجتمعنا، سواء في المنطقة الشمالية أو الوسطى أو غيرها ، شخص لديه فرصة عمل براتب أربعة آلاف ريال تركها الأسبوع الماضي وذهب إلى الدولة لشغل وظيفة بـ 1500 ريال، لأن مفهوم العمل الخاص أو القطاع الخاص عندنا قاصر والنظرة الجيدة فقط للعمل في القطاع العام، فأتوقع إذا أديرت عملية خلق الوظائف والتوظيف بعد التدريب والتأهيل فستكون النسبة عالية.
البابطين: نتمنى أن تكون المدن الاقتصادية عامل جذب ليس لعدد الوظائف فقط وإنما أيضا لنوعية الوظائف، فواحد من الأهداف الرئيسية من إنشاء المدن الاقتصادية، إضافة إلى إيجاد تنمية متوازنة هو إيجاد وخلق وظائف مستدامة وذات نوعية ومردود جيدين، والشباب السعودي أثبت في تجربة الجبيل وينبع أنه إذا توافر له أمن وظيفي بوظائف مستدامة وضمن بيئة ممتازة من ناحية مكونات العمل والسكن والقرب والعلاقة بين العمل والسكن، فإنه ينجح وهو الغالب، فالمدن الاقتصادية تشمل مناطق العمل الصناعية والتجارية ومناطق التدريب والتعليم ومناطق السكن ومناطق الترفيه، فخلق البيئة. ونحن نسعى بإذن الله ليس فقط خلق الوظيفة ولكن وظيفة مستدامة وبمردود مالي جيد وبمستوى معيشي جيد لكل الفئات، نراعي كل الفئات. وليست المدن الاقتصادية مقصورة على فئات عالية، لكن فيها شرائح السكن والترفيه تشمل الفئات العمرية.
العقلا: بالنسبة لما يتعلق بفرص العمل والقوى البشرية، عندما أسمع هذه الأرقام فهذا أمر يثلج الصدر، من واقع عملنا في المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، ومن خلال هذه الندوة أدعو الجهات المعنية وعلى رأسها "ركيزة" إلى فتح علاقة تواصلية فيما يتعلق بقضية كيفية الاستفادة من مؤسسات التعليم الفني والتدريب المهني في منطقة حائل وتوظيفها بما يخدم هذه المهن.
حقيقة عندما تزور مثلا أي مؤسسة أو كلية أو معهد مهني تقني تلاحظ حقيقة إمكانات لبيئة تدريبية راقية جدا، وهذا نقوله بكل فخر واعتزاز. وبصرف النظر عن التساؤلات المطروحة على
المؤسسة هنا وهنا, والمؤسسة كبيرة في جميع مناطق المملكة قد تضعف في بعض المناطق لكن في مناطق أخرى قوية, ورغبة صادقة في إمكانية تفعيل دور التنسيق والتواصل كي تكون الوحدات التدريبية للمؤسسة موطنا لإيجاد وصنع القوى البشرية التي تحتاج إليها مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل. وأنا أدعو الكل إلى أن يكون للمؤسسة دور في المساعدة على إيجاد القوى البشرية وتفعيل هذا الجانب والإسهام في توفير التخصصات والمهن والكوادر المطلوبة لمشاريع المدينة ليس فقط للبنين وإنما أيضا للبنات, فنحن لدينا سبع وحدات تدريبية في حائل ولعل المعهد العالي التقني أحد هذه المؤسسات والوحدات التدريبية.
الماجد: لا ننسى أنه على مر عقود من الزمن, كان التعليم يركز على النواحي النظرية, ما عدا الطب, ولا نعتقد أن مخرج اليوم سيكون من السهولة أن يحقق رغبات القطاع الخاص والنمو الاقتصادي الهائل الذي تشهده المملكة, ونحن كقطاع خاص يجب أن نقدر هذا الأمر, ولكن في الوقت نفسه يجب أن يقدر صاحب القرار أن إسهام القطاع الخاص في التدريب وفق ما يحتاج إليه فقط, ولكن لن أقدم بنفسي على التدريب,إنما أدعمه وأنا أحتاج إليه ولي مصلحة في دعمه.
