على الصحف الاعتراف بحصة الإنترنت الإعلانية ومساحتها
"ويب 2.0 هي بداية عهد الإنترنت الحقيقي"، هذا ما يقوله تيم أوريلي مكتشف ويب 2.0 والتي تتضمّن أكثر بكثير من المحتويات الشخصية على صفحة يوتيوب – Youtube. وتُعتبر شبكة ويب 2.0 تحولاً جذرياً في صناعة الإنترنت. "والشركات، التي تحظى بنجاح في شبكة ويب 2.0، كلها تعمل على المبدأ نفسه: فهم يستخدمون الإنترنت كقاعدة، ويوظّفون الذكاء المركّب أو التجميعي لمستخدمي الإنترنت، ولديهم مدخل إلى مصدر بيانات واحد وفريد، ولا يمكن نسخه أو تقليده". إن شبكة ويب 2.0 تعرض المرحلة الثالثة في تاريخ صناعة الكمبيوتر.
يقول أوريلي: لقد بدأ هذا العصر بما قدمته شركة آي بي أم - IBM من أجهزة الكمبيوتر وكابلات السيرفر الكبيرة تلاه عصر "مايكروسوفت" التي طرحت أجهزة الكمبيوتر الشخصية والآن يمكن أن نطلق عليه عصر جوجل، مضيفا أن عهد مايكروسوفت كمجموعة للبرمجيات انتهي، بما أن قاعدة الإنترنت دوماً أفضل من الاستخدامات الفردية، التي كبُرت بها "مايكروسوفت" إلى حدٍ بعيد.
ورائدة الإنترنت تملك تصوّراً واضحاً، أي من الشركات قادرة على كسب المنافسة حول شبكة ويب 2.0. "إن جوجل تملك أفضل الفرص، لأنها تحظى بأكبر ديناميكية اقتصادية. وأمازون المجهول الأكبر. إن الشركة ليست قوية جداً من ناحية اقتصادية، ولكنها تحظى بالتصوّر الأوضح حول أن تكون مزوّدة لقاعدة. وحتى "مايكروسوفت" لا يمكن للمرء أن يعدّها في الإنترنت، لقد أدركت أين تكمن التحديات، ولكنها تواجه مشكلة، التي واجهتها "آي بي أم" من قبل: عليها أن تعمل على تحوّل أنماطها التجارية"، حسبما ورد عن أوريلي.
إن سرّ الشركات الناجحة: هي وحدها التي تستخدم الشبكة بجميع نتائجها. على سبيل المثال، أصبحت تقنية البحث لدى جوجل أفضل من أي محرك بحث لدى غيرها، لأن الشركة تسمح للمستخدمين بتقييم صفحات الإنترنت. وحتى أمازون، أثبتت نفسها كشركة تجارية للكتب عبر شبكة الإنترنت، لأنها تمكنت من صنع بنك للمعلومات لشركتها عن طريق تقييمات الكتب البالغ عددها عدة ملايين عن زبائنها بصورة لا تُضاهى. ولا يمكن لغيرها من شركات الإنترنت الكبيرة البقاء جنباً إلى جنب مع هذا التقدّم: ويقول أوريلي: "تُعتبر شركة إيباي - Ebay شركة تزويد مهمة، ولكنها ليست مصدراً للتحديث. لقد عملت إيباي على مقايضة الكثير من التطورات التكنولوجية."وتوقع أن يتم بيع الشركة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة إذا لم تتحالف مع شركة أخرى.
وحتى الكثير من شركات شبكة ويب 2.0 القوية مثل "ديليشيس- Del.icio.us" لا يمكن أن ينالها التهديد "إن السوق تعمل على تطهير نفسها، وويب 2.0 سوف تعتمد بصورة واضحة على بعض شركات الإنترنت الكبرى. وهذا بالضبط ما يحدث الآن، هو الذي حدث في موجة الإنترنت الأولى: حيث تزيد الشركات الكبرى من عقبات الدخول إلى السوق أمام شركات التزويد الصغيرة، أو تعمل على الاستحواذ عليها. والنمط التجاري لكثير من مشغّلات ويب 2.0 الآن يعتمد على أن يتم شراؤها من قبل الشركات الكبرى"، حسبما ورد عن أوريلي.
وإحدى علامات الحماسة تجاه مجتمعات الإنترنت الجديدة، تذكّره بفقاعة مضاربة جديدة. "من جديد يتدفق الكثير من مال المستثمرين في بعض المشاريع. ومن جديد يوجد المزيد من المؤسسين، الذين يأملون بأن يكونوا قد اكتشفوا الشيء الكبير اللاحق في الإنترنت. ولكننا ما نزال بعيدين جداً عمّا كنا قد وصلنا إليه في عام 2000"، حسب توضيحات أوريلي، حيث تعلمت الصناعة اليوم من المراكز السابقة حينها لفقاعة المضاربة في البورصات.
