زيادة استثمارات مؤسسات الدعم المالي الخاصة في الدول النامية
بسبب موجة الاستحواذ والاندماج بين الشركات تصاعدت الاستثمارات المباشرة للشركات الأجنبية خلال عام 2005 بسرعة نمـو واضحة حيث بلغ مجموع الرساميل المتدفقة على النطاق العالمي خلال العام الماضي نحو 916 مليار دولار. وبينما تزايدت قيمة الرساميل المشتركة التي انصبت بالدرجة الأولى في الدول الصناعية بنسبة 37 في المائة شهدت الدول النامية ارتفاعا في الرساميل هذه بنسبة 22 في المائة لتصل بذلك إلى 334 مليار دولار. وهذه تعتبر أعلى قيمة تحققها مجموعة الدول هذه على الإطلاق. ولم تفت هذه الطفرة الاقتصادية حتى الدول الفقيرة في القارة الإفريقية، حيث استطاعت بعض الدول هناك أن تحقق نموا ملموسا وإن كان على مستوى متدنٍ.
هذه النتائج جاءت في تقرير الاستثمار السنوي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتطوير (أونكتاد) لعام 2006, وقال التقرير إن الاستثمارات المباشرة استقرت في العام الماضي فوق الحد الأدنى لها الذي بلغته قبل ثلاثة أعوام بقيمة الثلث، لكنها مع ذلك لم تتجاوز القيمة القياسية التي وصلت إليها في عام 2000، في آخر ثورة اقتصادية شهدها العالم، حيث بلغت قيمة الاستثمارات المباشرة آنذاك ما يقارب 1.4 مليار دولار. وتعد الاستثمارات المباشرة أفضل مؤشر لمدى تأثير العولمة في الاقتصاد العالمي، حيث إنها تعطي الدلائل الواضحة على حركة تنقل الأيدي العاملة إلى الدول ذات الأجور المتدنية.
وتتوقع منظمة أونكتاد زيادة الاستثمارات المباشرة الأجنبية في العام الجاري بصورة ملحوظة. هذه التوقعات جاءت بناء على زيادة صفقات الاستحواذ والاندماج بين الشركات على المستوى العالمي بنسبة 39 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي. وفي عصر أخذت أسعار الأسهم فيه تتصاعد تشكل تلك الصفقات أهمية أكثر لعمليات تنقل الرساميل بين الدول من أهميتها لتأسيس الشركات.
وخلال العام الماضي فقط تم استغلال ثلاثة أرباع الاستثمارات المباشرة الخاصة في عمليات الاستحواذ على الشركات ولتمهيد الطريق لصفقات اندماج في الدول الأجنبية. وقد ذكرت منظمة أونكتاد في تقريرها أن هناك ما يقارب 6200 صفقة بحجم رأسمال بلغ نحو 716 مليار دولار. وتقارب هذه القيمة تلك القيمة القياسية التي وصلت إليها آخر طفرة اقتصادية مرت بها البورصات العالمية، حيث بلغ حجم رأسمال الاستثمارات المباشرة نحو 834 مليار دولار. كما كادت أيضـا قيمة الصفقات الضخمة المعقودة لشراء شركات, التي بلغت 141 صفقة بسعر يزيد على مليار دولار، أن تلحق بالقيمة القياسية المسجلة في عام 2000، حيث بلغ عدد صفقات التملك في ذلك الوقت 175 صفقة.
فإذا كانت الشركات والمجموعات الكبيرة هي التي كانت تتربع على عرش صفقات الاستحواذ في السابق، نجد في الوقت الحالي مؤسسات الدعم المالي (القطاع الخاص) والشركات المساهمة هي التي بدأت تغزو سوق الاستثمارات المباشرة. فوفق توقعات منظمة أونكتاد للأمم المتحدة أنفقت تلك المؤسسات في مجال الاستثمارات الأجنبية المباشرة ما يقارب 135 مليار دولار، وهذا يمثل خمس المبلغ الذي تم استثماره في صفقات الاستحواذ على الشركات في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من أن مثل تلك الشراكات في رساميل تتم في غالب الأمر بالحصول عليها واستثمارها في الوقت نفسه في الدول الصناعية فقط، تعمل الآن في المقابل مؤسسات الدعم المالي من كثب على الاستثمار في الدول النامية بصورة متزايدة. وتتوقع "أونكتاد" أن يتم في عام 2005 استثمار عشر الرساميل تلك خارج إطار الدول الصناعية، وكذلك عقد ثلث جميع الصفقات هناك.