هذه الخطوة مقتنعون بأن تسير بحجمها ووقتها وحاجتنا إليها, ومتى ما توافرت الإرادة والمرونة في التعامل مع القطاع الخاص تسير الأمور بشكل سلس.
وشركة ماكينزي الاستشارية تجري دراسة لتحديد التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية في مدينة حائل في ظل إنشاء المدينة الاقتصادية. إلى ماذا توصلت الدراسة؟
الرخيص: الدراسة تتعلق برصد التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية في منطقة حائل وتنصب على ثلاثة جوانب رئيسة الأول يتعلق بتوفير الوظائف والتدريب, والثاني يتعلق بمدى تفهم المجتمع وقدرته على الاستفادة مما تطرحه المدينة الاقتصادية من فرص سواء كانت فرص عمل أو فرص استثمار أو فرصا لتغيير منهجية التفكير وما يطلق عليه طريقة الحياة. والنقطة الثالثة تتصل بالجوانب المختصة بالخصائص الاجتماعية في المنطقة وكيفية تفعيلها إذا كانت إيجابية وتخدم مسارات التنمية أو كيف يمكن الحد منها إذا كانت سلبية. على سبيل المثال, هناك خصائص تتعلق بالمبادرة والتعاون والتكامل, وهناك خصائص أخرى سلبية مثل النظرة إلى العمل وأحيانا الاتكالية.
الدراسة غطت هذه الجوانب, وأيضا غطت جوانب أخرى تتعلق بالدخل المحدود, ونتج عنها توصية بأن يقوم المستثمرون بتوفير أسهم مجانية لذوي الدخل المحدود في منطقة حائل والحدود الشمالية. وخصص مبلغ مالي لهذه المساهمة والآن اللجنة التأسيسية التي ستدير المدينة الاقتصادية بصدد دراسة ذلك وإقراره, وتم تكليف شركة ماكينزي بإجراء هذه الدراسة. وأعتقد أن الدراسة سلطت الضوء على هذه الجوانب وسوف تكون مفيدة ليس فقط فيما يتعلق بتصميم المدينة وخصائص السكن والترفيه والجوانب الاقتصادية والاجتماعية في المدينة ولكن حتى على مستوى برامج التأهيل والتدريب والبرامج المتعلقة برفع مستوى المعيشة لذوي الدخل المحدود.
تأخر إطلاق المدن الاقتصادية في المملكة, ما رأيكم؟ وما التأثيرات المتوقعة منها في الاقتصاد السعودي؟
الرشيد: نحن نعيش طفرة اقتصادية حاليا بسبب النفط وهذا أمر غير ثابت وقد يتغير في المستقبل. والأمر الثاني أن هذه المدن ستسهم في توفير فرص وظيفية والرفع من درجة تنافسية المواطن على هذه الوظائف, وبشكل عام زيادة تنافسية الاقتصاد السعودي على المستوى العالمي.
الرخيص: أعتقد أن توقيت إطلاق المدن الاقتصادية توقيت ممتاز من جميع الجوانب, ولا أعتقد أنها تأخرت, وهذه المدن ستكون محفزا على تحسين الأنظمة والتشريعات وتكون أيضا فرصة جيدة للاستفادة من الطفرة الاقتصادية التي تشهدها المملكة, وأيضا فرصة لرفع مستوى جاهزية القطاع الخاص للإسهام في إنشاء البنية التحتية أو في إيجاد مجالات خلاقة ومبتكرة للاستثمار.
السيف: أعتقد أن الوقت مناسب جدا لإطلاق المدن الاقتصادية ولم يتأخر, وأتوقع أن تسهم في ارتفاع مستوى الاقتصاد الوطني, وتخلق فرص عمل للشباب ضمن توجهات حكومة المملكة, إضافة إلى وقف الهجرة من المناطق النائية إلى المدن الكبيرة, فتوافر فرص عمل جيدة للشباب في مناطقهم تجعلهم يمكثون فيها والإسهام في تطويرها بدلا من البحث عن وجهة أخرى أكثر نماء.
