شراكة جديدة بين الخصمين السابقين "مايكروسوفت" و"نوفيل"
فاجأت شركة مايكروسوفت عملاق صناعة البرمجيات في العالم الجميع بتغير مفاجئ في الرأي والموقف و السياسة بعد أن أعلن رئيس مجلس إدارتها ستيف بالمر اتحادا مع شركة نوفيل الأمريكية المنافسة التي تقدم نظام التشغيل لينوكس . وعلى أثر الشراكة الجديدة سجلت أسهم الشركة ارتفاعا في قيمتها بنسبة 16 في المائة فيما وقعت في المقابل أسهم شركة
( ريد هات ) التي تعتبر من أقوى المنافسين في سوق لينوكس تحت الضغط.
وحتى قبيل إعلان الاتحاد كانت نظام لينوكس يمثل الصورة العدوانية في نظر "مايكروسوفت" حتى أن رئيس مجلس الإدارة ستيف بالمر كان في الماضي يصف نظام التشغيل بأنه أحد أكبر التهديدات لأعمال الشركة.
فاستخدام نظام لينوكس لا يكلف أي رسوم للحصول علي ترخيص بل هو نظام تشغيل مجاني و البرنامج يمكن تحميله حتى من الإنترنت بصورة مجانية. وتعمل رابطة منتشرة في جميع أنحاء العالم من المبرمجين المستقلين على تطوير هذا النظام بصورة متواصلة.
الشركات التي تعمل على طرح نظام التشغيل لينوكس مثل شركة ريد هات ونوفيل (اختلاف الشركات في تقديم نظام التشغيل يظهر في اختلاف أوامر التشغيل والعمل في برامج النظام) لا تحقق الأرباح من تقديم البرنامج نفسه بل من خلال أعمال الصيانة والخدمة المتعلقة به. هذا وبدأت الشركة الأمريكية نوفيل بتوجيه استراتجيتها نحو لينوكس فقط منذ الأعوام الماضية القليلة، وكانت في مطلع عام 2004 قد استحوذت على الشركة الألمانية "سوسي لينوكس" Suse Linux.
وقد شهد نظام التشغيل لينوكس في الآونة الأخيرة انتشارا متزايدا بين الشركات، وخاصة في مجال الاستخدام كنظام تشغيل لأجهزة الشبكات الحاسوبية كما تستخدم العديد من الشركات كلا النظامين ( ويندوز ) و (لينوكس) في مراكزها الحاسوبية . وحسب معلومات أفادت بها وكالة أبحاث التسويق جارتنر كانت نسبة أجهزة شبكات الحاسوب التي بيعت خلال العام الماضي والمزودة بنظام التشغيل لينوكس 21 في المائة. وردا على هذه النتيجة, قال فولكر سميد المدير العام لمنطقة أوروبا الوسطى لدى شركة نوفيل :"هذه الأرقام لا تعكس على الإطلاق الأبعاد الكلية لتطور الشركة" وأضاف :"جزء كبير من شبكات الكمبيوتر المباعة تخرج من المصنع أصلا من دون أي نظام تشغيل على الإطلاق"، ولهذا السبب لا يمكن تثبيت أرقام وكالة الأبحاث جارتنر على أنها الرقم الفعلي لعدد شبكات الكمبيوتر التي تعمل بنظام التشغيل لينوكس. وأفاد سميد أن "ميكروسوفت" تعمل حاليا عبر تلك الشراكة على تهيئة نفسها بالحقيقة الواقعية الراسخة عند الزبائن، ولهذا السبب يدور الجزء الرئيس من الاتحاد المعقود أخيرا حول محور العمل على تنظيم تعاون سلس بين "لينوكس" و"ويندوز".
ومن أجل الوصول إلى تلك الغاية يستوجب الأمر تحقيق توافق متفاهم للبرنامج المكتبي المجاني أوبن أوفيس Open Office مع برنامج معالجة النصوص أوفيس Office من "مايكروسوفت". وهذا يعد الجزء الوحيد من الشراكة المعقودة الذي سيخدم في المستقبل زبائنها أيضا. علاوة على ذلك أبدت ميكروسوفت التزامها بعدم بذل أية جهود في ملاحقة قانونية ضد انتهاك حقوق براءة الاختراع لبرنامج التشغيل سوسي لينوكس من قبل المستعملين للنظام.
فقد كانت ميكروسوفت في الماضي قد لمّحت مرات عديدة بطريقة أو بأخرى بأنها تفكر في اتخاذ الإجراءات القانونية للملاحقة. هذه الإشارات على احتمالية إقامة دعاوى قانونية جعلت حتى هذه اللحظة العديد من الشركات، وفق ما أفاد به خبراء في هذا القطاع، لا تقبل على استخدام لينوكس. في المقابل ستجعل ميكروسوفت شركة نوفيل تتكفل ضمن إطار الاتحاد بدفع ما يترتب على التنازل عن إقامة الدعاوى.
هذا ولم يتم ذكر أي تفاصيل مالية أخرى، ولا حتى حول صفقات أخرى تمثل جزءا من الاتحاد بين الشركتين. من هذه الصفقات هي قيمة مشاركة "مايكروسوفت" في مبيعات "نوفيل" من منتجات "لينوكس" التي يبيعها قسم التسويق في الشركة لزبائنه. ومن جانب آخر ستواصل "مايكروسوفت" مبدئيا تركيز جهودها التسويقية على منتجاتها من البرمجيات الخاصة بشبكات الحاسوب.
وتعتبر الأعمال في قطاع برامج شبكات الحاسوب من أقوى أعمدة شركة مايكروسوفت. ففي السنة المالية 2005 / 2006 استطاعت "مايكروسوفت" زيادة حجم تعاملاتها في قطاع برامج شبكات الحاسوب بنسبة 15 في المائة ليصل إلى 9.65 مليار دولار، وهو ما يعادل 22 في المائة من إجمالي حجم تعامل المجموعة.