التعلم الإلكتروني صفر في مدارسنا .. والطلاب يحرمون التقنية.. التربية لا حراك!

التعلم الإلكتروني  صفر في مدارسنا .. والطلاب يحرمون التقنية.. التربية لا حراك!

ارتقت الأمم على سلم النهضة والتطور وتبارت لاختراع الجديد المفيد والتباهي به بين أقرانها بفعل استفادتها من كل متحضر متطور معتنية بالتكنولوجيا والتقنية وإقحامها في برامجها.
وكان لقطاع التعليم الحظوة الأولى تقنيا في العالم أجمع، ليتطور الطالب فكرا وينمو العلم ويزدهر، فبزغ الاختراع وبرز الموهوبون، فلا تكاد برهة من الزمن تمضي إلا والاختراعات تتتابع.
ولأن قطاع التعليم والاهتمام به هو طريق النجاح في الدول فإننا للأسف لم نع أن زمن الورقيات جفت أيامه في زمن التكنولوجيا حتى أضحينا نغرد خارج السرب وغيرنا يتقدم يخطو ويبتكر ويزداد لمعانا، ولا غرو في أن تصنف جامعاتنا متأخرة عن العالم بأسره!
والمأساة أن يحرم الطالب من التطور التقني العلمي الذي يشهده العالم، ونجبره على التعلم على طريقة الآباء والأجداد، وكأننا نعيش في عصور سابقة بالقلم والورقة والطباشير رغم توافر كل الإمكانات.
"الاقتصادية" إيماناً منها بأهمية الاستفادة من التقنية في التعليم فتحت باب التحقيق عن التعلم الإلكتروني الذي لا يزال يسمع عنه الكثير دون أن يراه، وهل فعلاً سنراه في مدارسنا؟ ولماذا اغتيل في بعض المدارس حين ولد؟ وما عوائق تطبيقه. إلى المحصلة.
قال خالد الزامل، مشرف في قسم تقنيات التعليم والاتصال في إدارة تعليم الرياض: نحن الآن نشرف على جزء مهم من التعلم الإلكتروني وهو مشروع رائع وممتاز، ورغم أنه ناجح ومطبق في كثير من الدول النامية إلا أنه وللأسف فاشل لدينا لأنه لا يتابع ولا يهتم به رغم أهميته البالغة".
وواصل حديثه: نحتاج إلى خطة للتدريب من وزارة التربية والتعليم وتعميمها على إدارات التعليم في المناطق، فيكون هناك مستند رسمي يساند هذه الاجتهادات ليصبح التعلم آليا يؤدي فيه الحاسوب مع الطالب كل شيء فيجد أهداف الدرس، معلومات مساندة، معلومات تعليمية، أدوات حسابية فيقوم الطالب بالاستنتاج ووضع الحلول ثم يقفل الملف باسم مجموعة ثم يسحب المعلم الملف ويصحح ما فيه من أخطاء ويعيده للطالب، وقد يحمل الاثنان المعلم والطالب المواضيع والواجبات في المنزل.
وأضاف: حالياً نشرف على 15 مدرسة في الرياض تجرب التعلم الإلكتروني، ولكن للأسف نسبة النجاح (صفر)، مع أننا دربنا مشرفين ومعلمين إلا أن بعضهم قال لي إنها لا تخدم الطالب ولا تظهر قدراته.
واقترح ألا يطبق التعلم الإلكتروني في جميع المواد، ولكن يطبق في جزئيات في مواد دراسية مثل الرياضيات والعلوم بحيث ندمج التقنية في التعليم دون إحلالها بالكامل حتى تنجح التجربة لأن تطبيقها بالكامل صعب جداً في ظل ظهور طلاب كثر وعدم إجادة المعلمين الحاسب الآلي.
وأشار قائلاً: حرام نحرم الطلاب من التقنية التي يشهدها العالم ولو مرة واحدة يشاهدون كيف تتعلم عن طريق هذه التقنية.
واعتبر كثير من المعلمين بدواعي الإخلاص في العمل يرفضونها لأنهم يعتبرونها لا تحرك المهارات، لذا نحن مازلنا نخاطب المسؤولين بأن المعلم يحتاج إلى من يدفعه حتى ولو بإلزاميتها من وزارة التربية والتعليم.
وفي صلب الموضوع، أوضح محمد العتيبي مدير قسم التعلم الإلكتروني في إدارة تعليم منطقة الرياض، أن التعلم الألكتروني متعدد الجزئيات فمنه الفصول الذكية، التعليم المبرمج، الكتاب الألكتروني، ولعل أشمله القدرة على التعليم عن طريق الإنترنت (التعلم عن بعد).
وشدد على أن التعلم الإلكتروني بصورته المثالية لم يطبق حتى الآن وما زال ضعيفا، ويحتاج إلى خطة وميزانية نبدأ بها من الآن كخطة خمسية مثلاً، حيث تعتبر الجهود المبذولة في هذا التعلم فردية من بعض إدارات التعليم أو بعض المدارس.
وتابع: نحن الآن نرسم تصورا لوضع موقع شامل للتعلم الإلكتروني، بينما بناؤه متروك لمن لديه القدرة على ذلك، وقد نطرحه على المدارس الأهلية لأنه حتى الآن غير ملزم تطبيقه في المدارس الحكومية، وموقفنا دعم أي تجربة من أي مدرسة تنشأ هذه الفصول وحتى الشركات حيث تعكف حالياً إحدى الشركات على تفعيل موقع لنشر تجربتهم الإلكترونية في التعليم بإشراف مباشر منها ومن ثم يقومون بتسويق البرامج بمقابل مادي.