البابطين: أعتقد أن الوقت مناسب لطرح المدن الاقتصادية الآن, وأتفق مع الإخوان في ذلك, وربما لو طرحت قبل خمس أو عشر سنوات لما كان ذلك مناسبا أن تطرح مشاريع جبارة بهذا الحجم, لا القطاع الخاص أو العام كان مهيئا لهذا الحجم من المشاريع, الآن الوقت مناسب, والتوجه العالمي يساعد على ذالك، العالم الآن أصبح سوقا مفتوحة وواحدة، وبالتالي كنا في حاجة إلى إيجاد قاعدة أو منصة ينطلق منها الاقتصاد السعودي, فالمدن الاقتصادية هي لخدمة المناطق وتطوير التنمية فيها ولكنها آلية لنا في المنافسة عالميا.
الماجد: لا أعتقد أنها تأخرت, ولكن المملكة تأسست خلال 100 سنة وما تحقق من بنية كان جيدا وجبارا وأعتقد أننا وصلنا إلى مستوى عال جدا, ولكن في الفترة الأخيرة كان هناك قصور تفاعل مع القطاع الخاص وكان الاعتماد كليا على الحكومة وهذه يمكن يشترك فيها الجميع, ووجودها اليوم في الوقت الحاضر بالذات في توافر السيولة وارتفاع أسعار النفط, أعتقد أنها أكثر إيجابية لو نفذت قبل عدة سنوات.
تطور دور المرأة في الاقتصاد السعودي مأمول ومتوقع, ماذا تضيف مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية وفي ظل وجود بطالة نسائية بنسبة 55 في المائة في المنطقة؟
الرخيص: من دون شك أخذنا بعين الاعتبار إسهام المرأة في جوانب مختلفة في مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل, هناك نحو 118 فرصة استثمارية أعلنت في الصيف الماضي وهي مخصصة للنساء ومعظم أعمالها تؤديها النساء, وهذه الفرص ستوظف 6400 سيدة. وحاليا هناك مشروع المحتوى الإلكتروني سيبدأ خلال أشهر من الآن, وهذا المشروع من أكبر المشاريع على مستوى المنطقة, وسيوظف نحو 600 امرأة في حائل, وهناك تعاون مع شركة الاتصالات السعودية وشركة اتحاد اتصالات ومشغلي خدمة البيانات في المملكة كمستفيدين من هذه الخدمات, وأيضا مع القطاع المصرفي في المملكة, هناك تعاون مع شركة ما يكروسوفت وسيسكو سيستم وشركة إنتل نسعى جاهدين أن يتم تدشين هذا المشروع في شباط (فبراير) المقبل.
بشكل عام الوظائف التعليمية والتدريبية هناك جزء كبير قد يصل إلى نحو 20 في المائة من هذه الأعمال المرتبطة بالتعليم والتدريب نأمل أن تسهم المرأة فيها إسهاما قويا.
ما الخطوات المقبلة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وأيضا توطين المحلي منها؟
الرشيد: بالنسبة إلى الخطوات الاستثمارية المستقبلية لجذب الاستثمارات, يتم الآن تحديد الصناعات التي تستطيع المملكة التنافس فيها على المستوى العالم بالاعتماد على المميزات التنافسية فيها كعاصمة للطاقة, وكحلقة الوصل بين الشرق والغرب, يتم تحديد هذه الصناعات في الوقت الحاضر ومعي المميزات التي يرغب فيها المستثمر في هذه الصناعات وجذبهم, إضافة إلى توفير الخدمات المساندة ومن ذلك الخدمات اللوجستية وخدمات النقل التي تحدث عنها البابطين. وفي النهاية برنامج عشرة في عشرة, برنامج التنافسية الذي تحدثنا عنه خلال هذه الندوة, هذه هي الغاية الأسمى ويجب أن يكون هدف كل سعودي ليس فقط في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص.
والتنافسية تعني أن تستطيع أن تنتج وتقوم بعملك في وقت واحد وبتكلفة أقل من غيرك, فنحن في عصر العولمة ويجب أن نرتقي بأدائنا على الجانبين القطاع الخاص والقطاع العام, وعندما تصل إلى مستوى التنافسية فلن تحتاج إلى جذب الاستثمار لأنك ستكون جاذبا بالفعل للاستثمار ولن تحتاج حتى إلى الهيئة العامة للاستثمار.
