الحفاظ على البيئة ليس من بين اهتمامات تكنولوجيا المعلومات

الحفاظ على البيئة ليس من بين اهتمامات تكنولوجيا المعلومات

الحفاظ على البيئة ليس من بين اهتمامات تكنولوجيا المعلومات

ترى هل تلوث أجهزة الكمبيوتر البيئة ؟ قليل من الناس هم الذين يخطر على بالهم مثل هذا السؤال. إذ أن محركات السيارات، ومداخن المصانع ومحطات توليد الطاقة تبدو أكثر إشكالية من هذه الناحية. ولكن منتجي تكنولوجيا المعلومات أيضا بحاجة لمناقشة شؤون البيئة. وقد بدأت تسمع في بعض مناطق السوق بوضوح نقاشات حول البيئة. غير أن أحدا من منتجي الحواسيب لم يستخدم حتى الآن موضوع الحفاظ على البيئة كأداة من أدوات التسويق.

وفي الحقيقة أن ثمة ما يكفي من الأسباب, فعلى سبيل المثال تستخدم المراكز التقليدية أكثر من 60 في المائة من الطاقة لتبريد شبكات المستقبلات العاملة في هذه المراكز. وكثير من منظمات تكنولوجيا المعلومات تنفق على الطاقة ما بين 4 و8 في المائة, وفي بعض الحالات 10 في المائة, من إجمالي ميزانياتها لتكنولوجيا المعلومات. إن منتجي الشرائح الإلكترونية مثل شركتي AMD وإنتل قد تفاعلوا مع هذه القضية, وقد استطاعت شركة (AMD ) في هذا السياق أن تحقق سبقا على منافستها شركة إنتل المسيطرة على الأسواق, من حيث إنها أدركت في وقت مبكر مشكلة الطاقة مما مكنها من إنتاج رقائق أكثر أداء بقدر أقل من الطاقة.

ومثال آخر على المشكلات البيئية التي ينبغي على قطاع تكنولوجيا المعلومات أن يتعامل معها هو التخلص من الحواسيب الشخصية، فوفقا لدراسة أجرتها وكالة البحوث التسويقية (جارتنر) سوف يستبدل المستهلكون في السنوات الخمس المقبلة ما يزيد على 800 مليون جهاز كمبيوتر شخصي سيتم التخلص من 64 في المائة منها على الأقل, أي 512 مليون جهاز. ومن الواضح أن أكثر من ثلثي هذه الحواسيب الشخصية التي سيتم التخلص منها لن يجري تدويرها بصورة منظمة وبما يضمن الحفاظ على البيئة, وإنما سيلقى بها في مكبات القمامة أو يجري تخزينها في مكان ما.

ولكن منتجي أجهزة الكمبيوتر الشخصي مصابون بنوع من الشلل فيما يتعلق بالبيئة, ذلك لأن السوق تسيطر عليه منافسات حادة في مجال الأسعار, مما يجعل المنتجين عرضة لضغوط الهامش. ويقول ستيف برينتس أحد المحللين في وكالة جارتنر : " على خلاف مشغلي المراكز الحاسوبية, فإن قضايا البيئة لا تكاد تشغل بال الشخص العادي وهو يسعى للحصول على جهاز حاسوب جديد " غير أن هذا الموقف كان يمكن أن يتغير لو أن المنتجين الأوائل للحاسوب اكتشفوا كيفية استخدام موضوع البيئة كأداة تسويقية. ويرى برينتس أن ثمة سببا آخر يدعوهم لعمل ذلك, فهو يقول: "إذا اختارت صناعة الحواسيب التلكؤ في إطلاق مبادراتها, فستجد نفسها مساقة من قبل الهيئات التشريعية".