واعتبر أن تطبيق التعلم الإلكتروني في المدارس وفي مختلف المناطق سيحدث نقلة تعليمية واقتصادية على المدى الطويل، مضيفا: يستطيع الطالب في منزله حفظ دروسه وحل واجباته، وكذا طلاب المنازل يؤدون تعليمهم وكأنهم منتظمون وبذلك تقل التكلفة المادية من أعداد المدرسين، الدفاتر، الأقلام، المباني المدرسية وحتى الغرف الأخرى المستخدمة كوسائل تعلم.
في السياق ذاته، استغرب محمد حمد المانع رجل أعمال من سلبية وزارة التربية والتعليم في إشراك القطاع الخاص في قضايا الخدمية التطويرية، لافتا إلى أن بعض المستثمرين ورجال المال والأعمال على استعداد تام لتبني العديد من المشاريع التربوية ومنها مشروع التعلم الإلكتروني.
وتابع: أبنائي متمكنون من الإحاطة بأساسيات وفروع جهاز الحاسب الآلي، ويستخدمونه في أغراض لا تخدم دراستهم، ولو ركزت الوزارة على استخدام تقنية الحاسب في التعلم لاستفاد كل الطلاب لمواكبة العصر.
وروى المانع قصة أوردها له أحد أبنائه قائلا: ناقشت ابني في إحدى جلساتي معه حول يومه الدراسي، فرد متضايقا: تعبت في كتابة بحث لأحد المعلمين ولما قدمته له، عاتبني وقال لي: لماذا تحضر البحث مطبوعا باستخدام الجهاز، وأعده واكتبه بيدك مستخدما الورقة والقلم. وأضاف: هل تتقدم الأمم ونحن نتراجع، بدلا من تشجيع الطالب على جهده واستخدامه التقنية الواضحة يؤنبه المعلم ليكون رجعيا وعلى طريقة القدماء.
واختتم رجل الأعمال حديثه مطالبا: أرجو من وزارة التربية والتعليم أن تحرك العقول الراكدة استثماريا، وألا تجتهد لوحدها في بناء المشاريع التربوية كي لا تحتمل ما لا تطيقه، وأتمنى أن تشرك القطاع الخاص في مشروع ضخم يخدم التعلم الإلكتروني".
من جهته، اعتبر حسن جبران آل قحل مدير إحدى المدارس الابتدائية شرقي الرياض، تطبيق التعلم الإلكتروني غير ناجح لعدة أسباب أهمها تغييبه إعلاميا، متعجبا من إهماله كمشروع يوصل الأمم إلى سلم المجد بعد أن سخرت التكنولوجيا لصالح طلابها.
وأضاف: من أسباب عدم تعميمه وتفعيله بنجاح ندرة الكفاءات التدريبية وكذا صعوبة تطبيقها من المعلمين في ظل ضغط الحصص وحاجة هذا التعليم إلى الإعداد الوقتي للأجهزة، وأيضا كثرة أعداد الطلاب داخل الفصل الواحد ما يصعب مهمة دخول الأجهزة لديهم بدلا من نقلهم إلى غرف أخرى قد يحتاج إليها بعض المعلمين في مواد أخرى.
وأبان أيضا نحن الآن في مبنى مستأجر وغرفها ضيقة وكذا مساحتها وتسليك الكهرباء بها لا يخدم لجلب أجهزة يتعلم عليها الطلاب إلكترونيا.
وحتى نستقصي الفئة الأهم في التعلم الإلكتروني وهم الطلاب ومدى تقبلهم له طرحنا الفكرة على الطالب أحمد المطرود في المرحلة الثانوية في إحدى المدارس الأهلية التي تطبق جزئيات من هذا التعلم فقال: أي شيء جديد سواء كان سلبيا أو إيجابيا صعب أن يتقبله الطالب سريعا وربما يفشل سريعا، مثل إحلال التعلم الإلكتروني بشكل مفاجئ فيجب أولا أن يمر بمراحل تدريجية تمهيدية حتى يتقنه الطالب جيدا.
وعن تجربتهم قال: تطبقه مدرستنا في مادتي الكيمياء والفيزياء وبعد نهاية كل باب نستمع لشرح إلكتروني مع الأسئلة غير أنها لا تتم بطريقة متقنة تشد الانتباه.
ووصف الطالب المطرود تجربتهم الإلكترونية بالفاشلة، وقال: نحتاج إلى معلمين متدربين على هدا النوع من التعلم بدلا من تخبطهم أمام الأجهزة وضياع وقت الحصة حتى تنتهي ليتعرف على بعض الأمور.
من جانبه، وقال الطالب ثامر غرم الله الغامدي: أنا من وجهة نظري الخاصة أن التعلم الإلكتروني لم يفشل فشلا ذريعا، وإنما تعثر بمعوقات منها حاجته للإدارة السليمة ما يقلل اهتمام الطلاب فيه.
وأكد أن تجربتهم في المدرسة لم تنجح بسبب عدم تلقي هذا النوع من التعلم قبولا لدى الطلاب خاصة أنه في بداية تنفيده وعدم منح الأنشطة اللاصفية الاهتمام المطلوب مما صعب تطبيقه من الجهتين الملقي والمتلقي.
ولخص في نهاية حديثه سببين مهمين لضمان نجاحه، أولهما وجود الإدارة السليمة وثانيهما وجود التغطية الإعلامية له لنقل تجارب المدارس للجميع للاستفادة منها.

الأكثر قراءة