مداخلة الماجد: قبل المداخلة أود أن أحيي الهيئة العامة للاستثمار, والمظاهرة الجيدة التي ظهرت أخيرا باستضافة بيل جيتس وإعلان مشروع قديم لكن أنا أعتقد أن مشروع عشرة في عشرة سيكون له صدى أوسع في مثل هذه التظاهرة الضخمة جدا والتي ستكون حقيقة نتائجها القادمة طويلة جدا, فلهم الشكر. وأتمنى كما ذكر الرشيد أن يتعاون الجميع في هذا البرنامج, ومثل هذه المحافل جيدة لجذب المواطن والمستثمر والقطاع الحكومي والجميع للتفاعل مع هذه التنافسية التي ستؤتي نتائج جيدة, ولكن فيما يتعلق بالخطط المقبلة لجذب الاستثمار فما تقوم به الهيئة العامة للاستثمار بكل تأكيد شيء جبار ونتائجها ستكون طيبة, ولكن ثمة ثلاثة أمور يجب أن نأخذها بعين الاعتبار: أولا يجب أن نعترف بوجود عوائق ونسعى إلى حلها والنقطة الثانية يجب التعامل بشفافية مع المستثمرين وأن يكون هناك جدول لحل العوائق كي يقر الجميع على أن المملكة بيئة جيدة استثماريا ما عدا هذه العوائق.
والنقطة الثالثة موضوع الأنظمة والبيئة الاستثمارية فإذا توافرت هذه فسيكون أمرا جيدا, ونحن فعلا أمام اختبار وتحد كبيرين.
ورزمة كبيرة سوف يأتي بها الاستثمار للجوانب التنظيمية ودورها الإداري والبيروقراطي فهذه حقيقة ستدخل في إيجابيات واسعة على المجتمع السعودي وأخص بالذات النشء والجيل القادم، وأنك تبنى الآن قاعدة قوية تنطلق في فضاء واسع في مجال التنمية بمفهومها الشامل.
السيف: أتصور أن هيئة الاستثمار أمام تحديات كبيرة وفي صراع بين المستثمر والأنظمة، أما بالنسبة للتطور المحلي هل يواكب هذا التطور وهذا الزخم وخاصة البنية التحتية، فكما ذكرت يحتاج لتأهيل المقاول المحلي عبر عدة محاور أولها إجراء دورات تدريبية وتأهيلية للمقاول حتى يواكب التطور، ثانياً دور الغرف التجارية في عمل تكتل اقتصادي تجاري في المنطقة بحيث تستطيع أن تواكب أو تحصل على نصيب الأسد من المشاريع المقبلة، وإذا تمت هذه التكتلات وقد بدأنا في هذا الجانب حيث سننشئ شركة للإنشاء والتعمير كأول مشروع مقبل، وستليه مشاريع أخرى مقبلة, إنشاء الله، هذا نصيب المحلي منها بحيث تستطيع أن تنافس وتدخل مع الشركات القادمة الأجنبية.
أين دور الغرفة التجارية في حائل في مشاركة الهيئة العامة للاستثمار والقطاع الخاص في إيجاد حلول لمعوقات الاستثمار؟
السيف: المعوقات تحتاج إلى قرار من صاحب القرار ولا تملكه غرفة تجارة حائل، وخاصة أن بعض الأنظمة صدرت بمرسوم وقرار، وتعديلها يحتاج إلى قرار أو مرسوم، والأنظمة الحالية ستكون عائقاً أمام الاستثمارات القادمة والدولة توجهها اقتصادي والمشاريع كلها اقتصادية ستفاجأ بمرور الزمن إذا لم تتغير الأنظمة ولم نحقق شيئا يذكر.
الرخيص: أحب أن أشير إلى مبادرة من الهيئة العامة للاستثمار ومدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية في برنامج "شارك"، وهذا البرنامج وقع اتفاقية قبل نحو شهرين مع خالد السيف رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية في حائل، وهذا البرنامج يهدف بالدرجة الأولى إلى رفع جاهزية المقاولين مع التركيز على المقاولين في منطقة حائل ونحن الآن نتفاوض مع الشركة التي تدير المشروع على أن تعطي جزءاً من العقد كدورات تأهيلية للمقاولين وهذا سيسهم, إن شاء الله, في رفع درجة جاهزيتهم.
نقطة أخرى, يوجد موقع على الإنترنت يغطي جوانب كثيرة خاصة بالنسبة للمقاولين في حائل.
