عام حزن سوق الأسهم .. الخطوة القادمة
عام حزن سوق الأسهم .. الخطوة القادمة
على هامش عام حزن سوق الأسهم السعودية، والحسرة على ضياع الاستثمارات الضخمة التي تطايرت قضاء وقدرا، وجب على النخب الوطنية المخلصة التفكير الجاد في أولويات الاستثمارات التي تسهم بشكل فاعل في دفع عجلة التنمية، والتركيز على الصناعات التي تعزز من قيمة الإنسان وتبني الوطن. إنه من المحزن فعلا أن توجه معظم السيولة المالية لدى المستثمرين المحليين إلى استثمارات في أسواق مالية أو عقارية من دون أن يكون هناك رؤية للاستثمار في الصناعات المتعلقة بالتقنية والبرمجيات وخدماتها المختلفة، حيث تتميز هذه الصناعة عن الصناعات الأخرى بتزايد الاحتياج إليها والاعتماد عليها، ولا تتطلب شركات عملاقة، بل لا تتطلب أجهزة ومعدات وأصول باهظة الثمن. كما أنها متداخلة وتخدم جميع الصناعات والأنشطة الاقتصادية والتجارية الأخرى.
إن بلادنا حباها الله بإمكانيات مادية وبشرية تؤهلها لأن تتبوأ مكانة عالية في هذه الصناعة، وسيجد كثير من شبابنا ذكورا وإناثا فرصا متميزة للعمل، حيث تفتح هذه الصناعة الكثير من الوظائف لاعتمادها على العنصر البشري. بل إن هذه الوظائف تتمتع بمستوى اجتماعي مناسب، وتتطلب تعليما وتدريبا وتأهيلا عاليا، وبطبيعة الحال فإن هذه الوظائف تتميز بالدخل المرتفع الذي يتناسب مع طموحات الشباب ويجعلهم قادرين على العيش في المدنية الحديثة ومتطلباتها الكثيرة.
إن صناعة البرمجيات والشروع فيها والتخطيط لها يزيد من الكفاية المحلية وتخفيض الاستيراد في هذه المجالات، بل وفتح آفاق التصدير. ولعلني أشرت بشيء من التفصيل في مناسبة سابقة إلى أن مؤشرات الحاضر والمستقبل تدل على أن استثمار العقول والإمكانيات البشرية هو أفضل استثمار وبخاصة في هذه الصناعة التي تعتبر فرصة مواتية للبلدان التي تفتقر إلى مقومات الصناعة الأخرى.
إن على الدولة والنخب المتخصصة تشجيع استثمار رأس المال الجريء في صناعة تقنية المعلومات بشكل كبير، بحيث يتكون لدينا شركات وطنية كبيرة على مستوى وكفاءة عاليين، تقف موقف النّد لمثيلاتها في البلدان المتقدمة. بل لا بد من السعي لتكوين شركات استثمار رأس المال الجريء الوطنية وعدم الاكتفاء والاتكال على الشركات الأجنبية رغم تقديرنا البالغ لها.
إن وجود هذا التوجه، وتوفر الدعم والتحفيز من الجهات الحكومية بما لا يتعارض صراحة مع أنظمة منظمة التجارة العالمية، سيعطي هذه الشركات المحلية القدرة على تلبية الحاجة المحلية إلى منتجات تقنية المعلومات في المجالات المتعلقة بخدمات الإدارة الإلكترونية في القطاع الخاص والعام وبالتعليم، والترفيه، وأمن المعلومات، وغيرها من المجالات التي لعله من الضروري إنتاجها محليا لأسباب اجتماعية وثقافية وأمنية. بالطبع فإن اعتراف واعتبار الدولة تقنية المعلومات "صناعة" سيكون من أكبر المحفزات للمستثمرين لخوض غمار هذه الصناعة.