وعند ذلك سيكون السياسيون فجأة في وضع يمكنهم من التأثير على التطور التقني في سوق تكنولوجيا المعلومات وهو ما لم يحدث حتى الآن إلا في حالات استثنائية. وهذا بالطبع, كما يقول جارتنر, لن يكون موضع ترحيب من قبل المنتجين, ولهذا سيكون من الأفضل لهم أن يبادروا بالتمهيد للتشريعات الضرورية. ففي الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال سيوضع موضع التنفيذ ابتداء من كانون الثاني (يناير) 2007 قانون موحد ينظم بشكل دقيق طرق التخلص من الأجهزة الكهربائية والإلكترونية. ومن الجدير بالذكر أنه يوجد في ألمانيا منذ منتصف العام الماضي حاويات توفرها السلطات البلدية خصيصا للتخلص من الخردوات الكهربائية. وفي ألمانيا أيضا تعتقد شركة فوجيتسو – سيمنز, الرائدة في السوق الألمانية, أن عليها أن تستعد منذ الآن للأنظمة القانونية القادمة. ويقول المسؤولون في الشركة : "إن أنظمتنا الرفيقة بالبيئة أصبحت أشبه ما تكون بالمعيار المعتمد في أوروبا, بل إننا نسبق بخطوة واحدة عملية تشريع القوانين في الاتحاد الأوروبي في هذا المجال". ولا بد من الإشارة إلى أن سياسة الشركة في مجال البيئة تستند إلى خطوط عامة تتعلق بعمليات التجميع وقابلية المنتجات للتفكيك بسهولة واستعمال مواد غير سامة, وبما يتفق وما هو منصوص عليه في شهادات البيئة. كما أن التوجهات المستقبلية للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بخردة الأجهزة الإلكترونية والتعامل بالمواد الخطرة يجري العمل بموجبها بهمة ونشاط منذ الآن. ويقول المسؤولون في الشركة "نحن حاليا الشركة الوحيدة التي لا تستخدم ولو جراما واحدا من الرصاص في منتجاتها". ولكن ترى هل جميع الزبائن على علم بذلك؟ أي أن هذه الميزة لا يجري استغلالها كما ينبغي.

وهنالك شركة أخرى كان يمكن أن تقوم بدور رائد في هذا المجال ولكنها لم تفعل حتى الآن, على الأقل من وجهة نظر الرأي العام.
يقول برينتيس: "إن شركة أبل تبدو وكأنها الأكثر استجابة, في تصميم منتجاتها، لرغبات زبائنها ", وهو يعتقد أن التزام شركة أبل بالقضايا البيئية كان يمكن أن يؤدي " لتوسيع السوق بشكل مثير للاهتمام". غير أن "أبل" لم تستغل هذه الفرصة حتى الآن. ومع ذلك فثمة إشارة عابرة في موقع الشركة على شبكة الإنترنت تحت عنوان "أبل والبيئة", تتضمن استحسانا لتزايد عمليات إعادة تدوير الخردة بشكل يتوافق مع البيئة, والتحول عن الشاشات التقليدية, والتراجع المتواصل في استهلاك الطاقة.

وكذلك الحال بالنسبة لشركتي ديل وهيوليت باكارد فلا بد من محاولة إيجاد رابط في موقعيهما على شبكة الإنترنت بين أنشطتهما والبيئة. والحقيقة أن شركة ديل تبذل جهدها في إصدار تقرير سنوي ضخم, وفي وضع أداة تخطيط على شبكة الإنترنت تستطيع المراكز الحاسوبية أن تستخدمها في السيطرة على استهلاكها من الطاقة. أما بالنسبة لشركة هيوليت باكارد فهي تصدر ما تسميه " تقرير المواطنة العالمية " الذي يتناول أيضا موضوعات البيئة كما يتضمن برنامجا دراسيا في البيئة للمدارس الأميركية.

ويعرب برينتس عن قناعته بأن: "الضغوط المالية والبيئية ستجبر جميع مقدمي خدمات تكنولوجيا المعلومات على الاهتمام بمشكلات الطاقة", والأمر هنا يتعلق على سبيل المثال بتخفيض غازات الكربون والاحتباس الحراري, واستخدام مصادر الطاقة المتجددة وإعادة استخدام المواد التي يمكن الانتفاع بها من جديد.

الأكثر قراءة