وهناك نقطة أخيرة تتعلق بالمستثمرين الأجانب، الأمر الأول من خلال الجولات التي نفذت حتى الآن وبعد أسبوع من قيام خادم الحرمين الشريفين بوضع حجر الأساس للمدينة، كانت جولة الأولى في لندن بصحبة محافظ الهيئة العامة للاستثمار وكانت موجهة للمستثمرين الأوروبيين بعدها أجريت جولات أخرى في أمريكا وأوربا والخليج وماليزيا وسنغافورة وأخيراً في الصين، حقيقة فوجئنا بمدى إقبال المستثمرين الأجانب خصوصا قطاع صناعات مواد البناء وقطاع النقل، وقطاع التصنيع الغذائي، فكانت هناك أمام مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد فرص مغرية جداً يصل في بعض الفرص فيها العائد الداخل للاستثمار إلى نحو 70 في المائة، ولا أريد أن أبالغ، ولكنه نوع من التنافس بين المستثمرين لدراسة هذه الفرص، وأعتقد أن هذه إشارة قوية إلى الجدوى الاقتصادية التي تحملها مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد للمستثمرين الأجانب أو السعوديين.
ما دور المدن الاقتصادية في دعم جاهزية المملكة في الاقتصاد العالمي بعد انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية؟
الرشيد: انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية يعني دخول اقتصاد المملكة في اقتصاديات العالم كما يساعد المنتجات المحلية على التنافس مع المنتجات العالمية، وهي فرصة للمنتج السعودي ودخوله إلى الأسواق الأخرى في حالة وصوله إلى المستوى المنافس.
والمدن الاقتصادية ستحدث هذه النقلة النوعية في تنافسية المملكة بحيث أن القطاع الخاص سيجد جميع الاحتياجات من البنية التحتية، البيئة التشريعية، الكوادر البشرية، ستؤدي البيئة الصحية الاستثمارية لإحداث هذه النقلة لتحسين تنافسية المنتجات التي تنتجها قدرتها على التنافسية العالمية.
البابطين: المدن الاقتصادية سوف تكون عامل جذب للاستثمار الأجنبي لأن الانضمام لمنظمة التجارة العالمية يعطينا ميزة نسبية وبالتالي المستثمر الأجنبي في حاجة إلى وجود هذا الأمر، وهذه المنشآت والبنية التحتية، ميز المدن الاقتصادية أنها سوف تُنشأ من البداية، والآن ستبنى على أفضل متطلبات السوق العالمية الجديدة، نحن لن نعدل في شيء قائم بل ننشئ بيئة استثمارية، أنظمة وإجراءات, ننشئ بنية تحتية وندعو مستثمرين محليين وأجانب, فتكامل العناصر موجود، هذه التي ستعطينا إن شاء الله قوة تنافسية على مستوى العالم.
العقلا: أعتقد أن المملكة لديها جاهزية لو نظرنا إلى بنيتها الاقتصادية، هذا عامل جيد، وأيضاً الثبات والاستقرار السياسي في المملكة وهذا عامل أيضاً يؤخذ في الاعتبار، الموقع كذلك ووقوع المملكة في موقع مميز يتوسط ثلاث قارات هذا بحد ذاته دور، والجانب الديني الذي يعطي للمملكة تميزاً من خلال احتضانها مكة والمدينة وهناك قرابة 1.4 مليار مسلم يرتبطون بالمملكة قبلة تجمع المسلمين، وأعتقد أن انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية يكمل هذه الجوانب, وبالتالي فإن انخراط المملكة في هذه المنظومة الأممية يشكل توجها إيجابيا للاقتصاد السعودي يسمح له بالعطاء والأخذ والتفاعل, ونتوقع أن يكون له دور أكبر في المرحلة المقبلة, وخصوصا بعد تحسين البيئة التنظيمية والتشريعية، وهذا ما يشجع أي مستثمر لأن مساحة التغيير في الوضع الاقتصادي والتنظيمي والتنموي هي كلها عوامل مهيئة جدا, فأعتقد أنها منطقة حيوية تجعل كل مستثمر في العالم ينظر باهتمام إلى المملكة, وتلك حقائق اقتصادية على الأرض وليست عاطفية, ونحن نلمس المتغيرات رغم وجود بعض المعوقات البيروقراطية والمجتمعية.
