ضعف التصميم والاحتياطات الإضافية ترفع تكلفة الهيكل الإنشائي للمساكن
نتطرق في تقرير اليوم إلى أحد العناصر الرئيسة في المسكن السعودي, ألا وهو الهيكل الإنشائي المستخدم في بناء المساكن والذي يعتبر الأكثر انتشارا. كثير من المواطنين بل والمهندسين يعتقدون أن هناك مبالغة كبيرة في استخدام الحديد والخرسانة في ظل التزايد المستمر لسعر هاتين المادتين حيث تضاعف سعر الحديد خلال أربع سنوات وزادت أسعار الأسمنت بشكل كبير مما أدى إلى ارتفاع كبير في تكلفة البناء.
"الاقتصادية" التقت عددا من المختصين حيث طرحت مجموعة من الأسئلة حول استخدام الأسلوب الإنشائي السائد. وهل الأسلوب المستخدم في البناء هل يعتبر هو الأفضل؟ وكيف يمكن إيجاد أنظمة إنشائية أخرى أقل تكلفة؟ وما نسبة الهدر في استخدام هذه الأساليب؟ المهندس عبد الله الثروة ذكر أن المشكلة يجب أن ننظر فيها بشكل أشمل وأكمل، ويعتقد أن المشكلة لا تكمن في ارتفاع أسعار مواد البناء ولكنها تكمن في عدم التنفيذ بطريقة التنفيذ الشامل، ولو وجد مطورون ومستثمرون يقومون بتنفيذ شامل للأحياء لما اضطر كل مواطن إلى بناء مسكنه بنفسه.
ويشير المهندس الثروة إلى أن الأنظمة الأخرى ربما لا تجدي نفعا نتيجة التنفيذ الانفرادي، مضيفا "المواطنون ترتفع عليهم التكاليف بشكل كبير والسبب أن طريقة البناء الذي يقوم بها الأفراد هي المشكلة في حد ذاتها ولو بناء أحياء متكاملة وقام المطورون باستخدام هذا الأسلوب لأمكن أن نقضي على كثير من المشاكل التي يشتكي منها كثير من المواطنين إذ إن ذلك ليس فقط يقلص الهدر في المواد ولكن يطرح للمطورين البدائل الأكثر اقتصادية. وليس ذلك فقط في مجال الهيكل الخراساني وإنما ذلك سوف ينعكس على جميع البنود التي يمكن أن يصل فيها حتى إلى تأثيث المسكن. وعندما يتم شراء عدد كبير من الأبواب ويتم تصنيعها بطريقة قياسية فهذا سوف يخفض التكاليف وربما إلى أكثر من النصف. وهذا ينطبق على جميع البنود فلماذا يأتي التركيز على أسعار مواد البناء دون النظر في قضية التنفيذ الشامل الذي تتنافس فيه الكثير من الدول حيث إنه الطريقة الوحيدة لخفض التكاليف والسيطرة على الجودة. ويدعو المهندس الثروة المطورين والمستثمرين إلى الدخول في هذا المجال حيث يعتبر فرصة كبيرة لاستثمارها واستغلالها الاستغلال الأمثل دون التركيز على الأسلوب السائد أي تخطيط وتقسيم الأراضي بشكل انفرادي".
من جهته، يعتقد المهندس محمد الجبر أن فكرة التنفيذ الشامل فكرة مثالية ولكن في الوقت الحاضر ربما تكون حالمة وهو يعتقد أن طريقة البناء الحالية بها الكثير من المبالغة في طريقة الخراسانات ويؤيد الرأي الذي يقول إن هناك مبالغة كبيرة في تصميم الهيكل الخراساني. ويعزو ذلك إلى أن المهندسين ربما بالغوا في ذلك نظرا إلى الرغبة في الاحتياط تخوفا من طريقة التنفيذ التي تقوم بها العمالة السائبة ودون إشراف مكاتب هندسية، وكذلك تتم بواسطة مقاولين عديمي الخبرة فكثير من المكاتب الهندسية تحمي نفسها من هذه المبالغة. ويعتقد المهندس الجبر أن قيام شركات متخصصة في البناء لديها الكفاءات العالية هي الوسيلة الوحيدة للتأكد ما إذا كانت هناك مبالغات كبيرة في أعمال الخرسانة وكذلك أعمال المنشآت.
ويرى المهندس الجبر إن الوضع السائد في البناء هو وضع مزر اختلط به الحابل بالنابل وأن عدم وجود الاحتياطات اللازمة ربما تؤدي إلى مشاكل لا تحمد عقباها. ويؤكد الجبر أن أخطر ما في الأمر أن عملية البناء تركت بلا حسيب ولا رقيب ولا توجد أي طريقة للإشراف والتأكد منها وان هذا الأمر راجع ومتروك للملاك الذين كثيرا ما يستخسرون المبالغ البسيطة لعملية للإشراف وعندما تحصل الكارثة – لا سمح الله – فإن كل طرف يبدأ بإلقاء المسؤولية على الطرف الآخر وتضيع المسؤولية بسبب عدم وجود إشراف واضح يتأكد من سلامة التطبيق فلا المالك وضع مشرفا ولا المقاول يملك الخبرة ولا الجهات البلدية مسؤولة من قريب أو من بعيد عن هذا الأمر. وأشار إلى أن الوضع القائم غير مقبول أبدا ويطالب الجهات المختصة بتحديد مسؤولية الإشراف على البناء لدورين فأكثر.
من جانبه، قال فهد الزهراني "إنني أبني مسكناً صغيراً وقد دفعت أكثر من مائة ألف ريال قبل أن يظهر البناء على وجه الأرض ومع أن الأرض صخرية فإن حجم القواعد الميدات الأرضية وكذلك الأعمدة يمكن أن تكفي أكثر من خمسة أدوار. ويقول إنني لست مهندسا ولكنني لدي قناعة بأن الخراسانات والحديد في منزلي البسيط يبدو أنه مبالغ فيه للغاية وبالطبع لن أغامر بإنقاص الحديد أو الخرسانة ولكنني أتساءل: من المسؤول عن ذلك؟ هل علينا أن ندفع الأموال الطائلة وندفنها في الأرض؟ لماذا لا توجد جهة معينة تحمي المواطنين من مبالغات المهندسين". ويقول المهندس عبد الله الصالح إن الأمانة وضعت تعهدا قاسيا للغاية تلزم المكتب الهندسي بسلامة التصاميم الإنشائية المقدمة وأنه مسؤولاً شرعا عن تلك التصاميم دون أن تلزم الملاك بالإشراف على هذه التصاميم. ويرى أن هذا التعهد غير متوازن فلماذا يلزم المصمم بسلامة الصميم؟ ومن يضمن أن المقاول قام بتنفيذ المطلوب على الوجه الأكمل؟ وما قيمة المخططات؟ وأيضا ما قيمة التعهد في حالة عدم التأكد من الالتزام بالتصاميم المقدمة مما يضطر المكاتب الهندسية أن تزيد في نسبة الأمان في تصاميمها؟ وهذا بالتأكيد سوف يكون على حساب المواطن ولو كان الأمر مختلفا بإلزام المكاتب الهندسية بمذكرة إنشائية تقدم بواسطة برامج الحاسب لكان هذا الحل هو الأكثر سلامة وعملية إضافة إلى إلزام الملاك بالإشراف وتطبيق تلك المخططات التي تقدمها المكاتب الهندسية. ويعتقد الصالح أن الطريقة القائمة لا تحقق الأمان ولا التوفير للمواطن وإننا بحاجة إلى نظام متكامل في قضية الإشراف والبناء .