"برغم أن الكثير من الأموال أُديرت بصورة خاطئة، بالفعل برزت في هذه الأثناء أشياء جوهرية جداً. وهذا يظهر اليوم في بعض الأنماط التجارية الناجحة جداً. ونسي الكثير من الناس، بأن الفقاعات جزء طبيعي من التطورات التقنية. وحتى في صناعة الكمبيوترات الشخصية، شوهدت هذه التطورات في بداية التسعينيات"، حسب ما ورد عن أوريلي. وحتى في التقنية الأفضل، يكمن فرق آخر مع موجة الإنترنت الأولى الكبرى في عام 1999/2000: "إن التقنية اليوم أرخص بكثير. ويتم تأسيس الشركات اليوم برأسمال بضعة مئات الآلاف قبل أن تنمو الشركات وتصبح قيمتها بالملايين " وفق ما قال أوريلي.
والمصدر الرئيسي لشركات شبكة ويب 2.0 هي الإعلانات. ولكن لا بد من تطوير أشكال الإعلان المناسبة أولاً. "ستبرز صناعة جديدة، التي تحقق أفلاماً للقواعد على الشبكة مثل يوتيوب، وفيها تمتزج الإعلانات والتسلية. ستعمل الشركات على عرض أفلام مسلية مع منتجاتها، التي يمكن أن تجد الكثير من المعجبين بها على قاعدة يوتيوب. وبهذا الأسلوب يمكن أن يتم تزويد الإعلانات دون خسارة البعثرة. ويمكن أن يتم توصيل الأفلام مزوّدة بكثير من المعلومات الإضافية"، حسب توقعات أوريلي.
إن استخدام الذكاء المركّب لمستخدمي الإنترنت يفتح الكثير من الفرص الجديدة لهذه السوق. "صفحات الاقتصاد الاجتماعي، مثل – ثريدليس- Threadless – تأخذ مشاركات وأصوات المستخدمين حول التصاميم المطرّزة أو الملصقة على السترات والقمصان القصيرة. وعندما يحظى أحد التصاميم بأصوات كافية، يتم إنتاج القميص مباشرةً بالتصميم المصوّت له. أنا أعتقد، أن هذا النوع من "الإنتاج في الوقت المناسب" سوف يتزايد بقوة في المستقبل حتى في الصناعات الأخرى من بين مساهمات الزبائن، حسب ما ورد عن أوريلي. إن أهمية مدونات الشبكة، التي تُدعى البلوج، تبقى ذات قيمة مبالغ بها فيما يتعلّق بالتسويق. "والبلوج مهمة للتسويق، ولكنها ليست مهمة جداً كما يعتقد البعض. أنا أعتقد بأن تصريح بيان الأدلة المتسلسلة، وهو عبارة عن مجموعة من الإجراءات المتسلسلة المتعلّقة بنطاق العمل يتضمنها بيان واحد، والذي يشير إلى أن الأسواق عبارة عن مناقشة، وهذا بالفعل صحيح. ولكن يوجد ببساطة القليل من المدونات الرقمية، التي تحظى بدائرة قرّاء كبيرة"، حسبما ورد عن أوريلي.
من وجهة نظره، سوف تؤثّر شبكة ويب 2.0 في الأوساط الإعلامية التقليدية أيضاً. ويقول :"على الصحف المطبوعة أن تكتشف ما الذي يجب أن تتخلى عنه لصالح طبعات الانترنت والكثير من المسائل قد تمت تغطيتها فعلياً. ولهذا عليها أن تكرّس نفسها، على ما لا يقدر عليه الغير: قصص استكشافية وتعليقات. وإلى جانب هذا، عليها أن تحقق بنية هيكلية للمدونات الرقمية، والمحتويات بكل أشكالها، التي يتم وضعها من قبل المستخدمين. وعلى سبيل المثال، يمكن للصحف المحليّة أن تؤسس صفحات إنترنت لاتحاداتها الرياضية، وبالتالي يمكن للمستخدمين هناك أن يضعوا بأنفسهم الصور والتقارير الرياضية. أو يمكن للصحف أن تحاول تأسيس صفحات الإنترنت للمدونات الرقمية، لتتمكن من ربط المستخدمين بمحتوياتها. وبهذه الطريقة، تنشأ الصحف الاجتماعية.
وبالفعل فإن هذا الطريق سليم، ولكنه قاس أيضاً، بما أن الصحف تعتمد على تكاليف باهظة تشكّل عقبات. والتي لا بد أن يتم القضاء عليها، قبل أن تتمكن الصحيفة من إيجاد نفسها على نحوٍ جديد، برغم أن آي بي أم – IBM في السابق لم تبرز على نحوٍ مختلف. ولكن ستتمكن كبرى الصحف من النجاح، حيث إنها لديها فرص جديدة، على سبيل المثال عن طريق برامج الإعلانات من جوجل. وهذا يربط الإعلان في الصحف بصورة موجّهة لبعض المجموعات، ذات الاهتمامات المشتركة بالضبط كما في الإنترنت. وهذا من الممكن أن يكون مصدراً جديداً للإيرادات للصحف"، حسب توقعات أوريلي.