السيف: النمو الاقتصادي الذي تشهده المملكة الآن والنهضة والتغيير الحاصل في أسعار النفط, هذا حافز كبير لجذب الاستثمار, وعندنا استقرار سياسي, وآخر قرار صدر قبل نحو شهر هو تأسيس هيئة البيعة, ما يعد زيادة أكبر في مجال الاستقرار, والاطمئنان للمستثمر القادم للاستثمار في المملكة.
تم الإعلان عن توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الخاصة بمدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية, ما أبرز المشاريع التي تم التوقيع عليها وما معايير اختيارها؟
الرخيص: تم توقيع نحو 52 مذكرة تفاهم واتفاقية حتى الآن, وهذه الاتفاقات في مجال الصناعات الغذائية, وفي صناعات البناء تم التوقيع على مذكرات تفاهم ولكن أعتقد أن خلال الفترة القليلة المقبلة سيتم توقيع مجموعة اتفاقيات في مركز صناعات البناء الأساسية والتحويلية.
وفي مجال التعليم تم التوقيع على اتفاقيات رائعة, ومجموعة من الاتفاقيات المهمة بمليارات الريالات, وأعتقد أن هذا مؤشر واضح على الجدوى الاقتصادية والميزة الاستثمارية التي توفرها مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل سواء للمستثمرين المحليين أو الأجانب, أما المعايير فهي معايير تنافسية, نستثمر في الصناعات التي نعتقد أننا نملك فيها ميزة تنافسية على المدى البعيد, أيضا ميزة ديمومة بحيث لا تكون مشاريع ذات أجل قصير أي لا تستطيع الصمود الطويل في المنافسة العالمية.
مداخلة البابطين: من المشاريع المهمة التي سعى المطورون إلى إيجادها في المدينة دراسة إيجاد بورصة للمنتجات الزراعية والحيوانية في حائل, وهذه بالنسبة إلى الهيئة العامة للاستثمار عنصر مهم لأننا نهيئ المملكة لتكون قاعدة فاعلة لتوسيع السلع والمواد, فوجود هذه السوق التي ستكون يومية لتسلم كل المنتجات من المزارع المحلي أو من الدول المجاورة, حيث إنه لا توجد سوق حاليا يومية لكل منتج حسب كمياته, سواء هذا المشروع الصغير أو الشركة المساهمة الكبيرة يستطيعون أن يأتوا بمنتجاتهم يوميا ومن يشتري منهم هم كبار الموردين أو المصدرين أو المصنعين فلا يوجد منتج سيتعرض للتلف نتيجة عدم وجود مشتر, لأن المتبع حاليا أن كل منتج زراعي لا يستهلك فإنه يفسد, الأمر الثاني أن هناك قيمة مضافة تشكل عامل جذب للمزارع الموجود مثلا في سورية أو تركيا الذي لا يملك إمكانات للتصنيع أن ينقلها بالقطار أو بالشاحنة والمستثمر في المدينة الصناعية يستفيد منها ولديه قيمة مضافة فيصنع ويغلف ويعلب ويعيد توزيعه في المنطقة, ونحن في كل مدينة اقتصادية نتعرف على نوعية السلع التي تناسبها وفق موقعها الجغرافي ونختار هذه السلع وتكون لدينا مراكز متعددة في المملكة ننطلق منها لكل منطقة وأريد أن أشير إلى أننا في هيئة الاستثمار سعداء بالشراكة مع المطورين في مدينة حائل لأن مستوى المهنية والسخاء في إعداد الكوادر عالي المستوى، ونسعد بهذا النوع من التعاون ونقدره, ونتائج النجاح الذي تم في حائل يعود بصراحة للمطورين الرئيسيين وشركائهم الذين أعطوا بسخاء كل ما يحتاج إليه المشروع.
ونعتز أيضا بالتعاون مع الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل برئاسة الأمير سعود بن عبد المحسن أمير المنطقة وبالتنسيق الكامل مع محافظ الهيئة العامة للاستثمار مما ساعد على إنجاز هذا المشروع في فترة وجيزة.

الأكثر قراءة