الفن التشكيلي التونسي يرصد الواقع بأساليب متنوعة
الفن التشكيلي التونسي يرصد الواقع بأساليب متنوعة
ترصد الأنشطة الثقافية والفعاليات الفنية مساحة العمل الإبداعي، وتشكل منطلقا للتواصل بين الأمم والشعوب، وتتيح مجالا لتبادل الخبرات والتجارب في المجال الإبداعي، كما أنها تعكس مدى الاهتمام والحرص على تقديم صورة حية راهنة لواقع المشهد الثقافي الذي تعيشه البلدان، وما شاهدناه في الأيام الثقافية التونسية التي استضافتها وزارة الثقافة والإعلام في مركز الملك فهد الثقافي على مدى أربعة أيام، ما هو إلا دليل على أهمية فتح الآفاق أمام المبدعين، والتعريف بالمستوى الثقافي، والتاريخ العريق، والحاضر المتألق.
جاءت هذه التظاهرة لتضم نماذج من الإبداعات التونسية في مختلف المجالات كالأمسيات الشعرية والمحاضرات الأدبية، والعروض السينمائية، والفنون الشعبية، وكذلك جناح الفنون التشكيلية والخط العربي. ضم الجناح التشكيلي قرابة 30عملا تنوعت أساليبها واختلفت مدارسها، فكانت الأعمال تصور التجربة التشكيلية التونسية، وتقدم نماذج لمسيرة الفنان بما يحمله من أفكار وأحاسيس استقاها من الثقافة المتراكمة مع مرور الزمن وما طرأ عليها من تغيرات وتداخل مع الثقافات الغربية، إلا أن ذلك لم يبعده عن الثقافة العربية و الإسلامية، هذا المعرض كبقية المعارض الجماعية كان ذات طابع خاص مليء بالتميز والمتعة الفنية، فكانت الطبيعة حاضرة بجمالها الخلاب، وكذلك قدم الفنانون نماذج من الحياة اليومية التي يعيشها الشعب التونسي من فلوكلور وأهازيج، ورقصات شعبية، فاللوحة ليست بعيدة عن الجانب التاريخي، فهي إلى جانب القيمة الفنية ترصد الواقع وتقدمه بأسلوب مغاير يجمع المتعة الفنية مع البعد الزمني، لتوفر فضاء تشكيليا بدلالات كبيرة، دون الاعتماد على الأسلوب التسجيلي المباشر بحثا عن الاستقلالية في الشكل الفني، وتطلعا لمواكبة المتغيرات التي تطرأ بشكل مستمر على الفنون العالمية، وإلى جانب ذلك معرض الخط العربي الذي ضم نماذج تاريخية لآيات قرآنية يعود بعضها إلى القرن الثاني والثالث الهجري، ونماذج من إبداعات الخطاطين التونسيين الذين رأوا الجمال في تكوين الحرف العربي، واستطاعوا أن يحولوا حروفه المقروءة إلى لوحة فنية تجذب الأنظار على اختلاف اللغات فأضحى لغة بصرية عالمية.
الجدير بالذكر أن الفن التشكيلي التونسي له تاريخ طويل حيث أقيم أول معرض تشكيلي في عام 1894م برعاية معهد قرطاج الذي عمل على تقديم الأنشطة الثقافية للفرنسيين في تونس، ومن ذلك انطلق الفنان التونسي ليؤسس حركة تشكيلية محلية مبتعدا عن التأثير الغربي، باحثا عن حرية التعبير الذاتي والاستقلالية في العمل الفني، فظهرت تجارب غنية أكدت حضورها وخصوصيتها على خريطة الفن التشكيلي المحلي والدولي.